بسم الله.. الحمد لله الّذي خلق المكان والزّمان،
والصّلاة والسّلام على نبيّنا محمّدٍ الّذي أكثر من الصّيام في شعبان،
وعلى آله وصحبه وكل من اعتصم بالقرآن.. وبعد
عطية من عطايا الكريم المنان
عن أسامه بن زيد -رضي الله عنهما- قال: قلت يا رسول الله،
لم أراك تصوم شهرًا من الشّهور ما تصوم من شعبان؟
قال: «ذاك شهرٌ يغفل النّاس عنه بين رجب ورمضان
وهو شهرٌ يرفع فيه الأعمال إلى ربّ العالمين
فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم»
[حسنه الألباني 4/103 في إرواء الغليل].
لماذا سمي شعبان؟
شعبان هو اسم للشهر، وسمَّي بذل لأنّ العرب كانوا يتشعبون فيه
(أي يتفرقون) لطلب المياه، وقيل تشعُّبهم في الغارات،
وقيل لأنّه شعب (أي ظهر) بين شهري رجب ورمضان،
ويُجمعُ على شعبانات وشعابين.
كثرة صيامه -صلّى الله عليه وسلّم- في شعبان:
لما كان شعبان كالمقدمة لرمضان،
فحسن أن يكون فيه شيءٌ مما يكون في رمضان من صيامٍ.
عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت:
«كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-
يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم،
فما رأيت رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-
استكمل صيام شهرٍ إلا رمضان،
وما رأيته أكثر صيامًا منه في شعبان» [البخاري 1969].
وعنها أيضًا -رضي الله تعالى عنها- قالت:
«كان أحب الشّهور إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-
أن يصومه شعبان ثم يصله برمضان»
[رواه أبو داود 2431 والنّسائي 2349 وصححه الألباني].
قال الإمام ابن حجر -رحمه الله تعالى-:
"في الحديث دليل على فضل الصّوم في شعبان" (بلوغ المرام).
وقال الإمام ابن رجب -رحمه الله تعالى-:
"وأما صيام النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-
من أشهر السّنّة فكان يصوم من شعبان
ما لا يصوم من غيره من الشّهور" (لطائف المعارف).
وقال الإمام الصّنعاني -رحمه الله تعالى-:
"وفيه دليلٌ على أنه يخص شعبان بالصّوم أكثر من غيره" (سبل السّلام).
الحكمة في إكثاره -صلّى الله عليه وسلّم الصّيام في شعبان:
عن أسامه بن زيد -رضي الله تعالى عنهما- قال:
قلت يا رسول الله، لم ارك تصوم شهراً من الشهور ما تصوم من شعبان؟
قال :
«ذاك شهرٌ يغفل النّاس عنه بين رجب ورمضان
وهو شهرٌ يرفع فيه الأعمال إلى ربّ العالمين
فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم»
[حسنه الألباني 4/103 في إرواء الغليل].
1- أفضل الصّيام بعد رمضان أيام شهر الله الحرام (محرم).
3- كان -عليه الصّلاة والسّلام- يصوم في أيام شعبان
ما لا يصوم في غيره من الشّهور.
3- باقي أيام الشّهور في الأفضلية سواءً إلا ما ورده فيه نص
كصيام يوم عرفة وعاشوراء وشوَّال. إلخ
قال الإمام ابن رجب -رحمه الله تعالى-
في بيان حكمة الصيام في شعبان:
"وفيه معانٍ وقد ذكر منها النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-
أنّه لما اكتنفه شهران عظيمان: الشّهر الحرام (رجب)
وشهر الصيام (رمضان)، أشتغل النّاس بهما عنه، فصار مغفولًا عنه.
وكثير من الناس يظنّ أنّ صيام رجب أفضل من صيام شعبان؛
لأنه شهر حرام، ولس كذلك" (لطائف المعارف).
الإعجاز العلمي في صيام شعبان
لقد ثبت علميًّا أنّ الجسم في أيام الصّوم الأولى
يبدأ باستهلاك مخزونه الاحتياطيّ من الدّهون والبروتينات
وغيرها (لتعويض النّقص الحاصل بسبب تقليل الطّعام)
فينتج عن ذلك سموم تتدفق في الدّم (هرمون الأدرينالين)،
قبل أن يتخلص منه الجسم مع الفضلات،
مما يؤدي إلى شعور الصّائم ببعض الأعراض:
كالصداع والوهن وسرعة الغضب وتغيُّر المزاج وقد يشتم ويسب.. إلخ
ممّا قد يضطرّه لأن يترك الصّيام أحيانًا.
وهذه الأعراض تزول بعد أن تعود نسب الهرمونات إلى وضعها الطّبيعيّ
في الدّم خلال أيام من بدء الصّوم -بإذن الله تعالى-
(وهذا ملاحظ لدى الصّائمين).
فصيام شعبان (المسنون) كالتّمرين على صيام رمضان (المفروض)،
حتى لا يدخل المسلم في صوم رمضان على مشقةٍ وكلفةٍ ...
والله -سبحانه وتعالى- أعلم.
الصّيام في آخر شعبان
عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- (حافظ السّنّة، وحبيب المؤمنين)
عن النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال:
«لا تقدموا رمضان بصوم يومٍ ولا يومين.
إلا رجل كان يصوم صوماً، فليصمه» [رواه مسلم 1082].
ومثال من له عادةً:
أن يكون المسلم محافظ على صيام يومي الإثنين والخميس مثلًا،
فلا بأس بصيامهما.
كما نهى -صلّى الله عليه وسلّم- عن صيام (يوم الشّكّ)
وهو يوم الثلاثين من شعبان إلا أن يوافق عادته في الصّيام.
من بدع ليلة النّصف من شعبان:
1- الاحتفال بليلة النّصف من شعبان بأيِّ شكلٍ من أشكال الاحتفال،
سواءً بالاجتماع على عبادات أو إنشاد القصائد والمدائح،
أو بالإطعام واعتقاد أن ذلك سنّةٌ واردةٌ.
2- صلاة الألفيَّة (في تلك الليلة) وتسمى أيضًا صلاة البراءة.
3-كذلك صلاة أربع عشرة ركعة أو اثنتي عشرة ركعة أو ست ركعات فيها.
4- تخصيص صلاة العشاء في ليلة النصف من شعبان بقراءة سورة يس،
أو بقراءة بعض السّور بعدد مخصص كسورة الإخلاص،
أو تخصيصها بدعاءٍ يسمى دعاء ليلة النّصف من شعبان،
وربما شرطوا القبول هذا الدّعاء قراءة سورة يس أو صلاة ركعتين قبله.
وكذلك تخصيصها بالصّوم، أو التّصدق،
أو اعتقاد أنّ ليلة النّصف من شعبان مثل ليلة القدر في الفضل...
حكم الاحتفال بليلة النّصف من شعبان؟
سئل الشّيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله تعالى-
عن ليلة النّصف من شعبان؟ وهل لها صلاة خاصة؟
فأجاب: ليلة النّصف من شعبان ليس فيها حديث صحيح.
وكل الأحاديث الواردة فيها ضعيفة أو موضوعة لا أصل لها،
وهي ليلة ليس لها خصوصية، لا قراءة ولا صلاة خاصّة ولا جماعة...
وما قاله بعض العلماء أنّ لها خصوصية فهو قولٌ ضعيفٌ،
فلا يجوز أن تخصّ بشيءٍ.. هذا هو الصّواب، وبالله التوفيق. انتهى.