| حديث وشرحه (متجدد) | |
|
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
الوعد الحق المـــــــــــــــــــدير العــــــــــــــــــــــام
عدد المساهمات : 16600 نقاط : 51530 تاريخ التسجيل : 17/03/2011
| موضوع: رد: حديث وشرحه (متجدد) الإثنين 2 أبريل 2018 - 15:22 | |
| عن عبد الله بن مسعود قال قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ مِنّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ، أَوْ شَقّ الْجُيُوبَ. أَوْ دَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيّةِ". رواه مسلم يسن لمن أصيب بمصيبة أن يصبر لحديث: (إنما الصبر عند الصدمة الأولى) والمعنى: إذا وقع الثبات عند أول شيء يهجم على القلب ويكون من مقتضيات الجزع فذلك هو الصبر الكامل الذي يترتب عليه الأجر. كما ينبغي له كذلك أن يسترجع، وهو قول القائل (إنا لله وإنا إليه راجعون) لحديث أم سلمة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني من مصيبتي واخلف لي خيراً منها إلا أجره الله في مصيبته وأخلف له خيراً منها، قالت فلما توفي أبو سلمة قالت: مَنْ خير من أبي سلمة صاحبِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت ثم عزم الله لي فقلتها: اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها، قالت فتزوجت رسول الله صلى الله عليه وسلم . رواه أحمد ومسلم وابن ماجه. أما ما يفعله البعض من لطم الخدود أو تمزيق الملابس أو التمرغ في التراب أو وضعه على الرأس فإنه منهي عنه. وقوله: (ليس منا ) أي ليس من أهل سنتنا وطريقتنا وليس المراد به إخراجه من الدين وفائدة إيراد هذا اللفظ المبالغة في الردع عن الوقوع في مثل ذلك، كما يقول الرجل لولده عند معاتبته: لست منك ولست مني، أي ما أنت على طريقتي. وحكي عن سفيان أنه كان يكره الخوض في تأويل هذه اللفظة، ويقول ينبغي أن نمسك عن ذلك ليكون أوقع في النفوس وأبلغ في الزجر، وقيل: المعنى ليس على ديننا الكامل، أي أنه خرج من فرع من فروع الدين، وإن كان معه أصله، حكاه ابن العربي . وقوله (من ضرب الخدود) خص الخد بذلك لكونه الغالب وإلا فضرب بقية الوجه مثله. وقوله (وشق الجيوب) جمع جيب وهو ما يفتح من الثوب ليدخل فيه الرأس، والمراد بشقه إكمال فتحه إلى آخره وهو من علامات السخط. قوله (ودعا بدعوة الجاهلية) وهي زمن الفترة قبل الإسلام أي نادى بمثل ندائهم الغير الجائز شرعاً كأن يقول واكهفاه واجبلاه، فقد كان من عادتهم أن الرجل إذا غلب في الخصام نادى بأعلى صوته يا آل فلان لقومه فيبادرون لنصره ظالماً أو مظلوماً. فكل ذلك منهي عنه، والسنة الصبر والاسترجاع كما قدمنا. والله أعلم. | |
|
| |
الوعد الحق المـــــــــــــــــــدير العــــــــــــــــــــــام
عدد المساهمات : 16600 نقاط : 51530 تاريخ التسجيل : 17/03/2011
| موضوع: رد: حديث وشرحه (متجدد) الثلاثاء 3 أبريل 2018 - 15:24 | |
| عَنْ عَبْدِ اللّهِ. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم "إِذَا كُنْتُمْ ثَلاَثَةً فَلاَ يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الآخَرِ. حَتّىَ تَخْتَلِطُوا بِالنّاسِ. مِنْ أَجْلِ أَنْ يحْزِنَهُ" [رواه مسلم ].
هذه من آفات المجالس ومن خطوات الشيطان ليفرق بين المسلمين ويوغر صدر بعضهم على بعض وقد قال عليه الصلاة والسلام مبينا الحكم والعلة " إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى رجلان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس أجل أن ذلك يحزنه " . ويدخل في ذلك تناجي ثلاثة دون الرابع وهكذا ، وكذلك أن يتكلم المتناجيان بلغة لا يفهمها الثالث ، ولا شك أن التناجي فيه نوع من التحقير للثالث أو إيهامه أنهما يريدان به شرا ونحو ذلك . وفيه مخالفة لما توجبه الصحبة من الألفة والأنس وعدم التنافر ومن ثم قيل إذا ساررت في مجلس فإنك في أهله متهم، والنهي للتحريم عند الجمهور فيحرم تناجي اثنين دون الثالث أي بغير إذنه إلا لحاجة. وقال في الرياض: وفي معناه ما لو تحدثا بلسان لا يفهمه. والله أعلم. | |
|
| |
الوعد الحق المـــــــــــــــــــدير العــــــــــــــــــــــام
عدد المساهمات : 16600 نقاط : 51530 تاريخ التسجيل : 17/03/2011
| موضوع: رد: حديث وشرحه (متجدد) الأربعاء 4 أبريل 2018 - 15:36 | |
| [عن ابن عباس (رضي الله عنهما) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى قال إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك، فمن همَّ بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها كتبها الله عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، وإن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها كتبها الله سيئة واحدة] رواه البخاري ومسلم. انظر يا أخي وفقنا الله وإياك إلى عظيم لطف الله تعالى، وتأمل هذه الألفاظ، فقوله (عنده) إشارة إلى الاعتناء بها، وقوله (كاملة) للتأكيد وشدة الاعتناء بها، وقال في السيئة التي هم بها ثم تركها كتبها الله عنده (حسنة كاملة) فأكدها بـ (كاملة) وإن عملها كتبها سيئة واحدة، فأكد تقليلها بـ (واحدة) ولم يؤكدها بـ (كاملة) فلله الحمد والمنة، سبحانه لا نحصي ثناء عليه، وقال شراح هذا الحديث: هذا حديث شريف عظيم بين فيه النبي (صلى الله عليه وسلم) مقدار تفضل الله عز وجل على خلقه: بأن جعل هم العبد بالحسنة وإن لم يعملها حسنة، وجعل همه بالسيئة إن لم يعملها حسنة، وإن عملها سيئة واحدة، فإن عمل الحسنة كتبها الله عشراً، وهذا الفضل العظيم بأن ضاعف لهم الحسنات ولم يضاعف عليهم السيئات، وإنما جعل الهم بالحسنات حسنة لأن إرادة الخير هو فعل القلب لعقد القلب على ذلك فإن قيل: كان يلزم على هذا القول: أن يكتب لمن هم بالسيئة ولم يعملها سيئة، لأن الهم بالشيء عمل من أعمال القلب أيضاً، قيل: ليس كما توهمت، فإن من كف عن الشر فقد فسخ اعتقاده للسيئة باعتقاد آخر نوى به الخير، وعصى هواه المريد للشر، فجوزي على ذلك بحسنة، وقد جاء في حديث آخر: [إنما تركها من جرائي]أى من أجلي، وهذا كقوله (صلى الله عليه وسلم):[على كل مسلم صدقة قالوا: فإن لم يفعل؟ قال: فليمسك عن الشر فإنه صدقة] فأما إذا ترك السيئة مكرهاً على تركها أو عاجزاً عنها فلا تكتب له حسنة، وللسلف اختلاف في أي الذكرين أفضل: ذكر السر، أو ذكر العلانية؟ هذا كله قول ابن خلف المعروف بابن بطال، وقال صاحب الإفصاح في كلام له: وإن الله تعالى لما صرم هذه الأمة أخلفها على ما قصر من أعمارها بتضعيف أعمالها فمن هم بحسنة احتسب له بتلك الهمة حسنة كاملة، لأجل أنها همة مفردة، وجعلها كاملة لئلا يظن ظان أن كونها مجرد همة تنقص الحسنة أو تهضمها: فبين ذلك بأن قال [حسنة كاملة] وإن هم بالحسنة وعملها فقد أخرجها من الهمة إلى ديوان العمل، وكتب له بالهمة حسنة ثم ضوعفت، يعني: إنما يكون ذلك على مقدار خلوص النية وإيقاعها في مواضعها، ثم قال: بعد ذلك إلى أضعاف كثيرة هنا نكرة، وهي أشمل من المعرفة، فيقتضي على هذا أن يحسب توجيه الكثرة على أكثر ما يكون ثم يقدر، ومن ذلك أيضاً: أن فضل الله تعالى يتضاعف بالتحويل في مثل أن يتصدق الإنسان على فقير بدرهم، فيؤثر الفقير بذلك الدرهم فقيراً آخر هو أشد منه فقراً، فيؤثر به الثالث رابعاً، والرابع خامساً وهكذا فيما طال فإن الله تعالى يحسب للمتصدق الأول بالدرهم عشرة، فإذا تحول إلى الثاني انتقل ذلك الذي كان للأول إلى الثاني، فصار للثاني عشرة دراهم وللأول عن عشر مئات، فإذا تصدق بها الثاني صارت له مائة، وللثاني ألف وللأول ألف ألف، وإذا تصدق بها صارت له مائة وللثاني عشرة آلاف، فيضاعف إلى ما لا يعرف مقداره إلى الله تعالى، ومن ذلك أيضاً أن الله سبحانه وتعالى إذا حاسب عبده المسلم يوم القيامة وكانت حسناته متفاوتة فيها الرفيعة المقدار، وفيها دون ذلك، فإنه سبحانه بجوده وفضله يحسب سائر الحسنات بسعر تلك الحسنة العليا، لأن جوده جل جلاله أعظم من أن يناقش من رضي الله عنه في تفاوت سعر بين حسنتين، وقد قال جل جلاله ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون كما أنه إذا قال العبد في سوق من أسواق المسلمين لا إله إلا الله وحده لا شريك له... إلى آخره رافعاً بها صوته، كتب الله له بذلك ألفي ألف حسنة، ومحا عنه ألفي ألف سيئة، وبنى له بيتاً في الجنة على ما جاء في الحديث، وهذا الذي ذكرناه إنما هو على مقدار معرفتنا لا على مقدار فضل الله سبحانه وتعالى، فإنه أعظم من أن يحده أو يحصره خلق. | |
|
| |
الوعد الحق المـــــــــــــــــــدير العــــــــــــــــــــــام
عدد المساهمات : 16600 نقاط : 51530 تاريخ التسجيل : 17/03/2011
| موضوع: رد: حديث وشرحه (متجدد) الخميس 5 أبريل 2018 - 15:37 | |
| عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ؟" قَالُوا: اللّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ" قِيلَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ؟ قَالَ: إِن كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ، فَقَدِ اغْتَبْتَهُ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ، فَقَدْ بَهَتّهُ" رواه مسلم. معنى الغيبة: أن تذكر أخاك الغائب بما يكرهه إذا بلغه، سواء كان نقصاً في بدنه، كالعمش، والعور، والحول، والقرع، والطول، والقصر، ونحو ذلك.أوفي نسبه، كقولك: أبوه هندي أوفاسق، أوخسيس، ونحو ذلك.أوفي خلقه كقولك، هو سيئ الخلق بخيل متكبر ونحو ذلك. أوفي ثوبه، كقولك: هو طويل الذيل، واسع الكم، وسخ الثياب. والدليل على ذلك، أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم سئل عن الغيبة قال: "ذكرك أخاك بما يكره". قال: أرأيت إن كان في أخي ما أقول يا رسول الله؟ قال: "إن كان في أخاك ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته". واعلم أن كل ما يفهم منه مقصود الذم، فهو داخل في الغيبة، سواء كان بكلام أو بغيره، كالغمز، والإشارة والكتابة بالقلم، فإن القلم أحد اللسانين. وأقبح أنواع الغيبة، غيبة المتزهدين المرائين، مثل أن يذكر عندهم إنسان فيقولون: الحمد لله الذي لم يبتلنا بالدخول على السلطان، والتبذل في طلب الحطام، أو يقولون: نعوذ بالله من قلة الحياء، أو نسأل الله العافية، فإنهم يجمعون بين ذم المذكور ومدح أنفسهم. وربما قالا أحدهم عند ذكر إنسان: ذاك المسكين قد بلى بآفة عظيمة، تاب الله علينا وعليه، فهو يظهر الدعاء ويخفى قصده. واعلم: أن المستمع للغيبة شريك فيها، ولا يتخلص من إثم سماعها إلا أن ينكر بلسانه، فإن خاف فبقلبه وإن قدر على القيام، أو قطع الكلام بكلام آخر، لزمه ذلك.وقد روى عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: من أذل عنده مؤمن وهو يقدر أن ينصره أذله الله عز وجل على رؤوس الخلائق" وقال صلى الله عليه وآله وسلم: "من حمى مؤمناً من منافق يعيبه، بعث الله ملكاً يحمى لحمه يوم القيامة من نار جهنم"ورأى عمر بن عتبة مولاه مع رجل وهو يقع في آخر، فقال له: ويلك نزه سمعك عن استماع الخنا كما تنزه نفسك عن القول به، فالمستمع شريك القائل، إنما نظر إلى شر ما في وعائه فأفرغه في وعائك، ولو ردت كلمة سفيه في فيه لسعد بها رادُّها كما شقي بها قائلها. | |
