السؤال:
من فترة إلى فترة يتم سرقة ( جان ) المال و الذهب علماً بأن الذهب مقفل في خزنه خاصة ولا احد يعلم بالرقم السري ، يتم قراءة سورة البقرة كل اسبوع في البيت ومازال مسلسل أختفاء المال و الذهب موجود في البيت. غالبا في الاسبوع الذي لا تتمت فيه قراءة سورة البقرة يحدث فيه الأختفاء. علماً بأن أحد المشايخ ذكر أنه جان متسطل فما هو الحل ؟ وهل المال او الذهب الذي سرق يمكن للجان ان يرده ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
من حيث الاصل فإن للشيطان القدرة على سرقة الأشياء من الناس ، ومن أشهر ما يستدل به على هذا ؛ قصة أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: ( وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ ، فَأَتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ ، فَأَخَذْتُهُ وَقُلْتُ : وَاللَّهِ لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : إِنِّي مُحْتَاجٌ ، وَعَلَيَّ عِيَالٌ ، وَلِي حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ ، قَالَ: فَخَلَّيْتُ عَنْهُ ... فَرَصَدْتُهُ الثَّالِثَةَ ، فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ ، فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ : لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهَذَا آخِرُ ثَلاَثِ مَرَّاتٍ ، أَنَّكَ تَزْعُمُ لاَ تَعُودُ ثُمَّ تَعُودُ . قَالَ : دَعْنِي أُعَلِّمْكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهَا ، قُلْتُ : مَا هُنَّ ؟ قَالَ : إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ ، فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ: ( اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ )
حَتَّى تَخْتِمَ الآيَةَ ، فَإِنَّكَ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ ، وَلاَ يَقْرَبَنَّكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ ، فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ البَارِحَةَ ؟ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ زَعَمَ أَنَّهُ يُعَلِّمُنِي كَلِمَاتٍ يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهَا فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ ، قَالَ: مَا هِيَ ؟ قُلْتُ : قَالَ لِي : إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ مِنْ أَوَّلِهَا حَتَّى تَخْتِمَ الآيَةَ ( اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ ) ، وَقَالَ لِي : لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ ، وَلاَ يَقْرَبَكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ ، وَكَانُوا أَحْرَصَ شَيْءٍ عَلَى الخَيْرِ . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ ، تَعْلَمُ مَنْ تُخَاطِبُ مُنْذُ ثَلاَثِ لَيَالٍ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ؟ قَالَ : لاَ . قَالَ: ذَاكَ شَيْطَانٌ ) رواه البخاري (2311) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى :
" وفي الحديث من الفوائد ... وأنهم – أي الجن – يسرقون ويخدعون " انتهى من " فتح الباري " (4 / 489) .
لكن الجن وإن كانوا لهم قدرة على السرقة ، إلّا أنهم لا قدرة لهم على فتح باب مغلق .
عن جَابِر بْن عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا كَانَ جُنْحُ اللَّيْلِ ، أَوْ أَمْسَيْتُمْ ، فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ ، فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ ، فَإِذَا ذَهَبَتْ سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ فَخَلُّوهُمْ ، وَأَغْلِقُوا الأَبْوَابَ ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا ) رواه البخاري (3304) ، ومسلم (2012)
فالحديث نصّ على أن الشيطان لا قدرة له على فتح الباب المغلق .
قال الإمام ابن عبد البر رحمه الله تعالى :
" وأما قوله : ( إن الشيطان لا يفتح غلقا ، ولا يحل وكاء ) فذلك إعلام منه ، وإخبار عن نعم الله عز وجل على عباده من الإنس ، إذ لم يعط قوة على فتح باب ، ولا حل وكاء ، ولا كشف إناء ، وأنه قد حرم هذه الأشياء " انتهى من " الإستذكار" (26 / 294) .
وقيّد بعض أهل العلم ذلك إذا ذكر اسم الله تعالى عند غلقه .
قال ابن حجر رحمه الله تعالى :
" وفي رواية زاد في كل من الأوامر المذكورة ( واذكر اسم الله تعالى ) ... ذكر اسم الله يحول بينه – أي الشيطان - وبين فعل هذه الأشياء ، ومقتضاه أنه يتمكن من كل ذلك إذا لم يذكر اسم الله ، ويؤيده ما أخرجه مسلم والأربعة عن جابر رفعه : ( إذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان : لا مبيت لكم ولا عشاء ، وإذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله قال الشيطان : أدركتم ) ، وقد تردد ابن دقيق العيد في ذلك فقال في شرح الإلمام : يحتمل أن يؤخذ قوله ( فإن الشيطان لا يفتح بابا مغلقا) على عمومه ، ويحتمل أن يخص بما ذكر اسم الله عليه " انتهى من " فتح الباري " (11 / 87 – 88).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" لكن الشياطين إنما تتسلط على من لا يذكر اسم الله ؛ كالذي لا يذكر اسم الله إذا دخل ، فيدخلون معه ، وإن لم يذكر اسم الله إذا أكل ، فإنهم يأكلون معه .
وكذلك إذا ادّخر شيئاً ، ولم يذكر اسم الله عليه ، عرفوا به ، وقد يسرقون بعضه ، كما جرى هذا لكثيرٍ من الناس .
وأما من يذكر اسم الله على طعامه ، وعلى ما يختاره ، فلا سلطان لهم عليه ، لا يعرفون ذلك ، ولا يستطيعون أخذه " انتهى من كتابه " النبوات " (2 / 1022) .
فالحاصل : أن عليك أن تذكر اسم الله تعالى عند غلقك باب خزانة أموالك ، فإن الشيطان لا يقدر على فتحه ، كما أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ، وواظب على قراءة آية الكرسي فإنها تطرد الشياطين عنك ، وتحفظك من شرها كما دلّ عليه حديث أبي هريرة السابق .
وعليك أن تحتاط أكثر في حفظ أموالك وذلك بتغيير الرقم السري ، وإذا استطعت فضع جهاز مراقبة ونحو هذا ، فلعل هناك من يدخل البيت في غيابك وله خبرة في فتح الخزائن المغلقة.
ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم : (101681) .
ثانيا :
عودة المسروق هو أمر ممكن عقلا، ولكن لا نعلم وسيلة معينة لاستعادة الأموال التي سرقها الجن ، فعليك بكثرة اللجوء إلى الله تعالى بدعائه أن يرد عليك ما ضاع منك . قال الله تعالى وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) البقرة /186 . وإذا بقيت في ريب من أمرك ، ولم ينقطع عنك ضياع مالك ، وأمكنك أن تغير منزلك ، من غير ضرر زائد عليك : فلا بأس بذلك ، بل قد يكون فيه منفعة ومصلحة لكم ، إن شاء الله .
والله أعلم .
موقع الإسلام سؤال وجواب