ظنّه بالله:
عن جابر –رضي الله عنه- قال سمعت النبي –صلى الله عليه وسلم- قبل موته بثلاثة أيام يقول: "لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله تعالى" رواه مسلم.
والنبي –صلى الله عليه وسلم- أقرب عباد الله إلى الله وأزكاهم عنده، وهو الذي سبق إلى كل خير واقترب من كل فضل، وكان يوصي أصحابه ومن بعدهم بالظن الحسن بالله عز وجل.
وعن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال النبي –صلى الله عليه وسلم- "يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإذا ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم" رواه البخاري ومسلم.
خُلُقه:
عن أنس بن مالك –رضي الله عنه- وكان صبياً قال: كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- من أحسن الناس خلقاً، فأرسلني يوماً لحاجة فقلت: والله لا أذهب، وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به نبي الله –صلى الله عليه وسلم-، فخرجت حتى أمُرّ على الصبيان وهم يلعبون في السوق، فإذا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قد قبض بقفاي من ورائي، قال، فنظرت إليه وهو يضحك، فقال : يا أنيس : ! هل ذهبت حيث أمرتك؟ قال قلت: نعم، أنا أذهب يا رسول الله! قال أنس: والله لقد خدمته تسع سنين، ما علمته قال لشيء صنعته: لما فعلت كذا؟ أو لشيء تركته: هلا فعلت كذا". رواه مسلم.
حياؤه:
قال أبو سعيد الخدري –رضي الله عنه-: "كان النبي –صلى الله عليه وسلم- أشد حياءً من العذراء في خدرها, فإذا رأى شيئا يكرهه عرفناه في وجهه) رواه مسلم.
بكاؤه :
عن عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه- قال: (قرأت على رسول الله –صلى الله عليه وسلم- سورة النساء حتى بلغت "فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا" قال: فرأيت عيني رسول الله –صلى الله عليه وسلم- تذرفان) رواه البخاري ومسلم.
وعن عبد الله –رضي الله عنه- قال: (أتيت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وهو يصلي ولجوفه أزيز كأزيز المِرجَل من البكاء). رواه أبو داود وصححه الألباني.
بركته :
عن جابر –رضي الله عنه- قال عطش الناس يوم الحديبية وبين يدي رسول الله –صلى الله عليه وسلم- إناء يتوضأ منه إذ جهش الناس نحوه، فقال: مالكم؟ فقالوا: ما لنا ما نتوضأ به ولا نشرب إلا ما بين يديك، قال: فوضع النبي –صلى الله عليه وسلم- يديه في الإناء ودعا بما شاء الله أن يدعو، وقال: "حي على الوضوء والبركة من الله"، قال جابر: فلقد رأيت الماء يجري من تحت يده، فتوضأ الناس وشربوا، فجعلت لا آلو ما جعلت في بطني منه، فعلمت أنه بركة، فقيل لجابر كم كنتم يومئذ؟ قال: ألفاً وأربعمائة. رواه البخاري.
أمانته :
كان النبي –صلى الله عليه وسلم- حتى قبل الرسالة يعرف في قومه بالأمين (أي رجل الصدق والوفاء) في أقواله وأفعاله وأخلاقه وسلوكه، وشهد له بذلك العدو قبل الصديق؛ ولا أدل على ذلك أنه حين أُمر بالهجرة من مكة إلى المدينة وأراد مفارقة البلد التي عاش فيها؛ جعل علي بن أبي طالب –رضي الله عنه- في بيته ليردّ الودائع التي كانت عنده لأهلها.
شجاعته:
قال علي –رضي الله عنه- (كنا إذا اشتدّ البأس، ولقي القوم القوم، اتقينا برسول الله –صلى الله عليه وسلم- فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه) رواه أحمد وصححه الألباني.