|
| |
الوعد الحق المـــــــــــــــــــدير العــــــــــــــــــــــام
عدد المساهمات : 16600 نقاط : 51530 تاريخ التسجيل : 17/03/2011
| موضوع: رد: حديث وشرحه (متجدد) الجمعة 6 أبريل 2018 - 17:20 | |
| [عن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا تحاسدوا، ولا تناجشوا ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخواناً، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يكذبه ولا يحقره، التقوى ههنا ـ وأشار إلى صدره ثلاث مرات ـ بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه] [رواه مسلم]
قوله [لا تحاسدوا] الحسد: تمني زوال النعمة، وهو حرام، وفي حديث آخر[ إياكم والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب أو الخشب] فأما الغبطة فهي تمني حال المغبوط من غير أن يريد زوالها عنه، وقد يوضع الحسد موضع الغبطة لتقاربهما كما قال النبي (صلى الله عليه وسلم):[لا حسد إلا في اثنتين]أي لا غبطة، قوله ولا تناجشوا أصل النجش: الخداع، ومنه قيل للصائد (ناجش) لأنه يختل الصيد ويحتال له، قوله [ولا تباغضوا] أي لا تتعاطوا أسباب التباغض: لأن الحب والبغض معان قلبية لا قدرة للإنسان على اكتسابها، ولا يملك التصرف فيها، كما قال النبي (صلى الله عليه وسلم) [هذا قسمي فيما أملك فلا تؤاخذني فيما تملك ولا أملك] يعني الحب والبغضاء، والتدابر: المعاداة، وقيل المقاطعة، لأن كل واحد يؤتى صاحبه دبره. قوله [ولا يبع بعضكم على بيع بعض] معناه أن يقول لمن اشترى سلعة في مدة الخيار: افسخ هذا البيع وأنا أبيعك مثله أو أجود بثمنه، أو يكون المتبايعان قد تقرر الثمن بينهما وتراضيا به ولم يبق إلا العقد، فيزيد عليه أو يعطيه بأنقص، وهذا حرام بعد استقرار الثمن، وأما قبل الرضى فليس بحرام، ومعنى [وكونوا عباد الله إخواناً] أي تعاملوا وتعاشروا معاملة الإخوة ومعاشرتهم في المودة والرفق والشفقة والملاطفة والتعاون في الخير مع صفاء القلوب والنصيحة بكل حال، قوله [المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره] الخذلان: ترك الإعانة والنصرة، ومعناه: إذا استعان به في دفع ظالم أو نحوه لزمه إعانته إذا أمكنه ولم يكن له عذر شرعي. قوله [ولا يحقره] هو بالحاء المهملة والقاف: أي لا يتكبر عليه ويستصغره، قال القاضي عياض، ورواه بعضهم بضم الياء وبالخاء المعجمة وبالفاء: أي لا يغدر بعهده ولا ينقض أيمانه، والصواب المعروف هو الأول قوله (صلى الله عليه وسلم) [التقوى ههنا وأشار إلى صدره ثلاث مرات] وفي رواية:[إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم] معناه أن الأعمال الظاهرة لا تحصل التقوى، وإنما تقع التقوى بما في القلب من عظمة الله تعالى وخشيته ومراقبته، ونظر الله تعالى أي رؤيته محيطة بكل شيء. ومعنى الحديث والله أعلم: مجازاته ومحاسبته، وأن الاعتبار في هذا كله بالقلب. وله [بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم] فيه تحذير عظيم من ذلك، لأن الله تعالى لم يحقره إذ خلقه ورزقه، ثم أحسن تقويم خلقه، وسخر ما في السموات وما في الأرض جميعاً لأجله، وإن كان له ولغيره فله من ذلك حصة، ثم إن الله سبحانه سماه مسلماً ومؤمناً وعبداً، وبلغ من أمره إلى أن جعل الرسول منه إليه محمداً (صلى الله عليه وسلم)، فمن حقر مسلماً من المسلمين فقد حقر ما عظم الله عز وجل، وكافيه ذلك، فإن من احتقار المسلم للمسلم: أن لا يسلم عليه إذا مر، ولا يرد عليه السلام إذا بدأه به، ومنها: أن يراه دون أن يدخله الله الجنة أو يبعده من النار، وأما ما ينقمه العاقل على الجاهل، والعدل على الفاسق، فليس ذلك احتقاراً للمسلم، بل لما اتصف به الجاهل من الجهل، والفاسق من الفسق، فمتى فارق ذلك راجعه إلى احتفاله به ورفع قدره. | |
|
| |
الوعد الحق المـــــــــــــــــــدير العــــــــــــــــــــــام
عدد المساهمات : 16600 نقاط : 51530 تاريخ التسجيل : 17/03/2011
| موضوع: رد: حديث وشرحه (متجدد) السبت 7 أبريل 2018 - 16:38 | |
| عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَرْبَعٌ مَنْ كُنّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقا خَالِصا. وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خلّةٌ مِنْهُنّ كَانَتْ فِيهِ خلّةٌ مِنْ نِفَاقٍ. حَتّى يَدَعَهَا: إِذَا حَدّثَ كَذَبَ. وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ. وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ. وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ"
[رواه مسلم]. النفاق هو أن يظهر الإنسان خلاف ما يبطن, والحديث يذكر لنا أربعا من صفات المنافقين، من تحققت فيه هذه الصفات جميعا كان منافقا خالصا، ومن تخلق بصفة من هذه الصفات كانت فيه صفة من صفات المنافقين وصاحبها شبيه بالمنافقين في هذه الخصال ومتخلق بأخلاقهم، ويكون نفاقه في حق من حدثه ووعده وائتمنه وخاصمه وعاهده من الناس، لا أنه منافق في الإسلام فيظهره وهو يبطن الكفر، ولم يرد النبيّ صلى الله عليه وسلم بهذا أنه منافق نفاق الكفار المخلدين في الدرك الأسفل من النار. وقوله صلى الله عليه وسلم: "كان منافقا خالصا" معناه شديد الشبه بالمنافقين بسبب هذه الخصال، قال بعض العلماء: وهذا فيمن كانت هذه الخصال غالبة عليه، فأما من يندر ذلك منه فليس داخلاً فيه، فهذا هو المختار في معنى الحديث. وقوله صلى الله عليه وسلم: "وإن خاصم فجر" أي مال عن الحق وقال الباطل والكذب. قال أهل اللغة: وأصل الفجور الميل عن القصد. وقد ورد أيضا في صفات المنافقين أحاديث أخر تحدد صفاتهم بثلاث لا بأربع كالحديث الذي رواه أَبو هُرَيْرَةَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاَثٌ: إِذَا حَدّثَ كَذَبَ. وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ. وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ". ولا منافاة بين الروايتين، فإن الشيء الواحد قد تكون له علامات كل واحد منهن تحصل بها صفته، ثم قد تكون تلك العلامة شيئا واحدا وقد تكون أشياء، فقوله صلى الله عليه وسلم: "وإذا عاهد غدر" هو داخل في قوله: "وإذا اؤتمن خان". والله أعلم. | |
|
| |
الوعد الحق المـــــــــــــــــــدير العــــــــــــــــــــــام
عدد المساهمات : 16600 نقاط : 51530 تاريخ التسجيل : 17/03/2011
| موضوع: رد: حديث وشرحه (متجدد) الأحد 8 أبريل 2018 - 15:21 | |
| [عن وابصة بن معبد رضي الله تعالى عنه قال: أتيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: جئت تسأل عن البر؟ قلت: نعم، قال: استفت قلبك، البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك] [رواه أحمد والدرامي.] قوله (صلى الله عليه وسلم) [البر حسن الخلق] يعني: أن حسن الخلق أعظم خصال البر، كما قال [الحج عرفة] أما البر فهو الذي يبر فاعله ويلحقه بالأبرار وهم المطيعون لله عز وجل، والمراد بحسن الخلق: الإنصاف في المعاملة، والعدل في الأحكام، والبذل في الإحسان، وغير ذلك من صفات المؤمنين الذين وصفهم الله تعالى فقال في سورة الأنفال {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون * الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون * أولئك هم المؤمنون حقا} وقال تعالى{التائبون العابدون الحامدون} إلى قوله {وبشر المؤمنين} وقال {قد أفلح المؤمنون} إلى قوله {أولئك هم الوارثون} وقال: {وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا} إلى آخر السورة، فمن أشكل عليه حاله فليعرض نفسه على هذه الآيات، فوجود جميعها علامة حسن الخلق، وفقد جميعها علامة سوء الخلق، ووجود بعضها دون بعض يدل على نقص الكمال، فليشغل بحفظ ما وجده وتحصيل ما فقده، ولا يظن ظان أن حسن الخلق عبارة عن لين الجانب، وترك الفواحش والمعاصي فقط، وأن من فعل ذلك فقد هذب خلقه، بل حسن الخلق ما ذكرناه من صفات المؤمنين، والتخلق بأخلاقهم، ومن حسن الخلق احتمال الأذى، فقد ورد في الصحيحين: أن أعرابيا جذب برد النبي (صلى الله عليه وسلم) حتى أثرت حاشيته في عاتقه وقال: يا محمد، مر لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ثم ضحك وأمر له بعطاء. وقوله [والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس] يعني: هو الشيء الذي يورث نقرة في القلب، وهذا أصل يتمسك به لمعرفة الإثم من البر: إن الإثم ما يحيك في الصدر ويكره صاحبه أن يطلع عليه الناس، والمراد بالناس أماثلهم ووجوههم، لا غوغاؤهم، والله أعلم. | |
|
| |
الوعد الحق المـــــــــــــــــــدير العــــــــــــــــــــــام
عدد المساهمات : 16600 نقاط : 51530 تاريخ التسجيل : 17/03/2011
| موضوع: رد: حديث وشرحه (متجدد) الإثنين 9 أبريل 2018 - 19:02 | |
| عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "يَا أَبَا ذَر إِذَا طَبَخْتَ مَرَقَةً، فَأَكْثِرْ مَاءَهَا، وَتَعَاهَدْ جِيرَانَكَ". [رواه مسلم]. يوصي النبي صلى الله عليه وسلم الصحابي الجليل أبا ذر _وكذلك جميع المسلمين_ أن يتعاهد جيرانه، ويهدي إليهم من طعامه، فالهدية من الأمور التي تشيع الحب والألفة؛ كما في الحديث: "تهادوا تحابوا". وللجار في ظل الإسلام حقوق ينبغي أن تراعى فإن الجوار يقتضي حقا يزيد على ما تقتضيه أخوة الإسلام فيستحق ما يستحقه كل مسلم وزيادة، وقد ورد أن الجيران ثلاثة: جار له حق واحد. وجار له حقان وجار له ثلاثة حقوق: فالجار المسلم الذي تربطك به علاقة رحم، له حق الإسلام وحق الجوار وحق الرحم. والجار المسلم الغريب له حق الإسلام وحق الجوار. وأما الذى له حق واحد: فالجار غير المسلم، له حق الجوار فقط. واعلم: أنه ليس حق الجوار كف الأذى عنه فقط، بل احتمال الأذى منه والرفق، وابتداء الخير، وأن يبدأ جاره بالسلام، ويعوده فى المرض، ويعزيه فى المصيبة، ويهنئه فى الفرح، ويصفح عن زلاته، ولا يطلع إلى داره، ولا يضايقه فى وضع ما يكره على جداره، ولا فى طرح التراب فى فنائه، ولا يتبعه النظر فيما يحمله إلى داره، ويستر ما ينكشف من عوراته، ولا يتسمع عليه كلامه، ويغض طرفه عن حرمه، ويلاحظ حوائج أهله إذا غاب. ويجمل كل هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره". | |
|
| |
الوعد الحق المـــــــــــــــــــدير العــــــــــــــــــــــام
عدد المساهمات : 16600 نقاط : 51530 تاريخ التسجيل : 17/03/2011
| موضوع: رد: حديث وشرحه (متجدد) الثلاثاء 10 أبريل 2018 - 15:15 | |
| عن أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب” [متفق عليه]. الغضب شعلة من النار، والإنسان ينزع فيه عند الغضب عرق إلى الشيطان اللعين، حيث قال: فإن شأن الطين السكون والوقار، وشأن النار التلظي والاشتعال، والحركة والاضطراب. وحقيقة الغضب: غليان دم القلب لطلب الانتقام، فمتى غضب الإنسان ثارت نار الغضب ثوراناً يغلي به دم القلب، وينتشر بى العروق، ويرتفع إلى أعالي البدن، كما يرتفع الماء الذي يغلى في القدر، ولذلك يحمر الوجه والعين والبشرة وكل ذلك يحكي لون ما وراءه من حمرة الدم، كما تحكي الزجاجة لون ما فيها. الأسباب المهيجة للغضب: وعلاج الغضب بإزالة أسبابه، ومن أسبابه: العجب، والمزاح، والمماراة، والمضادة، والغدر وشدة الحرص على فضول المال والجاه، وهذه الأخلاق رديئة مذمومة شرعاً، فينبغي أن يقابل كل واحد من هذه بما يضاده، فيجتهد على حسم مواد الغضب وقطع أسبابه. وأما إذا هاج الغضب فيعالج بأمور: أحدها: أن يتفكر في الأخبار الواردة في فضل كظلم الغيظ، والعفو، والحلم، والاحتمال. الثاني: أن يخوف نفسه من عقاب الله تعالى، وهو أن يقول: قدرة الله على أعظم من قدرتي على هذا الإنسان، فلو أمضيت فيه غضبي، لم آمن أن يمضي الله عز وجل غضبه علي يوم القيامة فأنا أحوج ما أكون إلى العفو. وقد قال الله تعالى في بعض الكتب: يا بن آدم! اذكرني عند الغضب، أذكرك حين أغضب، ولا أمحقك فيمن أمحق. الثالث: أن يحذر نفسه عاقبة العداوة والانتقام، وتشمير العدو في هدم أعراضه، والشماتة بمصائبه، فإن الإنسان لا يخلو عن المصائب، فيخوف نفسه ذلك في الدنيا إن لم يخف من الآخرة وهذا هو تسليط شهوة على غضب ولا ثواب عليه، لأنه تقديم لبعض الحظوظ على بعض، إلا أن يكون محذوره أن يتغير عليه أمر يعينه على الآخرة، فيثاب على ذلك. الرابع: أن يتفكر في قبح صورته عند الغضب، وأنه يشبه حينئذ الكلب الضاري، والسبع العادي، وأنه يكون مجانباً لأخلاق الأنبياء والعلماء في عادتهم، لتميل نفسه إلى الاقتداء بهم. الخامس: أن يتفكر في السبب الذي يدعوه إلى الانتقام، مثل أن يكون سبب غضبه أن يقول له الشيطان: إن هذا يحمل منك على العجز، والذلة والمهانة، وصغر النفس، وتصير حقيراً في أعين الناس، فليقل لنفسه: تأنفين من الاحتمال الآن، ولا تأنفين من خزي يوم القيامة والافتضاح إذا أخذ هذا بيدك وانتقم منك، وتحذرين من أن تصغري في أعين الناس، ولا تحذرين من أن تصغري عند الله تعالى وعند الملائكة والنبيين. وينبغى أن يكظم غيظه، فذلك يعظمه عند الله تعالى، فماله وللناس؟ أفلا يجب أن يكون هو القائم يوم القيامة إذا نودي: ليقم من وقع أجره على الله، فلا يقوم إلا من عفا، فهذا وأمثاله ينبغي أن يقرره على قلبه. وأما الذي يفعله من تملكه الغضب: فينبغي له السكون، والتعوذ، وتغيير الحال، إن كان قائماً جلس، وإن كان جالساً اضطجع، وقد أمرنا بالوضوء أيضا عند الغضب، فهذه الأمور وردت في الأحاديث. أما الحكمة في الوضوء عند الغضب، فقد بينها النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين قال: " إن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان خلق من النار، وإنما تطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ". وأما الجلوس والاضطجاع، فيمكن أن يكون إنما أمر بذلك ليقرب من الأرض التي منها خلق، فيذكر أصله فيذل، ويمكن أن يكون ليتواضع بذله، لأن الغضب ينشأ من الكبر، بدليل ما روى أبو سعيد، عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم أنه ذكر الغضب وقال: “من وجد شيئاً من ذلك، فليلصق خده بالأرض" . والله أعلم.
| |
|
| |
الوعد الحق المـــــــــــــــــــدير العــــــــــــــــــــــام
عدد المساهمات : 16600 نقاط : 51530 تاريخ التسجيل : 17/03/2011
| موضوع: رد: حديث وشرحه (متجدد) الأربعاء 11 أبريل 2018 - 15:29 | |
| عن أُمّ كلثوم رضي اللّه عنها؛ أنها سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: "لَيْسَ الكَذَّابُ الَّذي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ فَيَنْمي خَيْراً أوْ يَقُولُ خَيْراً" [رواه البخاري ومسلم]. وزاد مسلم في رواية له: قالت أُمّ كلثوم: ولم أسمعه يُرخِّصُ في شيء مما يقول الناس إلا في ثلاث ـ يعني: الحرب، والإِصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته والمرأة زوجها.
تظاهرتْ نصوصُ الكتاب والسنّة على تحريم الكذب في الجملة، وهو من قبائح الذنوب وفواحش العيوب. وإجماعُ الأمة منعقدٌ على تحريمه مع النصوص المتظاهرة، ويكفي في التنفير منه الحديث المتفق على صحته: "آيَةُ المُنافِقِ ثَلاثٌ: إذا حَدّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أخْلَفَ، وَإِذَا اؤتُمن خَانَ" إلا أن هناك أنواعا من الكذب تباح لتحقيق مصالح معينة، وهذا الحديث صريح في إباحة بعض الكذب للمصلحة، كالإصلاح بين الناس، والحرب، وحديث الرجل زوجته. وقد ضبط العلماءُ ما يُباح منه، يقول الإِمامُ أبو حامد الغزالي: الكلامُ وسيلةٌ إلى المقاصد، فكلُّ مقصودٍ محمودٍ يُمكن التوصلُ إليه بالصدق والكذب جميعاً، فالكذبُ فيه حرامٌ لعدم الحاجة إليه، وإن أمكنَ التوصل إليه بالكذب ولم يمكن بالصدق فالكذبُ فيه مباحٌ إن كان تحصيل ذلك المقصود مباحاً، وواجبٌ إن كان المقصود واجباً، فإذا اختفى مسلم من ظالم وسأل عنه: وجبَ الكذبُ بإخفائه، وكذا لو كان عندَه أو عندَ غيره وديعة وسأل عنها ظالمٌ يُريدُ أخذَها وجبَ عليه الكذب بإخفائها، حتى لو أخبرَه بوديعةٍ عندَه فأخذَها الظالمُ قهراً، وجبَ ضمانُها على المُودع المُخبر، ولو استحلفَه عليها، لزمَه أن يَحلفَ ويورِّي في يمينه، فإن حلفَ ولم يورّ، حنثَ على الأصحّ، وقيل لا يحنثُ، وكذلك لو كان مقصودُ حَرْبٍ أو إصلاحِ ذاتِ البين أو استمالة قلب المجني عليه في العفو عن الجناية لا يحصل إلا بكذب، فالكذبُ ليس بحرام، وهذا إذا لم يحصل الغرضُ إلا بالكذب، والاحتياطُ في هذا كلّه أن يورّي؛ ومعنى التورية أن يقصدَ بعبارته مقصوداً صحيحاً ليس هو كاذباً بالنسبة إليه، وإن كان كاذباً في ظاهر اللفظ، ولو لم يقصد هذا بل أطلق عبارةَ الكذب فليس بحرام في هذا الموضع. والله أعلم. | |
|
| |
الوعد الحق المـــــــــــــــــــدير العــــــــــــــــــــــام
عدد المساهمات : 16600 نقاط : 51530 تاريخ التسجيل : 17/03/2011
| موضوع: رد: حديث وشرحه (متجدد) الخميس 12 أبريل 2018 - 15:30 | |
| عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنّ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم صَلّى حَتّىَ انْتَفَخَتْ قَدَمَاهُ. فَقِيلَ لَهُ: أَتَكَلّفُ هَذَا؟ وَقَدْ غَفَرَ اللّهُ لَكَ مَا تَقَدّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخّرَ. فَقَالَ: "أَفَلاَ أَكُونُ عَبْداً شَكُوراً"[ صحيح مسلم ]. الشكر معرفة إحسان المحسن والتحدث به، وسميت المجازاة على فعل الجميل شكرا لأنها تتضمن الثناء عليه، وشكر العبد الله تعالى اعترافه بنعمه وثناؤه عليه وتمام مواظبته على طاعته. وأما شكر الله تعالى أفعال عباده فمجازاته إياهم عليها وتضعيف ثوابها وثناؤه بما أنعم به عليهم، فهو المعطي والمثني سبحانه والشكور من أسمائه سبحانه وتعالى بهذا المعنى والله أعلم. وقد ظن من سأل عن سبب تحمله المشقة في العبادة أن سببها إما خوف الذنب أو رجاء المغفرة، فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن لها سبباً آخر أتم وأكمل وهو الشكر على التأهل لها مع المغفرة وإجزال النعمة، فقال للسائل: (أفلا أكون عبداً شكوراً) أي بنعمة الله علي بغفران ذنوبي وسائر ما أنعم الله علي. قال ابن حجر المكي في شرح الشمائل: أي أترك تلك الكلفة نظرا إلى المغفرة فلا أكون عبداً شكوراً، لا بل ألزمها وإن غفر لي لأكون عبداً شكوراً. قال ابن بطال: في هذا الحديث أخذ الإنسان على نفسه بالشدة في العبادة وإن أضر ذلك ببدنه، لأنه صلى الله عليه وسلم إذا فعل ذلك مع علمه بما سبق له فكيف بمن لم يعلم بذلك، فضلاً عمن لم يأمن من أنه استحق النار انتهى. وقال الحافظ: ومحل ذلك ما إذا لم يفْضِ إلى الملال، لأن حال النبي صلى الله عليه وسلم كانت أكمل الأحوال فكان لا يمل من عبادة ربه وإن أضر ذلك ببدنه، بل صح أنه قال: وجعلت قرة عيني في الصلاة. فأما غيره صلى الله عليه وسلم فإذا خشي الملال لا ينبغي له أن يكره نفسه، وعليه يحمل قوله صلى الله عليه وسلم: خذوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا انتهى.
