" يونس عليه السلام "

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

أما بعد :،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مع سيرة من سير انبياء الله عليهم الصلاة والسلام

نتحدث اليوم بإذن الله عن سيدنا يونس _ عليه الصلاة والسلام _

عاش فى قرية يقال لها ( نينوى ) يدعو أهلها لعبادة الخالق _ جل وعلا _ وتوحيده

ولكن الناس رفضوا الإيمان والتوحيد واصروا أن يعيشوا فى الظلمات ظلمات الشرك والكفران

فلما يئس منهم نبي الله يونس _ عليه السلام _ خرج من تلك القرية ، ووعدهم بحلول العذاب بهم

بعد ثلاثة ايام ولكن لم ينتظر يونس _ عليه الصلاة والسلام _ أن يأتيه الأمر من الله ( جل وعلا)

بالرحيل فتعجل الخروج وهو فى حالة من الحزن والغضب

فلم يشعر بانه بذلك اخطأ وأنه ليس من مهمته هداية الناس وإنما مهمته تقتصر على دعوتهم

إلى الله وأما الهداية فلا يملكها إلا الله - جل وعلا -.

المهم انه لما خرج يونس عليه السلام من بين هذه القرية الظالمة وتحققوا نزول العذاب بهم

قذف الله فى قلوبهم التوبة والإنابة وندموا على ما كان منهم غلى نبيهم

فكشف الله بحوله وقوته ورأفته ورحمته عنهم العذاب قال تعالى :

{ فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يُونُس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزى

فى الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين } سورة يونس .

فمضت الثلاثة ايام التى وعد بها يونس قومه ؛ فجاء ينظر موعود الله فيهم ولعله كان معتزلاً

لهم لم يدري بتوبتهم فوجدهم سالمين فأغضبه ذلك ، وكان جزاء الكاذب عندهم أن يثقتل

فخرج هاربا من قومه خشية القتل

لذا نهى الله رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم أن يكون كصاحب الحوت

وصاحب الحوت هو سيدنا يونس عليه السلام

قال تعالى ( فأصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت ) سورة القلم

ولما ذهب مغاضباً ركب سفينة فى البحر وأشتد الأمواج واضربطت السفينة وثقلت وكادوا يغرقون

فقرروا أن يقترعوا ومن تقع عليه القرعة يلقوه من السفينة ليتخففوا منه

فوقعت القرعة على نبي الله _يونس عليه السلام _ فلم يسمحوا به ، فأعدوه ثانية

فوقعت عليه ايضاً فشمر ليخلع ثيابه ويلقى بنفسه فأبوا عليه ذلك

ثم اعادوا القرعة ثالثة فوقعت عليه أيضاً لِما يريده الله به من الأمر العظيم .

قال تعالى : { وإن يونس لمن المرسلين * إذ ابق إلى الفلك المشحون * فساهم فكان من المدحضين

فألتقمه الحوت وهو مليم }

فألتقمه حوتاً عظيماً وأمره الله ألا يأكل له لحماً ولا يهشم له عظماً

فلما استقر فى جوف الحوت حسب أنه مات فحرك جوارحه فتحركت فإذا هو حي فخر

لله ساجداً وقال : (يا رب ..أتخذت لك مسجداً في موضع لم يعبدك احد في مثله )

( قصص الأنبياء ص : 329 )

فكان يونس _عليه السلام _فى ظلمات ثلاث

ظلمة الليل ، وظلمة قاع البحر ، وظلمة بطن الحوت

وهنا احس بذنبه وشعر أنه اخطأ عندما خرج من القرية بغير أمر الله - حل وعلا - فاخذ

يصلي ويسبح ويستغفر الله_ جل وعلا _ فى بطن الحوت

وكان من الممكن ان يظل فى بطن الحوت إلى يوم القيامة ولكن شيئاً واحداً كان سبب نجاته

من هذا العذاب الاليم ، هذا الشئ هو التسبيح والذكر والدعاء

يقول تعالى : { فلولا أنه كان من المسبحين * للِبث في بطنه إلى يوم يبعثون } سورة الصافات

كان يسبح سيدنا يونس -عليه السلام - الله جل وعلا قائلاً :

(اللهم لا إله إلا انت سبحانك إني كنت من الظالمين )

فأقبل الدعوة تحف بالعرش قالت الملائكة : يا رب هذا صوت ضعيف معروف من بلاد بعيدة غريبة

فقال الله تعالى : اما تعرفون ذلك ذلك قالوا : يا رب ومن هو ؟

قال -عز وجل- : هذا عبدي يونس قالوا : عبدك يونس .. الذي لم يزل يثرفع له عمل متقبل

ودعوة مستجابة قالوا : أو لا ترحم ما كان يصنع في الرخاء فتنجيه فى البلاء

قال - عزوجل - : بلى فأمر الحوت فطرحه بالعراء .

