" أحبك ربي"
برفــّة روحي .. وخفقة قلبي *** بحبٍّ سرى في كياني يُلبّي
سألتكَ ربي ِلترضى ، وإني *** لأَرجو رضاكَ - إلهي - بحبّي
وأَعذبُ نجوى سَرتْ في جَناني *** وهزَّت كياني : (( أحبُّك رَبي))
* * *
وما كنتُ بالحبِّ يوماً شقيّا *** ولو فَجَّرَ الحبُّ دمعي العصيّا
فهذا سكوني .. ودمعُ عيوني *** يناجي ؛ ينادي نداءً خفيّا
(( تباركـت ربي . . تعاليـت ربي )) *** ويَنفدُ عمري ولم أُثن ِ شَيّا
" أحبك ربي " أعذب نجوى باح بها قلبي ..
" أحبك ربي " أعذب نجوى زيّنت لي دربي ..
من حديقة القرآن ضَمَمت كلماتِها. . ومن جنة الإيمان قطفت زهراتِها..
وليس قِطافُ الحكمة، بأيسرَ من قطاف النجمة..
ودربُ الجمال طويلٌ طويل.. وفي كل فكرٍ ، وفي كل حبٍّ جهادٌ كبير..
وفي النجوى نحيا العالـَم كلَّه في لحظات.. ونطير عالياً إلى أعتاب السماوات..
وهكذا المسلم : مهاجرٌ أبداً في عالم المعاني .. مسافرٌ بأجنحته المتوضئة في عالم الأفكار..
وإذا ما استعجمَ في كلِمي البيان.. فكم خانَ لفظٌ معناه ..
وإذا ما عجز عن بَوْحِه اللسان.. فالله يعلم القلبَ ونجواه ..
وما أنا في التعبير عن معاني الإيمان إلا كمن يرسم البحر على صَدَفة ، لن يُريَك المَحارَ في أعماق البحار .. ولا اللؤلؤَ في جوف المحار!..
فيـا ربّ
يرجوك القلبُ لِتهَب الخلودَ لأشواقه.. ويدعوك اللسانُ لتمنحه القدرة على ذكرك..
ولو أنَّ الصمتَ يجد طريقه أيضاً إليك..
اللهمَّ ساحاتُ رحمتك لا يدركها نظـَر.. وواحات حبِّك لا تحيط بها فِكـَر.. وقد فررتُ من خوفي إلى رجائي.. ومن حزني إلى دعائي.. وفررت منك إليك ..
اللهم إيثاراً لك على الخلق .. وسلوةً بك عن العالمين ..
اللهم أحيني حياةً طيبة.. وأمتني موتاً طيباً..
وألق ِ عليَّ محبة منك .. وزدني ، وليس بعد عطائك مزيد ..
فمن خزائنك وحدك أريد أكثر مما أريد ..
اللهم عطاؤك لا يَنفد.. وهِباتك لا تنتهي .. وأنا أمدُّ راحتيَّ الصغيرتين ..
وأنت تُهرق لي وتزيد . . فأستزيد . .
ومَن ذا يَمَلُّ إلهي عطاءَك؟! ومن ذا يشبع من فضلك؟! فأدِم عليَّ يا إلهي رزق النور.. واجعل من ذكرك أنيسي حينما أجلس في وحدتي تحت ظلال أفكاري ..
اللهمَّ هبني قوةَ الإحساس بكل ثانية تَسكُن كل دقيقة من عمري ..
وهبني القدرة على سماع خُطا الزمن الهارب ..
اللهمَّ أعنّي حتى أُخرِج من الثلج لهباً.. ومن اليأس أملاً.. ومن الظلمة نوراً ..
وهب لي القدرة على تحويل كل معنىً شاردٍ إلى فكرٍ أصيل ..
وهبني القدرة حتى أُزحزحَ النَّولَ يَمنةً ويَسرةً لتوسيع نسيج الوعي في أمتي..
اللهم أنت تعلم أن نجواك هي لحني الأول .. وهي لحني الأخير..
وتعلم أني قد صُغت لك وحدك قصائدي الكبرى ..
فاجعل اللهم مئة ً صابرة منها تغلب ألفاً من قصائد العابثين ..
اللهم انفع بي أبدا .. ولا تضرَّ بقلمي أحدا ..
وبارك لي في عمري حتى أُمضيه كلَّه في إنتاج ٍ جليل .. وإخراج جميل ..
اللهم قد استفزّ الخلدُ جناحي ، فأعنِّي كي أنعتق من أسر الأوهام ، وأعنِّي كي أضبطَ إيقاعَ عمري على هدي الإسلام ..
يا من أناخت بظل رحمته البرايا، فلا يردُّ الوافدين عليه حجاب..
لا تتركني يا مولاي زلَّةً في الأرض تائهةَ المتاب..
اللهم قد حبَّبتَ إليّ إماطة الأذى عن طريق المسلمين، وحبَّبتَ إليّ إماطة أذى الشياطين عن عقول الطيبين .. فسهِّل يا ربّ لي طريقي فوق الصراط ..
اللهم كما هديتني إلى الصراط المستقيم في الدنيا فسلّمني والمسلمين فوق صراط الآخرة ..
اللهم إن حبَّك وحبَّ نبيك بيعة في عنقي، فأعتق بهذا الحب عنقي من النار. .
اللهم إني لا أُطيق العيش في عالـََم شمسُه من جليد. . فاغفر لكل من مرّعلى حروفي ؛ فتندّتْ عيونه بتلك العَبرةِ التي ملأت عيوني ..
اللهم قد اقتربت سفينة العمر من ساحل القبر، وما في المركب بضاعة تربح سوى بضاعةٍ مُزجاة .. ولكنْ زيَّنها الحبّ والإيمان..
وأنا يا إلهي طامعٌ أن أُرابحك بما معي .. ولن أخسر معك ..
اللهم إني ما أخذت القلم إلا بحقه .. فسأكتب عنك يا إلهي وأكتب ، ما استمسك القلم في معصمي . .
و ما دام عقلي قادراً على التفكير .. ولساني قادراً على التعبير .. وجَناني خافقاً بنَسمة الحياة ..
بحبِّك ربّي فؤادي خَفَقْ *** ودانَ كياني ودمعي دَفََقْ
سيفنى فؤادي ؛ ويفنى كياني *** ويبقى نشيديَ فوقَ الورقْ:
((أحبك ربي.. أحبك ربي)) *** ويخلُدُ حبُّك بعدَ الرَّمَقْ
* * *
" من ديوان " أحبك ربي "
د.عبد المعطي الدالاتي