جزاك الله خيرا اختاه ولكن القصة بها زيادة منكرة
أصل الزيادة المنكرة في القصة!
قلت: هذه هي القصة المتفق عليها في كلّ الروايات وعند جميع من خرّجه وليس فيه أن ذلك الرجل هو "بلال"! وليس فيه أن أبا ذرّ وضع خدّه على الأرض ليطأها بلال!!!
وهذه الزيادة جاءت في حديث منقطع أشار إليه ابن بطّال في شرحه لكتاب البخاري.
قال: روى الوليد بن مسلم، عن أَبِي بَكْر بن أَبِي مريم، عَنْ ضَمْرَة بن حَبِيْب، قال: "كان بين أبي ذرٍّ وبين بلال محاورة، فعيّره أبو ذر بسواد أمه، فانطلق بلال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فشكى إليه تعييره بذلك، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدعوه، فلما جاءه أبو ذر، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: تمت شتمت بلالاً وعيَّرته بسواد أمه؟ قال: نعم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تمت ما كنت أحسب أنه بقي فى صدرك من كبر الجاهلية شيء-، فألقى أبو ذر نفسه بالأرض، ثم وضع خده على التراب، وقال: "والله لا أرفع خدي من التراب حتى يطأ بلال خدي بقدمه، فوطأ خدّه بقدمه"!!
قلت: ضمرة بن حبيب الشامي تابعي ثقة، وحديثه مرسل، ولا يقدّم هذا على الحديث المتفق عليه.
والمراسيل عادة ما يدخل فيها على أصل الحديث الصحيح بعض المنكرات وخاصة في القصص كمثل قصتنا هذه، فينبغي الحذر منها وعرضها على ما صحّ من الحديث، وعدم الأخذ بالمرسل المنقطع.
ونكارة هذه الزيادة تتبيّن أيضاً في أمرين:
الأول: أن القصة حدثت مع أبي ذرّ ورجل آخر "عبد" ويوضحه قوله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر لما عاتبه في ذلك: "إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ جَعَلَهُمُ اللهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ...".
ولهذا أورد البخاري الحديث في كتاب "العتق" في بَابِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «العَبِيدُ إِخْوَانُكُمْ فَأَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ»، وابن ماجة في "بَاب الْإِحْسَانِ إِلَى الْمَمَالِيكِ".
وبلال - رضي الله عنه- لم يكن عبداً آنذاك. وسبب تحديث أبي ذرّ بهذا الحديث يدلّ على ذلك أيضاً فهو ذكره لما رئي عليه بُرْدًا، وَعَلَى غُلاَمِهِ بُرْدًا.
قَالَ الإمام النَّوَوِيّ: "وَسِيَاق الحَدِيث يشْعر أَن المسبوب كَانَ عبداً".
الثاني: لو أن ذلك حصل مع بلال فلا يظن به أنه يستجيب لأبي ذر بأن يطأ خدّه!! والمعروف من حاله وحال الصحابة العفو في الخطأ لا الرد بالمثل أو غيره.