| |
|
| |
الوعد الحق المـــــــــــــــــــدير العــــــــــــــــــــــام
عدد المساهمات : 16600 نقاط : 51530 تاريخ التسجيل : 17/03/2011
| موضوع: رد: حديث وشرحه (متجدد) الجمعة 13 أبريل 2018 - 16:30 | |
| عن أبي هُرَيرَةَ قال: (سُئلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وسَلَّم عن أكثرِ ما يُدخلُ النَّاسَ الجنَّةَ قال: تَقوى اللهِ وحُسنُ الخُلقِ وسُئلِ عن أكثرِ ما يُدخل النَّاسَ النَّارَ، قال: الفَمُ والفَرْجُ) . أخرجه الترمذي. يبين لنا النبي صلى الله عليه وسلم في كلمات موجزة أكثر الأشياء التي تدخل صاحبها الجنة, وأكثر الأشياء التي تدخل صاحبها النار، فأكثر ما يدخل الناس الجنة: (تقوى الله وحسن الخلق) . والتقوى هي مجانبة كل ما يبعد عن الله عز وجل، وهي كما وصفها علي رضي الله عنه: (الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والاستعداد ليوم الرحيل والرضا بالقليل). والمتقون وعدهم الله عز وجل بالنجاة من الشدائد وبالرزق الحلال فقال: {إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون} ووعدهم بإصلاح العمل وغفران الذنوب فقال: {اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم}، ووعدهم بالنصر والتأييد فقال: {إن الله مع الذي اتقوا والذين هم محسنون}. والمتقون هم: (أهل الفضائل، منطقهم الصواب وملبسهم الاقتصاد ومشيهم التواضع، غَضّوا أبصارهم عما حرم الله عليهم، ووقفوا أسماعهم على العلم النافع لهم، لا يرضون من أعمالهم القليل، ولا يستكثرون الكثير، فهم لأنفسهم متهِمون ومن أعمالهم مشفقون). أما حسن الخلق: فهو اختيار الفضائل وترك الرذائل وذلك لأن حسن الخلق يحمل على التنزه عن الذنوب والعيوب والتحلي بمكارم الأخلاق من الصدق في المقال والتلطف في الأحوال والأفعال وحسن المعاملة مع الرحمن والعشرة مع الإخوان وطلاقة الوجه وصلة الرحم والسخاء والشجاعة وغير ذلك من الكمالات. وحسن الخلق يبلغ بصاحبه درجة الساجد القائم، وقال النبي صلى الله عليه وسلم عن أصحاب الخلق الحسنة: (إن من أحبكم إليَّ أحسنكم أخلاقاً) أي أكثركم حسن خلق. أما أكثر ما يدخل الناس بسببه فالفم والفرج، فالفم محل كثير من الآفات كالغيبة والنميمة والكذب وقول الزور والسب واللعن ...إلخ. وأما شهوة الفرج فاعلم أنها سلطت على الآدمي لفائدتين: إحداهما: بقاء النسل، والثانية ليدرج لذة يقيس عليها لذات الآخرة، فإن ما لم يدرك جنسه بالذوق، لا يعظم إليه الشوق، إلا أنه إذ لم تردّ هذه الشهوة إلى الاعتدال، جلبت آفات كثيرة، ومحناً، ولولا ذلك ما كان النساء حبائل الشيطان. وفي الحديث أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال: " ما تركت في الناس بعدى فتنة أضر على الرجال من النساء". وعن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال: " لا يخلو رجل بامرأة فإن ثالثهما الشيطان". وقد ينتهي الإفراط في هذه الشهوة، حتى تصرف همة الرجل إلى كثرة التمتع بالنساء فيشغله عن ذكر الآخرة، وربما آل إلى الفواحش، وقد تنتهي بصاحبها إلى العشق، وهو أقبح الشهوات، وأجدرها أن تستحيي منه، وقد يقع عند كثير من الناس عشق المال، والجاه، واللعب بالنرد، والشطرنج، والطنبور، ونحو ذلك، فتستولي هذه الأشياء على القلوب فلا يصبرون عنها. ويسهل الاحتراز عن ذلك في بدايات الأمور، فإن آخرها يفتقر إلى علاج شديد، وقد لا ينجح، نسأل الله تعالى السلامة والعافية. | |
|
| |
الوعد الحق المـــــــــــــــــــدير العــــــــــــــــــــــام
عدد المساهمات : 16600 نقاط : 51530 تاريخ التسجيل : 17/03/2011
| موضوع: رد: حديث وشرحه (متجدد) السبت 14 أبريل 2018 - 15:59 | |
| [عن ابن عباس (رضي الله عنهما) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما اسكترهوا عليه] [حديث حسن رواه ابن ماجة والبيهقي]. جاء في تفسير قوله عز وجل: {إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله} أن هذه الآية لما نزلت شق ذلك على الصحابة (رضي الله عنهم)، فجاء أبو بكر وعمر وعبد الرحمن بن عوف ومعاذ بن جبل، في أناس إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وقالوا: كلفنا من العمل ما لا نطيق، إن أحدنا ليحدث نفسه بما لا يحب أن يثبت في قلبه وأن له الدنيا، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): لعلكم تقولون كما قالت بنو إسرائيل: سمعنا وعصينا، قولوا: سمعنا وأطعنا، واشتد ذلك عليهم ومكثوا حولاً، فأنزل الله تعالى الفرج والرحمة بقوله: [لا يكلف الله نفساً إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت، ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا] فنزل التخفيف ولما وضع الله إثم الكفر سقطت أحكام الإكراه عن الأفعال كلها لأن الأعظم إذا سقط سقط ما هو أصغر منه، ثم أسند عن ابن عباس (رضي الله عنهما) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): [إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه] وأسند عن عائشة (رضي الله عنها) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: [لا طلاق ولا عتاق في إغلاق] وهو مذهب عمر وابن عمر وابن الزبير، وتزوج ثابت بن الأحنف أم ولد لعبد الرحمن بن زيد بن الخطاب فأكره بالسياط والتخويف على طلاقها في خلافة ابن الزبير، فقال له ابن عمر: لم تطلق عليك، ارجع إلى أهلك، وكان ابن الزبير بمكة، فلحق به وكتب له إلى عامله على المدينة: أن يرد إليه زوجته وأن يعاقب عبد الرحمن بن زيد، فجهزتها له صفية بنت أبي عبيد زوجة عبدالله بن عمر، وحضر عبد الله بن عمر عرسه، والله أعلم. | |
|
| |
الوعد الحق المـــــــــــــــــــدير العــــــــــــــــــــــام
عدد المساهمات : 16600 نقاط : 51530 تاريخ التسجيل : 17/03/2011
| موضوع: رد: حديث وشرحه (متجدد) الأحد 15 أبريل 2018 - 15:38 | |
| عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "يَقُولُ اللّهُ عَزّ وَجَلّ: أَنَا عِنْدَ ظَنّ عَبْدِي بِي. وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي. إِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ، ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي. وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلإٍ، ذَكَرْتُهُ فِي مَلإٍ هُمْ خَيْرٌ مِنْهُمْ. وَإِنْ تَقَرّبَ مِنّي شِبْراً، تَقَرّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعاً. وَإِنْ تَقَرّبَ إِلَيّ ذِرَاعاً، تَقَرّبْتُ مِنْهُ بَاعاً. وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي، أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً" رواه مسلم. قوله عز وجل: "أنا عند ظن عبدي بي" قيل: معناه: بالغفران له إذا استغفر، والقبول إذا تاب، والإجابة إذا دعا، والكفاية إذا طلب الكفاية، وقيل: المراد به الرجاء وتأميل العفو، وهذا أصح. قوله تعالى: "وأنا معه حين يذكرني" أي معه بالرحمة والتوفيق والهداية والرعاية. وأما قوله تعالى: {وهو معكم أينما كنتم} فمعناه بالعلم والإحاطة. قوله تعالى: "وإن تقرب مني شبرا تقربت إليه ذراعا، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت منه باعا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة" معناه: من تقرب إلي بطاعتي تقربت إليه برحمتي والتوفيق والإعانة، وإن زاد زدت، فإن أتاني يمشي وأسرع في طاعتي أتيته هرولة أي صببت عليه الرحمة وسبقته بها ولم أحوجه إلى المشي الكثير في الوصول إلى المقصود، والمراد أن جزاءه يكون تضعيفه على حسب تقربه، والله أعلم. | |
|
| |
الوعد الحق المـــــــــــــــــــدير العــــــــــــــــــــــام
عدد المساهمات : 16600 نقاط : 51530 تاريخ التسجيل : 17/03/2011
| موضوع: رد: حديث وشرحه (متجدد) الإثنين 16 أبريل 2018 - 15:28 | |
| عن عمرو بن العاص رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "قد أفلح من أسلم ، ورزق كفافاً، وقنعه الله بما آتاه" رواه مسلم. اعلم أن الفقر محمود، ولكن ينبغي للفقير أن يكون قانعاً، منقطع الطمع عن الخَلق، غير ملتفت إلى ما في أيديهم، ولا حريص على اكتساب المال كيف كان، ولا يمكن للمرء ذلك إلا بأن يقنع بقدر الضرورة من المطعم والملبس. في حديث جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: “القناعة مال لا ينفد".وقال أبو حازم: ثلاث من كن فيه كمل عقله: من عرف نفسه، وحفظ لسانه، وقنع بما رزقه الله عز وجل. ومن أراد القناعة فينبغي أن يرد نفسه إلى ما لا بد منه، فيقنع بأي طعام كان، وقليل من الإدام، وثوب واحد، ويوطن نفسه على ذلك، وإن كان له عيال، فيرد كل واحد إلى هذا القدر. قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "التدبير نصف العيش" وفى حديث آخر "ثلاث منجيات: خشية الله تعالى في السر والعلانية، والقصد في الغنى والفقر، والعدل في الرضى والغضب". وإذا تيسر له في الحال ما يكفيه، فلا يكون شديد الاضطراب لأجل المستقبل ويعينه على ذلك قصر الأمل، واليقين بأن رزقه لا بد أن يأتيه، وليعلم أن الشيطان يعده الفقر. وعن ابن مسعود رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "إن روح القدس نفث في روعي، أنه ليس من نفس تموت حتى تستكمل رزقها وأجلها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوه بمعاصي الله عز وجل، فإنه لا يدرك عند الله إلا بطاعته". ولا بد له أن يعرف ما في القناعة من عز الاستغناء، وما في الطمع والحرص من الذل .وليس في القناعة إلا الصبر عن المشتبهات والفضول، مع ما يحصل له من ثواب الآخرة، ومن لم يؤثر عزَّ نفسه عن شهوته، فهو ركيك العقل، ناقص الإيمان. ولا بد له أن يفهم ما في جمع المال من الخطر، وينظر إلى ثواب الفقر، ويتم ذلك بأن ينظر أبداً من دونه في الدنيا، وإلى من فوقه في الدين، كما جاء في الحديث من رواية مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هوفوقكم، فإنه أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم". وعماد الأمر: الصبر وقصر الأمل، وأن يعلم أن غاية صبره في الدنيا أيام قلائل لتمتع دائم، فيكون كالمريض الذي يصبر على مرارة الدواء لما يرجو من الشفاء. | |
|
| |
الوعد الحق المـــــــــــــــــــدير العــــــــــــــــــــــام
عدد المساهمات : 16600 نقاط : 51530 تاريخ التسجيل : 17/03/2011
| موضوع: رد: حديث وشرحه (متجدد) الثلاثاء 17 أبريل 2018 - 15:03 | |