وسأل رجل البراء-رضي الله عنه-: أفررتم عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يوم حنين يا أبا عمارة ؟! فقال البراء : لكن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- لم يفر، ولكن الناس تلقتهم هوازن بالنبل فانهزموا، ورسول الله –صلى الله عليه وسلم- مقبل على العدو بوجهه على بغلته البيضاء وهو يقول:
أنا النبي لا كذب *** أنا ابن عبد المطلب " متفق عليه .
صبره واحتماله أذى الناس :
عن ابن مسعود –رضي الله عنه- قال: "قسم رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قسماً بين الناس، فقال رجل: إنها لقسمة ما أريد بها وجه الله، فغضب النبي –صلى الله عليه وسلم- من ذلك غضباً شديداً واحمرّ وجهه ثم قال: لقد أوذي موسى بأكثر من هذا فصبر" متفق عليه.
رحمته :
عن أبي هريرة –رضي الله عنه- : أن الأقرع بن حابس أبصر النبي –صلى الله عليه وسلم- يقبل الحسن بن علي فقال: إن لي عشرة من الولد ما قبلت واحداً منهم ! فقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "من لا يَرحم لا يُرحم". رواه مسلم.
وعن أنس بن مالك –رضي الله عنه- قال: "ما رأيت أحداً أرحم بالعيال من رسول الله –صلى الله عليه وسلم-" رواه مسلم .
وعن جرير –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "من لا يرحم الناس لا يرحمه الله عز وجل". رواه مسلم.
تفاؤله:
عن أنس –رضي الله عنه- عن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: "لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل الصالح، قيل وما الفأل؟ قال: الكلمة الحسنة الكلمة الطيبة يسمعها أحدكم".
تواضعه:
عن عائشة –رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يخيط ثوبه ويخصف نعله ويحلب شاته ويخدم نفسه ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم". رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني.
وعن سهل بن حنيف –رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يأتي ضعفاء المسلمين ويزورهم ويعود مرضاهم ويشهد جنائزهم " أخرجه الحاكم وصححه الألباني.
وعن ابن عباس –رضي الله عنهما- قال: كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يجلس على الأرض ويأكل على الأرض ويحلب الشاة ويجيب دعوة المملوك على خبز الشعير" أخرجه الطبراني وصححه الألباني.
وعن أبي أيوب –رضي الله عنه- قال: " كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يركب الحمار ويخصف النعل ويرقع القميص ويقول من رغب عن سنتي فليس مني" رواه أبو الشيخ وصححه الألباني.
دعاؤه:
قد كان –صلى الله عليه وسلم- يتخير من الدعاء أجمعه كما جاء عن عائشة –رضي الله عنها - قالت: "كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يستحب الجوامع من الدعاء، ويدع ما سوى ذلك "رواه أبو داود وصححه الألباني، وعن أنس –رضي الله عنه- قال: "كان أكثر دعوة يدعو بها النبي –صلى الله عليه وسلم-: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار". متفق عليه.
ذكره لله:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان النبي –صلى الله عليه وسلم- يذكر الله على كل أحيانه" رواه مسلم.
وعن أبي هريرة –رضي الله عنه - قال " سمعت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يقول: "والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة" رواه البخاري، وعن ابن عمر –رضي الله عنهما- قال: "كنا نعدّ لرسول الله –صلى الله عليه وسلم- في المجلس الواحد مائة مرة: "رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم" رواه أبو داود وصححه الألباني.
وعن أبي هريرة –رضي الله عنه - قال : قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "لأن أقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر؛ أحب إليّ مما طلعت عليه الشمس" رواه مسلم.
زهده في الدنيا:
عن النعمان –رضي الله عنه - قال: "كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- لا يجد ما يملأ بطنه من الدقل وهو جائع" أخرجه الحاكم وصححه الألباني .
وعن ابن عباس –رضي الله عنهما- قال: "كان النبي –صلى الله عليه وسلم- يبيت الليالي المتتابعة طاوياً وأهله, لا يجدون عشاء وكان أكثر خبزهم خبز الشعير" رواه الترمذي وأحمد وصححه الألباني.
