السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أريد أن أسأل فضيلتكم عن حديث الرسول عليه الصلاة والسلام عن السبعين ألف الذين يدخلون الجنة بغير حساب منهم الذين لا يسترقون.
فكيف نجمع بين طلب الرقية وبين الحديث، وكذلك هل إذا استمعت للمسجل وهو يقرأ القرآن بنية الرقية هل يدخل هذا ضمن طلب الرقية؟ وجزاكم الله خير..
الإجابة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمعنى "لا يسترقون" أي لا يطلبون من غيرهم أن يرقيهم، وطلب الرقية وإن كان جائزا في الأصل إلا أن الحديث يرشد المسلم إلى أنه إن استطاع أن يرقي نفسه، فهو أفضل لما فيه من التوكل على الله ورسوخ اليقين الذي هو أعظم المنازل والمقامات عند الله تعالى بل هو علامة الإيمان، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يرقي نفسه، ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث، فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح عنه بيده رجاء بركتها، قال ابن تيمية: فمدح هؤلاء بأنهم لا يسترقون، أي لا يطلبون من أحد أن يرقيهم، والرقية من جنس الدعاء، فلا يطلبون من أحد ذلك، وقد روي فيه "ولا يرقون" وهو غلط، وقال أيضا: وإن كان الاسترقاء جائزًا.
وقد جاءت أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم تدل على جواز الرقية، وجواز الاسترقاء، وهو طلب الرقية ويجمع بينها بأن أحاديث الرقية تدل على الجواز، وهذا الحديث يدل على فضيلة ترك ذلك اعتماداً على قوة التوكل على الله تعالى، فغاية ما هنالك أن الاسترقاء يتنافى مع كمال التوكل، وليس محرماً ولا مكروهاً، وإنما هو جائز.
أما سماع القرآن والرقى الشرعية من الشرائط المسجلة وإن كان خيراً، إلا أن الرقية الشرعية لا تتحقق بذلك دون أن يقرأها إنسان ويباشرها بنفسه.
وهذا هو الأصل الذي وردت به الأدلة وسار عليه عمل العلماء، فالرقية أركانها ثلاثة: الراقي وما يرقي به والمرقي.
وبقدر صلاح الراقي وتقواه وهمة قلبه بقدر ما تؤثر رقيته، وهذا لا يتأتى في الشرائط المسجلة، وعليه فلا تدخل في طلب الرقية.. والله أعلم.