| عَنْ صُهَيْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "عَجَباً لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ. إِنّ أَمْرَهُ كُلّهُ خَيْرٌ. وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلاّ لِلْمُؤْمِنِ. إِنْ أَصَابَتْهُ سَرّاءُ شَكَرَ. فَكَانَ خَيْراً لَهُ. وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرّاءُ صَبَرَ، فَكَانَ خَيْراً لَهُ". رواه مسلم. إن العبد ما دام قلم التكليف جارياً عليه فمناهج الخير مفتوحة بين يديه، فإنه بين نعمة يجب عليه شكر المنعم بها ومصيبة يجب عليه الصبر عليها، وأمر ينفذه ونهي يجتنبه، وذلك لازم له إلى الممات. وليس ذلك إلا للمؤمن الذي يرضى بقضاء الله عز وجل، خيرا كان أم غير ذلك، فإن له الأجر والمثوبة من الله عز وجل، قال النبي صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى: إني إذا وجهت إلى عبد من عبيدي مصيبة في بدنه أو ماله أو ولده ثم استقبل ذلك بصبر جميل استحيت منه يوم القيامة أن أنصب له ميزانا أو أنشر له ديواناً. وقال صلى الله عليه وسلم: (ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله وما عليه خطيئة). وقال أيضا: (ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب ولا هم وحزن ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله من خطاياه). وقال موسى عليه السلام يا إلهي أي منازل الجنة أحب إليك قال حظيرة القدس قال ومن يسكنها. قال أصحاب المصائب، قال يا رب من هم قال الذين ابتليتهم صبروا وإذا أنعمت عليهم شكروا وإذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون.. | |
|
| |
الوعد الحق المـــــــــــــــــــدير العــــــــــــــــــــــام
عدد المساهمات : 16600 نقاط : 51530 تاريخ التسجيل : 17/03/2011
| موضوع: رد: حديث وشرحه (متجدد) الأربعاء 18 أبريل 2018 - 15:14 | |
| عَنْ بُسْر بْنِ سَعِيدٍ. قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ يَقُولُ: كُنْتُ جَالِساً بِالْمَدِينَةِ فِي مَجْلِسِ الأَنْصَارِ. فَأَتَانَا أَبُو مُوسَى فَزِعاً أَوْ مَذْعُوراً. قُلْنَا: مَا شَأْنُكَ؟ قَالَ: إِنّ عُمَرَ أَرْسَلَ إِلَيّ أَنْ آتِيَهُ. فَأَتَيْتُ بَابَهُ فَسَلّمْتُ ثَلاَثاً فَلَمْ يَرُدّ عَلَيّ. فَرَجَعْتُ فَقَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَأْتِيَنَا؟ فَقُلْتُ: إِنّي أَتَيْتُكَ. فَسَلّمْتُ عَلَىَ بَابِكَ ثَلاَثاً. فَلَمْ يَرُدّوا عَلَيّ. فَرَجَعْتُ. وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا اسْتَأْذَنَ أَحَدُكُمْ ثَلاَثاً فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ، فَلْيَرْجِعْ". فَقَالَ عُمَرُ: أَقِمْ عَلَيْهِ الْبَيّنَةَ. وَإِلاّ أَوْجَعْتُكَ. فقالَ أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ: لاَ يَقُومُ مَعَهُ إِلاّ أَصْغَرُ الْقَوْمِ. قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: قُلْتُ: أَنَا أَصْغَرُ الْقَوْمِ. قَالَ: فَاذْهَبْ بِهِ. رواه مسلم يرشدنا هذا الحديث الشريف إلى أدب رفيع من الآداب الإسلامية السامية؛ وهو أدب الاستئذان، وقد شرع لنا الله عز وجل الاستئذان عند دخول البيوت فقال: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النور: 27]. وهنا ملحظ دقيق؛ حيث عبرت الآية الكريمة بالاستئناس فقال عز وجل: {حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا} والاستئناس أدق وألطف من الاستئذان؛ إذ راعت الحالة النفسية لأهل البيت هل يأنسون بدخوله أم لا؟. وهناك آداب إسلامية ينبغي اتباعها للاستئذان، منها: ينبغي ألا يستقبل الباب بوجهه بل بجنبه أو ظهره لئلا ينفتح الباب فيقع بصره على ما لا يجوز أن يراه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما جعل الاستئذان من أجل البصر). وأن يفصح عن اسمه أو كنيته أو لقبه المشهور به. ويستأذن ثلاث مرات غير متتاليات؛ ليستعد من بالداخل لاستقباله؛ فإن أذنوا له وإلا انصرف. أما إذا لم يؤذن له بالدخول فليرجع؛ ولكن دون حساسية أو حمية جائرة، فلقد قال تعالى: {وإذا قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم}. والله أعلم | |
|
| |
الوعد الحق المـــــــــــــــــــدير العــــــــــــــــــــــام
عدد المساهمات : 16600 نقاط : 51530 تاريخ التسجيل : 17/03/2011
| موضوع: رد: حديث وشرحه (متجدد) الخميس 19 أبريل 2018 - 15:25 | |
| عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنّ للّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَىَ مَلاَئِكَةً سَيّارَةً، فُضُلاً. يَبتَغُونَ مَجَالِسَ الذّكْرِ. فَإِذَا وَجَدُوا مَجْلِساً فِيهِ ذِكْرٌ قَعَدُوا مَعَهُمْ. وَحَفّ بَعْضُهُمْ بَعْضاً بِأَجْنِحَتِهِمْ. حَتّىَ يَمْلأُوا مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ السّمَاءِ الدّنْيَا. فَإِذَا تَفَرّقُوا عَرَجُوا وَصَعِدُوا إِلَى السّمَاءِ. قَالَ: فَيَسْأَلُهُمْ اللّهُ عَزّ وَجَلّ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ: مِنْ أَيْنَ جِئْتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: جِئْنَا مِنْ عِنْدِ عِبَادٍ لَكَ فِي الأَرْضِ، يُسَبّحُونَكَ وَيُكَبّرُونَكَ وَيُهَلّلُونَكَ وَيُمَجّدُونَكَ وَيَسْأَلُونَكَ. قَالَ: وَمَاذَا يَسْأَلُونِي؟ قَالُوا: يَسْأَلُونَكَ جَنّتَكَ. قَالَ: وَهَلْ رَأَوْا جَنّتِي؟ قَالُوا: لاَ. أَيْ رَبّ، قَالَ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا جَنّتِي؟. قَالُوا: وَيَسْتَجِيرُونَكَ. قَالَ: وَمِمّ يَسْتَجِيرُونَنِي؟ قَالُوا: مِنْ نَارِكَ. يَا رَبّ، قَالَ: وَهَلْ رَأَوْا نَارِي؟ قَالُوا: لاَ. قَالَ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا نَارِي؟. قَالُوا: وَيَسْتَغْفِرُونَكَ. قَالَ: فَيَقُولُ: قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ. فَأَعْطَيْتُهُمْ مَا سَأَلُوا وَأَجَرْتُهُمْ مِمّا اسْتَجَارُوا. قَالَ: فَيَقُولُونَ: رَبّ فِيهِمْ فُلاَنٌ. عَبْدٌ خَطّاءٌ. إِنّمَا مَرّ فَجَلَسَ مَعَهُمْ. قَالَ: فَيَقُولُ: وَلَهُ غَفَرْتُ. هُمُ الْقَوْمُ لاَ يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ". رواه مسلم. قوله صلى الله عليه وسلم: "إن لله تبارك وتعالى ملائكة سيارة فضلاً يبتغون مجالس الذكر" أما السيارة فمعناه سياحون في الأرض، وأما فضلاً فمعناه أنهم ملائكة زائدون على الحفظة وغيرهم من المرتبين مع الخلائق فهؤلاء السيارة لا وظيفة لهم وإنما مقصودهم حلق الذكر. وقوله صلى الله عليه وسلم: "فإذا وجدوا مجلسا فيه ذكر قعدوا معهم وحف بعضهم بعضا" معناه: أشار بعضهم إلى بعض بالنزول. وقوله: "ويستجيرونك من نارك" أي يطلبون الأمان منها. قوله: "عبد خطاء" أي كثير الخطايا. وفي هذا الحديث فضيلة الذكر وفضيلة مجالسه والجلوس مع أهله وإن لم يشاركهم وفضل مجالسة الصالحين وبركتهم والله أعلم. قال القاضي عياض رحمه الله: وذكر الله تعالى ضربان ذكر بالقلب وذكر باللسان، وذكر القلب نوعان: أحدهما وهو أرفع الأذكار وأجلها الفكر في عظمة الله تعالى وجلاله وجبروته وملكوته وآياته في سماواته وأرضه ومنه الحديث: "خير الذكر الخفي" والمراد به هذا. والثاني ذكره بالقلب عند الأمر والنهي فيمتثل ما أمر به ويترك ما نهى عنه ويقف عما أشكل عليه. وأما ذكر اللسان مجردا فهو أضعف الأذكار ولكن فيه فضل عظيم كما جاءت به الأحاديث. والله أعلم. | |
|
| |
الوعد الحق المـــــــــــــــــــدير العــــــــــــــــــــــام
عدد المساهمات : 16600 نقاط : 51530 تاريخ التسجيل : 17/03/2011
| موضوع: رد: حديث وشرحه (متجدد) الجمعة 20 أبريل 2018 - 14:59 | |
| عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "الْمُؤْمِنُ الْقَوِيّ خَيْرٌ وَأَحَبّ إِلَىَ اللّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضّعِيفِ. وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ. احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللّهِ وَلاَ تَعْجِزْ. وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلاَ تَقُلْ: لَوْ أَنّي فَعَلْتُ كذا لم يُصبني كذا. وَلَكِنْ قُلْ: قَدَّرَ اللّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ. فَإِنّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشّيْطَانِ". رواه مسلم. المراد بالقوة هنا عزيمة النفس في أمور الآخرة، فيكون صاحب هذا الوصف أكثر إقداماً على العدو في الجهاد وأسرع خروجاً إليه وذهاباً في طلبه، وأشد عزيمة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والصبر على الأذى في كل ذلك واحتمال المشاق في ذات الله تعالى، وأرغب في الصلاة والصوم والأذكار وسائر العبادات وأنشط طلباً لها ومحافظة عليها ونحو ذلك. كما يحتمل أن يدخل فيه قوة الجسد، وإن كانت وحدها غير كافية، فإذا انضافت قوة الجسد إلى قوة الإيمان فذلك أفضل ولا ريب. وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "وفي كل خير" فمعناه في كل من القوي والضعيف خير لاشتراكهما في الإيمان مع ما يأتي به الضعيف من العبادات. وقوله صلى الله عليه وسلم: "احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز" معناه: احرص على طاعة الله تعالى والرغبة فيما عنده، واطلب الإعانة من الله تعالى على ذلك ولا تعجز ولا تكسل عن طلب الطاعة ولا عن طلب الإعانة. قوله صلى الله عليه وسلم: "وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان" قال القاضي عياض: قال بعض العلماء هذا النهي إنما هو لمن قاله معتقداً ذلك حتماً، وأنه لو فعل ذلك لم تصبه قطعاً، فأما من رد ذلك إلى مشيئة الله تعالى بأنه لن يصيبه إلا ما شاء الله فليس من هذا، واستدل بقول أبي بكر الصديق رضي الله عنه في الغار: لو أن أحدهم رفع رأسه لرآنا. قال القاضي: وهذا لا حجة فيه لأنه إنما أخبر عن مستقبل وليس فيه دعوى لرد قدر بعد وقوعه، قال: وكذا جميع ما ذكره البخاري في باب ما يجوز من اللو كحديث: "لولا حدثان عهد قومك بالكفر لأتممت البيت على قواعد إبراهيم" و: "لو كنت راجعاً بغير بينة لرجمت هذه" و: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك" وشبه ذلك، فكله مستقبل لا اعتراض فيه على قدر فلا كراهة فيه، لأنه إنما أخبر عن اعتقاده فيما كان يفعل لولا المانع وعما هو في قدرته، فأما ما ذهب فليس في قدرته، قال القاضي: فالذي عندي في معنى الحديث أن النهي على ظاهره وعمومه لكنه نهي تنزيه ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: "فإن لو تفتح عمل الشيطان" أي يلقى في القلب معارضة القدر ويوسوس به الشيطان. ولقد جاء من استعمال لو في الماضي قوله صلى الله عليه وسلم: "لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي" وغير ذلك، فالظاهر أن النهي إنما هو عن إطلاق ذلك فيما لا فائدة فيه فيكون نهي تنزيه لا تحريم، فأما من قاله تأسفاً على ما فات من طاعة الله تعالى أو ما هو متعذر عليه من ذلك ونحو هذا فلا بأس به وعليه يحمل أكثر الاستعمال الموجود في الأحاديث، والله أعلم.