وعن أنس –رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يؤتى بالتمر فيفتشه يخرج السوس منه" أخرجه أبو داود وصححه الألباني.
وكان –صلى الله عليه وسلم- يؤثر الناس على نفسه، فيعطي العطاء ويمضي عليه الشهر والشهران لا يوقد في بيته نار، وكان متقللاً من الدنيا وقد ملك من أقصى الجزيرة إلى حدود الشام.
سماحته:
قال أنس –رضي الله عنه - (خدمت رسول الله –صلى الله عليه وسلم - عشر سنين، والله ما قال لي أفٍّ قط، ولا قال لي لشيء: لم فعلت كذا؟ وهل فعلت كذا؟. متفق عليه.
عبادته :
عن المغيرة بن شعبة –رضي الله عنه - أن النبي –صلى الله عليه وسلم- صلى حتى تورمت قدماه ، فقيل له: أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: "أفلا أكون عبداً شكوراً" متفق عليه.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- إذا صلى قام حتى تفطر رجلاه" متفق عليه.
مزاحه:
عن أنس بن مالك –رضي الله عنه- أن رجلاً من أهل البادية كان اسمه زاهر وكان يهدي إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- هدية من البادية, فيجهزه النبي –صلى الله عليه وسلم- إذا أراد أن يخرج, فقال النبي –صلى الله عليه وسلم-: إن زاهراً باديتنا, ونحن حاضروه, وكان –صلى الله عليه وسلم- يحبه وكان رجلاً دميما فأتاه النبي –صلى الله عليه وسلم- يوماً وهو يبيع متاعه, فاحتضنه من خلفه وهو لا يبصره, فقال: من هذا؟ أرسلني. فالتفت, فعرف النبي –صلى الله عليه وسلم-, فجعل لا يألو ما ألصق ظهره بصدر النبي –صلى الله عليه وسلم- حين عرفه, فجعل النبي –صلى الله عليه وسلم- يقول: (من يشتري هذا العبد؟). فقال: يا رسول الله! إذاً والله تجدني كاسداً. فقال النبي –صلى الله عليه وسلم-: (لكن عند الله لست بكاسد) أو قال (أنت عند الله غالٍ) رواه أحمد وصححه الألباني.
وعن أبي هريرة –رضي الله عنه - قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- إني لأمزح ولا أقول إلا حقا" رواه الترمذي وصححه الألباني.
وعن الحسن –رضي الله عنه- قال: أتت عجوز على النبي –صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله! ادع الله أن يدخلني الجنة. فقال: (يا أم فلان! إن الجنة لا تدخلها عجوز) قال: فولت تبكي فقال: (أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز, إن الله تعالى يقول: (إنا أنشأناهن إنشاءً. فجعلناهن أبكاراً. عرباً أتراباً) أخرجه الطبراني والبيهقي وحسنه الألباني.
يقينه بالله:
لما جدّت قريش في طلب النبي –صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر –رضي الله عنه- بحثوا عنهما في كل مكان: وانتهوا إلى باب "غار ثور" فوقفوا عليه، وكان النبي –صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر يسمعان كلامهم فوق رؤوسهما ، ولكن الله سبحانه عمّى أبصارهم عن رؤيتهما، فقال أبو بكر –رضي الله عنه-: يا رسول الله لو أن أحدهم نظر ما تحت قدميه لأبصرنا، فقال النبي –صلى الله عليه وسلم- "يا أبا بكر ما ظنّك باثنين الله ثالثهما ... لا تحزن إن الله معنا" .متفق عليه. وقد قال الله عز وجل في كتابه: "إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها ... والله عزيز حكيم" [التوبة:40].
بلاغته وفصاحته :
كان محمداً –صلى الله عليه وسلم- أفصح الخلق، وأعذبهم كلاماً، وكان يتكلم بجوامع الكلم، وكان يختار في خطابه أحسن الألفاظ، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- عن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: "بعثت بجوامع الكلم" رواه البخاري ومسلم، أي يجمع الله له المعاني الكثيرة باللفظ القليل.