اسم الله (الوارث)
هو اسم من أسماء الله عز وجل، يدلّ على بقائه وديمومته، فهو يرث الأرض ومن عليها، وهو خير الوارثين، أي يبقى بعد فناء الكل، ويفنى من سواه فيرجع ما كان ملك العباد إليه وحده لا شريك له.
وكان من دعاء النبي -صل الله عليه وسلم- : (اللهم أمتعني بسمعي وبصري واجعلهما –وفي رواية واجعلها- الوارث مني) رواه الترمذي، والمقصود بأنه أراد بقاءهما وقوتهما عند الكبر وانحلال القوى النفسانية، فيكون السمع والبصر وارثي سائر القوى، والباقييْن بعدها، وهذا المعنى هو الذي ذكره شرّاح الحديث كالإمام ابن الأثير.
المعنى الاصطلاحي:تكاد تتفق كلمة العلماء على أن "الوارث" هو الذي يرث السماوات والأرض وما فيهما بعد موت الخلائق وانتهائها، فيكون باقياً بعد فناء الخلائق.
يقول ابن الأثير: "الوارث: هو الذي يرث الخلائق، ويبقى بعد فنائهم"،
ومن شرح الإمام الخطابي لهذا الاسم قوله: "الوارث: هو الباقي بعد فناء الخلق، والمسترد أملاكهم وموارثهم بعد موتهم، ولم يزل الله باقيًا مالكًا لأصول الأشياء كلها، يورثها من يشاء ويستخلف فيها من أحب".
وفي ضوء ما سبق، قام المفسّرون بتفسير الآيات التي ورد فيها اسم الله "الوارث" :
يقول أبوالسعود في تفسير قوله تعالى:{وإنا لنحن نحيي ونميت ونحن الوارثون} (الحجر:23): " (ونحن الوارثون): أي الباقون بعد فناء الخلق قاطبة، المالكون للملك عند انقضاء زمان الملك، الحاكمون في الكل أولاً وآخراً، وليس لهم إلا التصرف الصوري والملك المجازي"،
ويقول الإمام البغوي عند تفسير قول الله تعالى: {وأنت خير الوارثين} (الأنبياء: 89): "أثنى على الله بأنه الباقي بعد فناء الخلق، وأنه أفضل من بقي حياً"،
ويقول الإمام الطبري في بيان معنى قوله تعالى: {وكنا نحن الوارثين} (القصص:58): " ولم يكن لما خّربنا من مساكنهم منهم وارث، وعادت كما كانت قبل سكناهم فيها، لا مالك لها إلا الله، الذي له ميراث السماوات والأرض".
أدلة هذا الاسم من النصوص الشرعيّة:ورد اسم الله الوارث في القرآن الكريم ثلاث مرّات،
في قوله تعالى: {وإنا لنحن نحيي ونميت ونحن الوارثون}(الحجر:23)،
وقوله تعالى: {وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين} (الأنبياء: 89)،
وقوله عز وجل: { وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا وكنا نحن الوارثين}(القصص:58).
وورد في موضع واحد بصيغة الفعل، في قوله تعالى: { إنا نحن نرث الأرض ومن عليها وإلينا يرجعون}(مريم:40).