| |
|
| |
الوعد الحق المـــــــــــــــــــدير العــــــــــــــــــــــام
عدد المساهمات : 16600 نقاط : 51530 تاريخ التسجيل : 17/03/2011
| موضوع: رد: حديث وشرحه (متجدد) السبت 21 أبريل 2018 - 13:11 | |
| عن أَبِي هُرَيْرَةَ عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ نَفّسَ عنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبَ الدّنْيَا نَفّسَ الله عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسّرَ الله عَلَيْهِ في الدّنْيا وَالآخرة، وَمَنْ سَتَرَ عَلَى مُسْلِمٍ سَتَرَ الله عَلَيْهِ في الدّنْيا وَالآخرة، وَالله في عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ في عَوْنِ أَخِيهِ". رواه أبو داود. في هذا الحديث فضل إعانة المسلم وتفريج الكرب عنه وستر زلاته، ويدخل في كشف الكربة وتفريجها من أزالها بماله أو جاهه أو مساعدته، والظاهر أنه يدخل فيه من أزالها بإشارته ورأيه ودلالته، وأما الستر المندوب إليه هنا فالمراد به الستر على ذوي الهيئات ونحوهم ممن ليس هو معروفاً بالأذى والفساد، فأما المعروف بذلك فيستحب أن لا يستر عليه بل ترفع قضيته إلى ولي الأمر إن لم يخف من ذلك مفسدة، لأن الستر على هذا يطمعه في الإيذاء والفساد وانتهاك الحرمات وجسارة غيره على مثل فعله، هذا كله في ستر معصية وقعت وانقضت، أما معصية رآه عليها وهو بعد متلبس بها فتجب المبادرة بإنكارها عليه ومنعه منها على من قدر على ذلك ولا يحل تأخيرها، فإن عجز لزمه رفعها إلى ولي الأمر إذا لم تترتب على ذلك مفسدة، وأما جرح الرواة والشهود والأمناء على الصدقات والأوقاف والأيتام ونحوهم فيجب جرحهم عند الحاجة، ولا يحل الستر عليهم إذا رأى منهم ما يقدح في أهليتهم وليس هذا من الغيبة المحرمة بل من النصيحة الواجبة وهذا مجمع عليه، قال العلماء في القسم الأول الذي يستر فيه هذا الستر مندوب فلو رفعه إلى السلطان ونحوه لم يأثم بالإجماع لكن هذا خلاف الأولى وقد يكون في بعض صوره ما هو مكروه والله أعلم. | |
|
| |
الوعد الحق المـــــــــــــــــــدير العــــــــــــــــــــــام
عدد المساهمات : 16600 نقاط : 51530 تاريخ التسجيل : 17/03/2011
| موضوع: رد: حديث وشرحه (متجدد) الأحد 22 أبريل 2018 - 15:20 | |
| عن أنسٍ قال: كان رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلِيهِ وسَلَّم يُكثرُ أنْ يقول: يا مقلِّبَ القلوبِ ثبِّتْ قَلبي على دينِكَ فقلتُ يا نبيَّ اللهِ آمنَّا بكَ وبما جئتَ بهِ فهلْ تخافُ علينا؟ قال: نعمْ إنَّ القُلوبَ بينَ أصبُعينِ من أصابعِ اللهِ يُقلِّبها كيفَ شاءَ) . رواه الترمذي. اعلم: أن القلوب في الثبات على الخير والشر والتردد بينهما ثلاثة: القلب الأول: قلب عمر بالتقوى، وزكى بالرياضة، وطهر عن خبائث الأخلاق، فتتفرج فيه خواطر الخير من خزائن الغيب، فيمده الملك بالهدى. القلب الثانى: قلب مخذول، مشحون بالهوى، مندس بالخبائث، ملوث بالأخلاق الذميمة، فيقوى فيه سلطان الشيطان لاتساع مكانه، ويضعف سلطان الإيمان، ويمتلئ القلب بدخان الهوى، فيعدم النور، ويصير كالعين الممتلئة بالدخان، لا يمكنها النظر، ولا يؤثر عنده زجر ولا وعظ. والقلب الثالث: قلب يبتدئ فيه خاطر الهوى، فيدعوه إلى الشر، فيلحقه خاطر الإيمان فيدعوه إلى الخير. مثاله: أن يحمل الشيطان حملة على العقل، ويقوى داعي الهوى ويقول: أما ترى فلاناً وفلاناً كيف يطلقون أنفسهم في هواها، فتميل النفس إلى الشيطان، فيحمل الملك حملة على الشيطان، ويقول: هل هلك إلا من نسي العاقبة، فلا تغتر بغفلة الناس عن أنفسهم، أرأيت لو وقفوا في الصيف في الشمس ولك بيت بارد، أكنت توافقهم أم تطلب المصلحة؟ أفتخالفهم في حر الشمس، ولا تخالفهم فيما يؤول إلى النار؟ فتميل النفس إلى قول الملك، ويقع التردد بين الجندين، إلى أن يغلب على القلب ما هو أولى به، فمن خلق للخير يسر له، ومن خلق للشر يسر له. فاللهَ نسأل أن يثبت قلوبنا على دينه، ويصرف أعمالنا إلى طاعته.
| |
|
| |
الوعد الحق المـــــــــــــــــــدير العــــــــــــــــــــــام
عدد المساهمات : 16600 نقاط : 51530 تاريخ التسجيل : 17/03/2011
| موضوع: رد: حديث وشرحه (متجدد) الإثنين 23 أبريل 2018 - 15:17 | |
| عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما يصيب المسلم، من نصب ولا وصب، ولا هم ولا حَزَن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يُشاكها، إلا كفَّر الله بها من خطاياه) [متفق عليه]. في هذا الحديث بشارة عظيمة للمسلمين فإنه قلما ينفك الواحد منهم ساعة من شيء من هذه الأمور، وفيه تكفير الخطايا بالأمراض والأسقام ومصائب الدنيا وهمومها وإن قلت مشقتها، وفيه رفع الدرجات بهذه الأمور وزيادة الحسنات ويحثنا الحديث الشريف على الصبر أمام الشدائد والمحن التي قد تصيب المرء في نفسه أو ولده أو ماله، فالله عز وجل يبتلي عباده ليختبرهم أو ليرفع من درجاتهم، أو ليكفر عنهم من خطاياهم، والصابرون لهم الجزاء الأوفى يوم القيامة قال الله تعالى: {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب}. أما مقامات الصبر فقد قال بعض العارفين: الصبر على ثلاثة مقامات: الأولى ترك الشكوى ويسمى الصبر الجميل وهي درجة التائبين، الثانية: الرضا بالمقدور وهي درجة الزاهدين، الثالثة: المحبة بما يصنع به المولى وهي درجة الصديقين. وقال عبد الله بن سلام رضي الله عنه إذا كان يوم القيامة نادى مناد: ليقدم أهل الصبر فيقوم ناس فيقال لهم انطلقوا إلى الجنة فتقول الملائكة إلى أين قالوا إلى الجنة قالوا قبل الحساب قالوا نعم قالوا من أنتم قالوا نحن أهل الصبر قالوا كيف صبرتم قالوا صبرنا أنفسنا على طاعة الله وصبرنا أنفسنا عن معاصي الله تعالى وصبرناها على البلاء ونحن في الدنيا فتقول لهم الملائكة {سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار}. | |
|
| |
الوعد الحق المـــــــــــــــــــدير العــــــــــــــــــــــام
عدد المساهمات : 16600 نقاط : 51530 تاريخ التسجيل : 17/03/2011
| موضوع: رد: حديث وشرحه (متجدد) الثلاثاء 24 أبريل 2018 - 15:18 | |
| عن أبي رقية تميم بن أوس الداري رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "الدين النصيحة؛ قلنا: لمن؟ قال لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم." [رواه مسلم]
إن عماد هذا الدين وقوامه النصيحة، وقد حدد الحديث ثلاثة أنواع للنصيحة: فالنصيحة لله تعالى معناها منصرف إلى الإيمان به ونفي الشرك عنه، وترك الإلحاد وصفاته، ووصفه بصفات الكمال والجلال كلها، وتنزيهه عن جميع النقائص، والقيام بطاعته واجتناب معصيته، والحب فيه والبغض فيه، وجهاد من كفر به، والاعتراف بنعمته والشكر عليها، والإخلاص في جميع الأمور، والدعاء إلى جميع الأوصاف المذكورة، والحث عليها، والتلطف بالناس؛ قال الخطابي: وحقيقة هذه الأوصاف راجعة إلى العبد في نصحه نفسه، فإن الله سبحانه غني عن نصح الناصح. وأما النصيحة لكتابه سبحانه وتعالى فبالإيمان أن كلام الله تعالى وتنزيله لا يشبهه شيء من كلام الناس ولا يقدر على مثله أحد من الخلق، ثم تعظيمه وتلاوته حق تلاوته، وتحسينها والخشوع عندها وإقامة حروفه في التلاوة والذب عنه لتأويل المحرفين والتصديق بما فيه، والوقوف مع أحكامه؛ وتفهم علومه وأمثاله؛ والاعتبار بمواضعه، والتفكر في عجائبه؛ والعمل بمحكمه والتسليم لمتشابهه، والبحث عن عمومه، والدعاء إليه وإلى ما ذكرنا من نصيحته. وأما النصيحة لرسوله (صلى الله عليه وسلم): فتصديقه على الرسالة، والإيمان بجميع ما جاء به، وطاعته في أمره ونهيه، ونصرته حيًّا وميتاً، ومعاداة من عاداه، وموالاة من والاه، وإعظام حقه، وتوقيره، وإحياء طريقته وسنته، وإجابة دعوته، ونشر سنته ونفي التهمة عنها، واستئثار علومها والتفقه في معانيها والدعاء إليها والتلطف في تعليمها، وإعظامها وإجلالها والتأدب عند قراءتها، والإمساك عن الكلام فيها بغير علم، وإجلال أهلها لانتسابهم إليها، والتخلق بأخلاقه، والتأدب بآدابه، ومحبة أهل بيته، وأصحابه، ومجانبة من ابتدع في سنته أو تعرض لأحد من أصحابه ونحو ذلك. وأما النصيحة لأئمة المسلمين: فمعاونتهم على الحق، وطاعتهم وأمرهم به وتنبيههم وتذكيرهم برفق ولطف، وإعلامهم بما غفلوا عنه، وتبليغهم من حقوق المسلمين وترك الخروج عليهم بالسيف، وتأليف قلوب الناس لطاعتهم والصلاة خلفهم، والجهاد معهم، وأن يدعو لهم بالصلاح. وأما نصيحة عامة المسلمين - وهم من عدا ولاة الأمر - فإرشادهم لمصالحهم في آخرتهم ودنياهم، وإعانتهم عليها، وستر عوراتهم وسد خلاتهم، ودفع المضار عنهم، وجلب المنافع لهم، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر برفق وإخلاص، والشفقة عليهم، وتوقير كبيرهم ورحمة صغيرهم، وتخولهم بالموعظة الحسنة، وترك غشهم وحسدهم، وأن يحب لهم ما يحب لنفسه من الخير، ويكره لهم ما يكره لنفسه من المكروه، والذب عن أموالهم وأعراضهم؛ وغير ذلك من أحوالهم بالقول والفعل، وحثهم على التخلق بجميع ما ذكرناه من أنواع النصيحة، والله أعلم. | |
|
| |
الوعد الحق المـــــــــــــــــــدير العــــــــــــــــــــــام
عدد المساهمات : 16600 نقاط : 51530 تاريخ التسجيل : 17/03/2011
| موضوع: رد: حديث وشرحه (متجدد) الأربعاء 25 أبريل 2018 - 16:29 | |
