( عن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : يعجب ربكم من راعي غنم في رأس شظية بجبل ، يؤذن بالصلاة و يصلي ، فيقول الله عز وجل : انظروا إلى عبدي هذا ، يؤذن و يقيم الصلاة ، يخاف مني ، قد غفرت لعبدي و أدخلته الجنة .)*
تخريجه
رواه أبو داود و النسائي
و قال المنذري في تهذيب سنن أبي داود إسناده ثقات .
*غريبه*
شظية : قطعة مرتفعة في أعلى الجبل .
*معناه*
هذا مثال من أمثلة الخوف من الله عز وجل ،
يكون سببا لنجاة صاحبه من النار و دخوله الجنة .
فصاحبه في مكان منعزل قاص عن الناس ، لا يراه أحد منهم فيخاف أمره و نهيه و لومه ، يعلم أنه لا يراه أحد إلا الله ، فيقوم لأداء حق الله عليه ، إعظاما لهذا الحق ، و اخلاصا لله ، و إلا فما الدافع له و هو في هذه الحال ؟!
فيقوم .. يكبر الله و يشهد له بالوحدانية ، و لنبيه محمد صلى الله عليه و سلم بالرسالة ، و ينادي من يسمعه من سكان المكان و عامريه إلى الصلاة و الفلاح ، ثم يثني فيكبر الله و يهلله ، ثم يجيب نفسه بنفسه إلى الصلاة فيؤديها .
فهو موقف يرضي الله سبحانه ، و يعظم صاحبه عليه ، إنه موقف مراقبة لله و اخلاص له ، لا يحمل صاحبه عليه إلا شهوده حق الله عليه و خوفه المقام بين يديه ، و إن الله عز وجل أكرم من أن يجمع على عبده خوفين :
خوفه الله في الدنيا و خوفه عذابه في الآخرة ، بل إن خافه العبد في الدنيا أمنه في الآخرة ،
و إن أمنه في الدنيا أخافه في الآخرة .
قال الله تعالى على لسان الأبرار :
( إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا* فوقاهم الله شر ذلك اليوم و لقاهم نضرة و سرورا*)
فمن خاف الله في الدنيا حفظه الله في الآخرة من مكارهها ، و أناله نعيمها و سرورها .
نسأل الله ذلك من فضله .
و ثمة دقيقة في الحديث ، يقول الله فيه { قد غفرت لعبدي .. } و هذا تنبيه إلى أن العبد الذي لم يذكر الله من شأنه إلا هذا الخير ، فإنه لا يخلو من هفوات و مؤاخذات ، لكن الله الرحمن الرحيم يغفرها له و لا يؤاخذه عليها و يدخله الجنة .
*** *دعواتكم ***
من كتاب صحاح الاحاديث القدسية