السؤال
ما معنى هذا الحديث: أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا؟ أبو داود، وبارك الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن لفظ الحديث بكامله كما في سنن أبي داود هو: عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه. وحسنه الألباني ـ رحمه الله تعالى.
ومعني الحديث أنه صلى الله عليه وسلم ضامن لكل من يترك المراء وهو الجدال ولو كان محقا أن يعطيه الله سبحانه وتعالى بيتا في ربض الجنة. أي أدناها، كما قال محمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري في تحفة الأحوذي، قال في عون المعبود قوله صلى الله عليه وسلم: أنا زعيم أي ضامن وكفيل ببيت، قال الخطابي البيت هاهنا القصر يقال هذا بيت فلان أي قصره في ربض الجنة بفتحتين أي ما حولها خارجا عنها تشبيها بالأبنية التي تكون حول المدن وتحت القلاع كذا في النهاية، المراء أي الجدال كسرا لنفسه كيلا يرفع نفسه على خصمه بظهور فضله. انتهى.
وفي سنن الترمذي: عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ترك الكذب وهو باطل بني له في ربض الجنة، ومن ترك المراء وهو محق بني له في وسطها، ومن حسن خلقه بني له في أعلاها. قال الترمذي: حديث حسن، وقال الألباني: ضعيف بهذا اللفظ.
قال في تحفة الأحوذي: وأما قول الشارح هو ما حولها خارجا عنها تشبيها بالأبنية التي حول المدن وتحت القلاع فهو صريح اللغة، لكنه غير صحيح المعنى فإنه خلاف المنقول ويؤدي إلى المنزلة بين المنزلتين حسا كما قاله المعتزلة معنى، فالصواب أن المراد به أدناها كما يدل عليه قوله: ومن ترك المراء وهو محق ـ أي صادق ومتكلم بالحق في وسطها بفتح السين ويسكن أي في أوسطها لتركه كسر قلب من يجادله ودفعه رفعة نفسه وإظهار نفاسة فضله وهذا يشعر بأن معنى صدر الحديث أن من ترك المراء وهو مبطل فوضع الكذب موضع المراء، لأنه الغالب فيه، أو المعنى أن من ترك الكذب ولو لم يترك المراء بني له في ربض الجنة، لأنه حفظ نفسه عن الكذب لكن ما صانها عن مطلق المراء فلهذا يكون أحط مرتبة منه، إلى أن قال: قال الامام حجة الاسلام: حد المراء الاعتراض على كلام الغير بإظهار خلل فيه إما لفظا، أو معنى، أو في قصد المتكلم وترك المراء بترك الاعتراض والإنكار فكل كلام سمعته فإن كان حقا فصدق به، وإن كان باطلا ولم يكن متعلقا بأمور الدين فاسكت عنه. انتهى.
والله أعلم.