| عنْ أبِي ذَرّ قالَ قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أفْضَلُ الأعْمَالِ الْحُبّ فِي الله وَالْبُغْضُ فِي الله" رواه أبو داود. يرشدنا الحديث الشريف إلى أفضل الأعمال التي يمكن للعبد أن يفعلها، وهي الحب في الله والبغض في الله، فالحب في الله من الإيمان، والمتحابون في الله لهم الأجر الجزيل يوم القيامة، فعن النبي صلى الله عليه وسلم: قال الله تعالى: (المتحابون بجلالي في ظل عرشي يوم القيامة في يوم لا ظل إلا ظلي) رواه الإمام أحمد، وعنه النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن في الجنة عمداً من ياقوتة عليها غرف من زبرجد لها أبواب مفتحة تضيء كما تضيء الكواكب قيل يا رسول الله من يسكنها قال المتحابون في الله) رواه البزار. ومن السبعة الذين يظلهم الله عز وجل في ظله يوم لا ظل إلا ظله: "رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه" معناه اجتمعا على حب الله وافترقا على حب الله، أي كان سبب اجتماعهما حب الله واستمرا على ذلك حتى تفرقا من مجلسهما وهما صادقان في حب كل واحد منهما صاحبه لله تعالى حال اجتماعهما وافتراقهما، واعلم أن المحبة تكون مباحة بأن يحب عامة الناس وتكون مكروهة وهي محبة الدنيا وتكون نافلة وهي محبة الأهل والولد وتكون فرضاً وهي محبة الله ورسوله. ومحبة الرسول مستلزمة لمحبة الله تعالى قال تعالى: {إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} وقال سهل بن عبد الله في قوله تعالى: {وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة} وهي اتباع النبي صلى الله عليه وسلم {وباطنة} وهي محبته وقيل الظاهرة الإسلام والباطنة غفران الذنوب. كذلك فإن البغض في الله من أفضل الأعمال وذلك إنما يكون لأمر يسوغ له البغض: كالفسقة والظلمة وأرباب المعاصي. قال ابن رسلان في شرح السنن: فيه دليل على أنه يجب أن يكون للرجل أعداء يبغضهم في الله كما يكون له أصدقاء يحبهم في الله، بيانه أنك إذا أحببت إنساناً لأنه مطيع لله ومحبوب عند الله فإن عصاه فلا بد أن تبغضه لأنه عاص لله وممقوت عند الله فمن أحب لسبب فبالضرورة يبغض لضده وهذان وصفان متلازمان لا ينفصل أحدهما عن الآخر وهو مطرد في الحب والبغض في العادات انتهى. ومن البغض في اللّه بغض كثير ممن ينسب نفسه للعلم في زمننا لما أشرق عليهم من مظاهر النفاق وبغضهم لأهل الخير فيتعين على من سلم قلبه من المرض أن يبغضهم في اللّه لما هم عليه من التكبر والغلظة والأذى للناس قال الشافعي: عاشر الكرام تعش كريماً ولا تعاشر اللئام فتنسب إلى اللؤم ومن ثم قيل مخالطة الأشرار خطر ومبالغة في الغرر كراكب بحر إن سلم من التلف لم يسلم قلبه من الحذر. | |
|
| |
الوعد الحق المـــــــــــــــــــدير العــــــــــــــــــــــام
عدد المساهمات : 16600 نقاط : 51530 تاريخ التسجيل : 17/03/2011
| موضوع: رد: حديث وشرحه (متجدد) الخميس 26 أبريل 2018 - 17:36 | |
| عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه قيل يا رسول الله وكيف يلعن الرجل والديه قال يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه) رواه البخاري. يبين هذا الحديث أن مجرد التسبب في شتم الوالدين _أو أحدهما_ من أكبر الكبائر، فكيف بمن يشتمهما بنفسه، بل كيف بمن يضربهما ؟!!! بل فلنقل: كيف بمن يقتلهما ؟!!! إن الصحابة رضوان الله عليهم لم يتصوروا، ولم يخطر على بالهم أن هناك من يشتم والديه ؛ لذا فقد قالوا: ( يا رسول الله وكيف يلعن الرجل والديه ) وهو استبعاد من السائل ; لأن الطبع المستقيم يأبى ذلك , فبين في الجواب أنه وإن لم يفعل السب بنفسه في الأغلب الأكثر لكن قد يقع منه التسبب فيه وهو مما يمكن وقوعه كثيرا . قال ابن بطال : هذا الحديث أصل في سد الذرائع ويؤخذ منه أنَّ مَنْ آلَ فِعْلُهُ إلى مُحَرَّم يَحْرُمُ عليه ذلك الفعلُ وإن لم يقصد إلى ما يحرم , والأصل في هذا الحديث قوله تعالى : ( ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله... ) الآية . واستنبط منه الماوردي منع بيع الثوب الحرير ممن يتحقق أنه يلبسه، والغلامَ الأمردَ ممن يتحقق أنه يفعل به الفاحشة . وقال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة : فيه دليل على عظم حق الأبوين . وفيه العمل بالغالب لأن الذي يسب أبا الرجل يجوز أن يسب الآخر أباه ويجوز أن لا يفعل لكن الغالب أن يجيبه بنحو قوله . وفيه مراجعة الطالب لشيخه فيما يقوله مما يشكل عليه وفيه إثبات الكبائر, وفيه أن الأصل يفضل الفرع بأصل الوضع ولو فضله الفرع ببعض الصفات ، والله أعلم. | |
|
| |
الوعد الحق المـــــــــــــــــــدير العــــــــــــــــــــــام
عدد المساهمات : 16600 نقاط : 51530 تاريخ التسجيل : 17/03/2011
| موضوع: رد: حديث وشرحه (متجدد) الجمعة 27 أبريل 2018 - 16:41 | |
| عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يأتي الشيطانُ أحدَكم فيقول: من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول: من خلق الله؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله، وَلْيَنْتَهِ". وفي لفظ "فليقل: آمنت بالله ورسله" متفق عليه. احتوى هذا الحديث على أنه لا بد أن يلقي الشيطان هذا الإيراد الباطل: إما وسوسة محضة، أو على لسان شياطين الإنس وملاحدتهم. وقد وقع كما أخبر، فإن الأمرين وقعا، لا يزال الشيطان يدفع إلى قلوب من ليست لهم بصيرة هذا السؤال الباطل، ولا يزال أهل الإلحاد يلقون هذه الشبهة التي هي أبطل الشُّبَه، ويتكلمون عن العلل وعن مواد العلم بكلام سخيف معروف. وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث العظيم إلى دفع هذا السؤال بأمور ثلاثة: بالانتهاء، والتعوذ من الشيطان، وبالإيمان. أما الانتهاء – وهو الأمر الأول -: فإن الله تعالى جعل للأفكار والعقول حدًّا تنتهي إليه، ولا تتجاوزه. ويستحيل لو حاولت مجاوزته أن تستطيع، لأنه محال، ومحاولة المحال من الباطل والسفه، ومن أمحل المحال التسلسل في المؤثرين والفاعلين. فإن المخلوقات لها ابتداء، ولها انتهاء. وقد تتسلسل في كثير من أمورها حتى تنتهي إلى الله الذي أوجدها وأوجد ما فيها من الصفات والمواد والعناصر {وَأَنَّ إلى رَبِّكَ المُنْتَهَى} فإذا وصلت العقول إلى الله تعالى وقفت وانتهت، فإنه الأول الذي ليس قبله شيء، والآخر الذي ليس بعده شيء. فأوّليته تعالى لا مبتدأ لها مهما فرضت الأزمان والأحوال. وهو الذي أوجد الأزمان والأحوال والعقول التي هي بعض قوى الإنسان. فكيف يحاول العقل أن يتشبث في إيراد هذا السؤال الباطل. فالفرض عليه المحتم في هذه الحال: الوقوف، والانتهاء. الأمر الثاني: التعوذ بالله من الشيطان. فإن هذا من وساوسه وإلقائه في القلوب؛ ليشكك الناس في الإيمان بربهم. فعلى العبد إذا وجد ذلك: أن يستعيذ بالله منه، فمن تعوذ بالله بصدق وقوة أعاذه الله وطرد عنه الشيطان، واضمحلت وساوسه الباطلة. الأمر الثالث: أن يدفعه بما يضاده من الإيمان بالله ورسله، فإن الله ورسله أخبروا بأنه تعالى الأول الذي ليس قبله شيء، وأنه تعالى المتفرد بالوحدانية، وبالخلق والإيجاد للموجودات السابقة واللاحقة. فهذا الإيمان الصحيح الصادق اليقيني يدفع جميع ما يضاده من الشُّبَه المنافية له، فإن الحق يدفع الباطل. والشكوك لا تعارض اليقين. فهذه الأمور الثلاثة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم تبطل هذه الشبه التي لا تزال على ألسنة الملاحدة، يلقونها بعبارات متنوعة. فأمر بالانتهاء الذي يبطل التسلسل الباطل، وبالتعوذ من الشيطان الذي هو الملقي لهذه الشبهة، وبالإيمان الصحيح الذي يدفع كل ما يضاده من الباطل. والحمد لله فبالانتهاء: قطع الشر مباشرة. وبالاستعاذة: قطع السبب الداعي إلى الشر. وبالإيمان الاعتصام بالاعتقاد الصحيح اليقيني الذي يدفع كل معارض. وهذه الأمور الثلاثة هي جماع الأسباب الدافعة لكل شبهة تعارض الإيمان. فينبغي العناية بها في كل ما عرض للإيمان من شبهة واشتباه يدفعه العبد مباشرة بالبراهين الدالة على إبطاله، وبإثبات ضده وهو الحق الذي ليس بعده إلا الضلال، وبالتعوذ بالله من الشيطان الذي يدفع إلى القلوب فتن الشبهات، وفتن الشهوات، ليزلزل إيمانهم، ويوقعهم بأنواع المعاصي. فبالصبر واليقين: ينال العبد السلامة من فتن الشهوات، ومن فتن الشبهات. والله هو الموفق الحافظ. (اهـ نقلا عن كتاب بهجة قلوب الأبرار للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي). | |
|
| |
الوعد الحق المـــــــــــــــــــدير العــــــــــــــــــــــام
عدد المساهمات : 16600 نقاط : 51530 تاريخ التسجيل : 17/03/2011
| موضوع: رد: حديث وشرحه (متجدد) السبت 28 أبريل 2018 - 13:11 | |
| عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أُعطيت خمساً لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي: نصرت بالرُّعبِ مسيرة شهرين وجُعلتْ لي الأرض كلها مسجداً وطهوراً. فأيُّما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي الغنائم، ولم تحل لأحد قبلي. وأعطيت الشفاعة. وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة" متفق عليه. فُضِّل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بفضائل كثيرة فاق بها جميع الأنبياء. فكل خصلة حميدة ترجع إلى العلوم النافعة، والمعارف الصحيحة، والعمل الصالح. فلنبينا منها أعلاها وأفضلها وأكملها. ولهذا لما ذكر الله أعيان الأنبياء الكرام قال لنبيه: {أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} وهداهم: هو ما كانوا عليه من الفضائل الظاهرة والباطنة. وقد تمم صلى الله عليه وسلم ما أمر به، وفاق جميع الخلق، ولذلك خصّ الله نبينا بخصائص لما يشاركه فيها أحد من الأنبياء، منها: هذه الخمس التي عادت على أمته بكل خير وبركة ونفع. إحداها: أنه نصر بالرعب مسيرة شهر، وهذا نصر رباني، وجند من السماء يعين الله به رسوله وأمته المتبعين لهديه، فمتى كان عدوه عنه مسافة شهر فأقل فإنه مرعوب منه، وإذا أراد الله نصر أحد ألقى في قلوب أعدائه الرعب، قال تعالى: {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا} وألقى في قلوب المؤمنين من القوة والثبات والسكينة والطمأنينة ما هو أعظم