لطائف تفسيرية
السؤال:
ما الفرق بين القرية والمدينة في المعنى في القرآن الكريم؟؟
الجواب:
اعتمد القرآن الكريم على [ طبيعة السكّان ] في مسمّياته للتجمعّات السكّانيّة ، فإذا كان المجتمع [ مُتّّفقاً ] على فِكْرة واحدة أو مِهنةٍ واحدة أسماه القرآن [ قرية ] .
و نحن نقول مثلاُ : القرية السياحيّة ، القرية الرياضيّة
الجزء الثاني من الجواب ..
في سورتيْ [ الكهف ] و [ يس ] وهما مِنْ أكثر السور قراءةً لدى المسلمين فهناك موضوع مدهشٌ للغاية في السورتين ، هو :
كيف تتحوّل [ القرية ] إلى [ مدينة ] في ذات الوقت ، و دون مرور فترة زمنيّة ، حيثُ نجد في سورة الكهف ( حتّى إذا أتَيا أهْل قريةٍ استطعما أهلها فأبَوْا أنْ يُضَيّّفوهمَا فوجدا فيها جداراً يُريد أنْ يَنْقضّّ فأقامَه) .... ثم قال تعالى عنها ( و أمّا الجدار فكان لِغًلامَيْن يتيميْن في المدينة ) سورة الكهف
و ذات الموضوع ورَدَ في سورة يس :
( و اضْربْ لهم مثلاُ أصحاب القرية إذْ جاءها المرسلون) ..... ثم قال تعالي عنها في موضع آخر
(و جاء منْ أقصى المدينة رجلٌ يسعى ) سورة يس
فكيف انقلبت [ القرية ] إلى [ مدينة ] ببلاغةٍ مدهشة ؟ !
هذا يجعلنا نعود إلى سورة الكهف : فعندما اتّفق المجتمع على [ البُخْل ] عندها أسماه القرآن الكريم
[ قرية ] وفي سورة يس عندما اتّفقوا على الكُفْر أسماها أيضاً [ قرية ] .
و مثالُ آخر : عندما اتّفق قوم [ لوط ] عليه السلام على معصية واحدة قال تعالى :
( و نجّيناه من القرية التي كانت تعْمل الخبائث )
-سورةالأنبياء -
و عِندمـا يُطلق القرآن الكريم مُسمّى
[ مدينة ] يكون المجتمع فيه الخير و فيه الشرّ ،أو يكون سكّانه في أعداءُ مع بعضهم ..
و الدليل على ذلك أنّ القرآن الكريم أطلق على [ يثرب ] اسم : [ مدينة ] ، ، وذلك لوجود منافقين و صحابة مؤمنين بنفس المجتمع ، فقال تعالى
( و من أهل المدينة مردوا على النفاق ) سورة التوبة آية 101 ،
لذلك لم يردْ في القرآن الكريم أنّ الله سبحانه قد أهلك [ مدينة ] ، بل يُهلك القرى الكافرة تماماً أي يأتي الهلاك عندما يعمّ الكُفر في المجتمع .
نعود لسورة الكهف : عِندما أضاف
[ العبد الصالح ] ، أضاف الولدين [ الصالحَين ] إلى المجتمع البخيل [ الفاسد ] ، أصبح المجتمع [ مدينة ] و لم يعُدْ [ قرية ] ،
و كذلك في سورة يس ، عندمـا أسلم أحد الأشخاص ،
أصبحت [ القرية ] الكافرة
[ مدينة ] فيها الكفر و فيها الإيمان ، لذلك قلب القرآن الكريم التسمية فوراً و بذات الحَدَث منْ [ قرية ] إلى [ مدينة ] حيث قال في بداية القصة "واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون " فما أعلن ٱحد ٱهلها إسلامه سماها مدينه :"وجاء من أقصا المدينة رجل يسعى" ،
و من روعة البلاغة في القرآن الكريم ، أنّ القارىْ لا ينتبه أنّ [ القرية ]
قد أصبحت [ مدينة ] .