الرحيق المختوم ...
دروس من السيرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام ...
الدرس ( 44 )
ميثاق الظلم والعدوان :
اجتمعوا في خيف بني كنانة من وادي المحصب فتحالفوا على بني هاشم وبني عبدالمطلب أن ﻻ يناكحوهم ، وﻻ يبايعوهم ، وﻻ يجالسوهم ، وﻻ يخالطوهم ، وﻻ يدخلوا بيوتهم ، وﻻ يكلموهم ، حتى يسلموا إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم للقتل ، وكتبوا بذلك صحيفة فيها عهود ومواثيق أن ﻻ يقبلوا من بني هاشم صلحا أبدا ، وﻻ تأخذهم بهم رأفة حتى يسلموه للقتل .
قال ابن القيم :
يقال كتبها منصور بن عكرمة بن عامر بن هاشم ، ويقال النضر بن الحارث ، والصحيح أنه بغيض بن عامر بن هاشم ، فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فشلت يده .
تم هذا الميثاق ، وعلقت الصحيفة في جوف الكعبة ، فانحاز بنو هاشم وبنو المطلب مؤمنهم وكافرهم - إﻻ أبا لهب - وحبسوا في شعب أبي طالب ليلة هلال المحرم سنة سبع من البعثة .
ثلاثة أعوام في شعب أبي طالب :
واشتد الحصار ، وقطعت عنهم الميرة والمادة ، فلم يكن المشركون يتركون طعاما يدخل مكة وﻻ بيعا إلا بادروه فاشتروه ، حتى بلغهم الجهد ، والتجأوا إلى أكل اﻷوراق والجلود ، وحتى كان يسمع من وراء الشعب أصوات نسائهم وصبيانهم يتضاغون من الجوع ، وكان ﻻ يصل إليهم شيئا إﻻ سرا ، وكانوا ﻻ يخرجون من الشعب لشراء الحوائج إﻻ في اﻷشهر الحرم ، وكانوا يشترون من العير التي ترد مكة من خارجها ، ولكن أهل مكة كانوا يزيدون عليهن في السلعة قيمتها حتى ﻻ يستطيعوا الشراء .
وكان حكيم بن حزام ربما يحمل قمحا إلى عمته خديجة رضي الله عنها وقد تعرض له مرة أبو جهل فتعلق به ليمنعه ، فتدخل بينهما أبو البختري ومكنه من حمل القمح إلى عمته
وكان أبو طالب يخاف على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكان إذا أخذ الناس مضاجعهم يأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يضجع على فراشه ، حتى يرى ذلك من أراد اغتياله ، فإذا نام الناس أمر أحد بنيه أو أخوانه أو بني عمه فاضجع على فراش الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأمره أن يأتي بعض فرشهم .
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون يخرجون في أيام الموسم فيلقون الناس ويدعونهم إلى اﻹسلام .