( مختصر تفسير ابن كثير ( 4 / 18 ، 19 )

وأنبت الله له على شاطئ البحر شجرة من يقطين وهو نبات له فوائد عظيمة للجسم

وأروراقه عريضة فكان يونس - عليه السلام - يأكل منها ويحتمي بظل أوراقها

العريضة من أشعة الشمس ،وظل هكذا فترة من الزمان حتى أسترد صحته وعافيته

وبذلك نجد أن التسبيح وشفاعة الملائكة لسيدنا يونس- عليه السلام - شفعوا له عند الله (جل وعلا)

وقد أخبرنا رسولنا_ صلى الله عليه وسلم _ ان يونس كان يستظل بظل هذه الشجرة ، ويأكل منها

وانها يبست بعد مدة من الزمن فبكى عليها نبي الله يونس -عليه السلام - حين يبست ،

فأوحى الله إليه معاتباً :( اتبكي على شجرة ان يبست ، ولا تبكي على مائة الف أو يزيدون اردت أن تهلكهم )

ولما صح جسده وأصبح قادراً على المشي والحركة ؛ وجد غلاماً يرعى غنماً

فسأله من أى الأقوام هو ؟ فقال : أنه من قوم يونس فطلب منه أن يسلم على قومه ويخبرهم بانه لقى يونس.

وكان الغلام حصيفاً نبيهاً فقال ليونس -عليه السلام - : إن تكن يونس ، فقد تعلم

أنه من كذب ولم يُكن له بينة قتُل ، فمن يشهد لي ؟

قال يونس - عليه السلام - تشهد لك هذه الشجرة ، وهذه البقعة .

فقال الغلام ليونس : مُرهما ، أى : بالشهادة له

فقال لهما يونس - عليه السلام - إذا جاءكما هذا الغلام فاشهدا له ، قالتا : نـــــــــــــعم .

وطبعاً هذا كــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــله بقدرة الله عز وجل

فرجع الغلام إلى قومه فأتى الملك وابلغه بما حدث

فأمر الملك بقتل الغلام .

لمـــــــــــِـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا ؟

لأن الكلام الذي يقوله لا يعقل فقد استقر عندهم أن يونس مات غرقا خاصة عندما

عاد من كانوا فى السفينة وحكوا عما حدث ليونس - عليه السلام - والقائه فى البحر

فقال الغلام : طبب انا عندي دليل على صحة كلامي

فأرسل الملك معه بعض خاصته

فلما وصلوا إلى الشجرة والبقعة خاطبهما قائلاً :

نشدتكما بالله ، هل اشهدكما يونس ؟

قالتا : " نــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــعم "

( الله اكبر )

فرجعوا خائفين وجلين ، وأخبروا الملك بما سمعوه فما كان من الملك إلا أنه نزل عن كرسيه

وأمسك بيد الغلام وأجلسه ملكاً فى مكانه

وقال له : أنـــــــــــــــــــــــــــــــت أحق بهذا المكان مني .

وقد أخبرنا رسولنا _ صلى الله عليه وسلم _ أن ذلك الغلام حكم أربعين سنة ،

اقام لهم فيها امرهم ، وصلح فيها حالهم

والذي يظهر ان يونس - عليه السلام - إنما أمر الغلام بالسلام على قومه

واخبارهم بحياته ، وإشهاد البقعة والشجرة على ذلك ليدل قومه على

انه لم يكذب عليهم وأن كل ما كان إنما كان بامر الله

فشهادة الشجرة والبقعة للغلام شهادة ليونس بالنبوة ، والنبي صادق لا يكذب

{ صحيح القصص النبوي ( ص 127 / 128 ) }

وبهذا نكون انتهينا من قصة وسيرة نبي الله يونس - عليه السلام - وعلى

نبينا اتم صلاة وتسليم

وموعدنا بإذن الله مع نبي اخر نتعرف عليه ونعرف سيرته

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

» قصة يونس عليه السلام
» يحيى عليه السلام
» " نبي الله نوح عليه السلام"
» " أيوب عليه السلام "
» نبي الله هود عليه السلام