أسباب النصر، فالله تعالى وعد نبينا وأمته بالنصر العظيم، وأن يعينهم بأسباب أرشدهم إليها، كالاجتماع والائتلاف، والصبر والاستعداد للأعداء بكل مستطاع من القوة إلى غير ذلك من الإرشادات الحكيمة، وساعدهم بهذا النصر، وقد فعل تبارك وتعالى، كما هو معروف من حال نبينا صلى الله عليه وسلم والمتبعين له من خلفائه الراشدين والملوك الصالحين، تم لهم من النصر والعزّ العظيم في أسرع وقت ما لم يتم لغيرهم. الثانية: قوله: "وجعلت لي الأرض كلها مسجداً وطهوراً" وحقق ذلك بقوله: "فأينما أدركت أحداً من أمتي الصلاة فعنده مسجده وطهوره" فجميع بقاع الأرض مسجد يصلى فيها من غير استثناء إلا ما نص الشارع على المنع منه. وقد ثبت النهي عن الصلاة في المقبرة والحمام، وأعطان الإبل. وكذلك الموضع المغصوب والنجس لاشتراط الطهارة لبدن المصلي وثوبه وبقعته. وكذلك من عدم الماء أو ضرّه استعماله فله العدول إلى التيمم بجميع ما تصاعد على وجه الأرض، سواء التراب الذي له غبار أو غيره، كما هو صريح هذا الحديث مع قوله تعالى: {فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ} فإن الصعيد: كل ما تصاعد على وجه الأرض من جميع أجزائها. ويدلّ على أن التيمم على الوجه واليدين ينوب مناب طهارة الماء، ويفعل به من الصلاة والطواف ومس الصحف وغير ذلك ما يفعل بطهارة الماء: والشارع أناب التراب مناب الماء عند تعذر استعماله. فيدل ذلك على أنه إذا تطهر بالتراب ولم ينتقض وضوءه لم يبطل تيممه بخروج الوقت ولا بدخوله، وأنه إذا نوى التيمم للنفل استباح الفرض كطهارة الماء، وأن حكمه حكم الماء في كل الأحكام في حالة التعذر. الثالث: قوله: "وأحلت لي الغنائم، ولم تحل لأحد قبلي" وذلك لكرامته على ربه، وكرامة أمته وفضلهم، وكمال إخلاصهم، فأحلها لهم، ولم ينقص من أجر جهادهم شيئاً. وحصل بها لهذه الأمة من سعة الأرزاق، وكثرة الخيرات، والاستعانة على أمور الدين والدنيا شيءٌ لا يمكن عدّه. ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : "وجعل رزقي تحت ظلّ رمحي" أما من قبلنا من الأمم، فإن جهادهم قليل بالنسبة لهذه الأمة، وهم دون هذه الأمة بقوة الإيمان والإخلاص. فمن رحمته بهم أنه منعهم من الغنائم؛ لئلا يخلّ بإخلاصهم. والله أعلم. الرابعة: قوله: "وأعطيت الشفاعة" وهي الشفاعة العظمى التي يعتذر عنها كبار الرسل، وينتدب لها خاتمهم محمدصلى الله عليه وسلم . فيشفّعه الله في الخلق. ويحصل له المقام المحمود الذي يحمده فيه الأولون والآخرون، وأهل السماوات والأرض. وتنال أمته من هذه الشفاعة الحظ الأوفر، والنصيب الأكمل. ويشفع لهم شفاعة خاصة، فيشفعه الله تعالى. وقد قال صلى الله عليه وسلم : "لكل نبي دعوة تعجَّلَها. وقد خَبَّأتُ دعوتي شفاعة لأمتي، فهي نائلة – إن شاء الله – من مات لا يشرك بالله شيئاً"، وقال: "أسعد الناس بشفاعتي: من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه". الخامسة: قوله: "وكان النبي" أي: جنس الأنبياء "يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة" وذلك لكمال شريعته وعمومها وسعتها، واشتمالها على الصلاح المطلق، وأنها صالحة لكل زمان ومكان. ولا يتم الصلاح إلا بها. وقد أسّست للبشر أصولاً عظيمة، متى اعتبروها صلحت لهم دنياهم كما صلح لهم دينهم. (اهـ نقلا عن كتاب بهجة قلوب الأبرار للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي). | |
|
| |
الوعد الحق المـــــــــــــــــــدير العــــــــــــــــــــــام
عدد المساهمات : 16600 نقاط : 51530 تاريخ التسجيل : 17/03/2011
| موضوع: رد: حديث وشرحه (متجدد) الأحد 29 أبريل 2018 - 15:23 | |
| عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي قال أمك قال ثم من قال ثم أمك قال ثم من قال ثم أمك قال ثم من قال ثم أبوك) رواه البخاري. للوالدين مكانة عظيمة في الإسلام لذا فقد حث الإسلام الأبناء على بر آبائهم، وجعل الإسلام مجرد إظهار التأفف لهما أو النظر إليهما بحدة من العقوق ، ومما يؤاخذ عليه الابن إذا فعله؛ فقال تعالى: {وإما يبلغنَّ عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما...} الآية. وفي هذا الحديث يخص النبي صلى الله عليه وسلم الأم بمكانة خاصة، ويميزها عن الأب، ويجعل لها أكثر مما للأب، قال ابن بطال معلقا على الحديث: مقتضاه أن يكون للأم ثلاثة أمثال ما للأب من البر , قال : وكان ذلك لصعوبة الحمل ثم الوضع ثم الرضاع , فهذه تنفرد بها الأم وتشقى بها , ثم تشارك الأب في التربية . وقد وقعت الإشارة إلى ذلك في قوله تعالى: ( ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين ) فسوى بينهما في الوصاية ، وخص الأم بالأمور الثلاثة . وفي حديث عائشة " سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي الناس أعظم حقا على المرأة ؟ قال : زوجها . قلت : فعلى الرجل ؟ قال : أمه " وفي حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده " أن امرأة قالت : يا رسول الله ، إن ابني هذا كان بطني له وعاء , وثديي له سقاء , وحجري له حواء , وإن أباه طلقني وأراد أن ينزعه مني , فقال : أنت أحق به ما لم تنكحي " كذا أخرجه الحاكم وأبو داود . فتوصَّلَتْ لاختصاصها به وباختصاصه بها في الأمور الثلاثة. | |
|
| |
الوعد الحق المـــــــــــــــــــدير العــــــــــــــــــــــام
عدد المساهمات : 16600 نقاط : 51530 تاريخ التسجيل : 17/03/2011
| موضوع: رد: حديث وشرحه (متجدد) الإثنين 30 أبريل 2018 - 15:19 | |
| عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنّهُ كَانَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوّدَانِهِ وَيُنَصّرَانِهِ وَيُمَجّسَانِهِ. كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ. هَلْ تُحِسّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ؟" ثُمّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {فِطْرَةَ اللّهِ الّتِي فَطَرَ النّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللّهِ} الآية [الروم: 30] . رواه مسلم. الفطرة المذكورة في الحديث: قيل هي ما أخذ عليهم في أصلاب آبائهم، وهو المذكور في قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} [الأعراف: 172] وأن الولادة تقع عليها حتى يحصل التغيير بالأبوين. وقيل هي ما قضي عليه من سعادة أو شقاوة يصير إليها، وقيل هي ما هيئ له. وقال أبو عبيد: سألت محمد بن الحسن عن هذا الحديث فقال: كان هذا في أول الإسلام قبل أن تنزل الفرائض وقبل الأمر بالجهاد. وقال أبو عبيد: كأنه يعني أنه لو كان يولد على الفطرة ثم مات قبل أن يهوده أبواه أو ينصرانه لم يرثهما ولم يرثاه لأنه مسلم وهما كافران ولما جاز أن يسبى، فلما فرضت الفرائض وتقررت السنن على خلاف ذلك علم أنه يولد على دينهما. وقال ابن المبارك: يولد على ما يصير إليه من سعادة أو شقاوة، فمن علم الله تعالى أنه يصير مسلماً ولد على فطرة الإسلام، ومن علم أنه يصير كافراً ولد على الكفر. وقيل معناه كل مولود يولد على معرفة الله تعالى والإقرار به، فليس أحد يولد إلا وهو يقر بأن له صانعاً وإن سماه بغير اسمه أو عبد معه غيره. والأصح أن معناه: أن كل مولود يولد متهيئاً للإسلام فمن كان أبواه أو أحدهما مسلماً استمر على الإسلام في أحكام الآخرة والدنيا، وإن كان أبواه كافرين جرى عليه حكمهما في أحكام الدنيا. وهذا معنى يهودانه وينصرانه ويمجسانه أي يحكم له بحكمهما في الدنيا، فإن بلغ استمر عليه حكم الكفر ودينهما، فإن كانت سبقت له سعادة أسلم وإلا مات على كفره. وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "كما تنتج البهيمة بهيمة" ومعناه كما تلد البهيمة بهيمة (جمعاء) بالمد أي مجتمعة الأعضاء سليمة من نقص لا توجد فيها جدعاء وهي مقطوعة الأذن أو غيرها من الأعضاء، ومعناه أن البهيمة تلد البهيمة كاملة الأعضاء لا نقص فيها وإنما يحدث فيها الجدع والنقص بعد ولادتها. | |
|
| |
الوعد الحق المـــــــــــــــــــدير العــــــــــــــــــــــام
عدد المساهمات : 16600 نقاط : 51530 تاريخ التسجيل : 17/03/2011
| موضوع: رد: حديث وشرحه (متجدد) الثلاثاء 1 مايو 2018 - 15:24 | |
| عن معاوية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين" متفق عليه. هذا الحديث من أعظم فضائل العلم، وفيه: أن العلم النافع علامة على سعادة العبد، وأن الله أراد به خيراً. والفقه في الدين يشمل الفقه في أصول الإيمان، وشرائع الإسلام والأحكام، وحقائق الإحسان. فإن الدين يشمل الثلاثة كلها، كما في حديث جبريل لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان والإسلام والإحسان، وأجابه صلى الله عليه وسلم بحدودها. ففسر الإيمان بأصوله الستة. وفسر الإسلام بقواعده الخمس. وفسر الإحسان بـ "أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك" فيدخل في ذلك التفقه في العقائد، ومعرفة مذهب السلف فيها، والتحقق به ظاهراً وباطناً، ومعرفة مذاهب المخالفين، وبيان مخالفتها للكتاب والسنة. ودخل في ذلك: علم الفقه، أصوله وفروعه، أحكام العبادات والمعاملات، والجنايات وغيرها. ودخل في ذلك: التفقه بحقائق الإيمان، ومعرفة السير والسلوك إلى الله، الموافقة لما دل عليه الكتاب والسنة. وكذلك يدخل في هذا: تعلُّم جميع الوسائل المعينة على الفقه في الدين كعلوم العربية بأنواعها. فمن أراد الله به خيراً فقهه في هذه الأمور، ووفقه لها. ودلّ مفهوم الحديث على أن من أعرض عن هذه العلوم بالكلية فإن الله لم يرد به خيراً، لحرمانه الأسباب التي تنال بها الخيرات، وتكتسب بها السعادة. (اهـ نقلا عن كتاب بهجة قلوب الأبرار للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي).
| |
|
| |
| حديث وشرحه (متجدد) | |
|