(قوانين القرآن في الظُّلم و الظَّالمين)
قال الله تعالى: { قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ } [آل عمران:137].
في القرآن قوانين لا تَتَبدَّل ولا تتغير، مَنْ فعل أسبابها نال نتائجها.
ورد الظُّلم واشتقاقاته في القرآن في مئتين وتسعة وثمانين مرَّة. وإني قرأتُ في هذه المواضع أربعة قوانين إلهية في الظُّلم والظَّالمين.
القانون الأوَّل: لا يفلح الظَّالمون.
قرار لا يُنقض ولا يُطعن به، ولا يحابي أناساً ولا يميل لآخرين، لا يفلح الظَّالمون. مهما علا الظَّالم، مهما ارتقى، مهما امتطى فإنَّه لا يفلح، لأنَّ الله أعادها أربع مرات في القرآن الكريم: {إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} [الأنعام:21]. والفلاح: الفوز والنَّجاة والبقاء في النَّعيم. يعني: مستحيل أن يفوز أو ينجو أو يبقى ظالم، قد نراه يعلو يوماً لكنَّه سيسقط دوماً، قد نراه يرتقي اليوم لكنَّه سيهبط غداً.
القانون الثَّاني: هلاك الأمم بظُلَّمها.
إذا ظلم القوي الضَّعيف، إذا اعتدى الغنيُّ على الفقير، إذا طغى الأمير على الرَّعية، ولم يأتمروا بالمعروف ولم يتناهوا عن المنكر فقد أشرفت الأمَّة على الهلكة. قال الله تعالى: {وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ} [الأنبياء:11].
ولعلَّ سائلاً يقول: لكنَّنا نرى كثيراً ظالماً يتمادى ولم يهلكه الله!!؟ نرى أمَّةً تطغى ولا يقهرها الله فأين هذا القانون!!؟
الجواب في قوله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ} [إبراهيم:42].
القانون الثَّالث: تبقى الدُّول مع الكفر، لكنَّها لا تبقى أبداً مع الظُّلم.
قد يبقي الله أمَّة كافرةً لا تؤمن به لكنَّها تتناصف، لكنَّه لا يرضى أبداً أن يبقي أمَّة يشيع فيها الظُّلم. قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ } -يعني بكفر- { وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} [هود:117]. وما كان ربك ليُهلك القرى بكفر إذا كان أهلها مصلحون فيما بينهم، لكن إذا ظلم بعضهم بعضاً أهلكهم. ومن هنا قالوا: لاشيء أسرعُ في فساد الأرض ولا أفسدُ لضمائر الخلق من الظُّلم.
القانون الرَّابع: يُمهل الله الظَّالم ولا يُهْمِله.
قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((إِنَّ اللهَ يُمْهِلُ الظَّالِمَ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يَنْفَلِتْ))، ثُمَّ تَلَا: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود:102])) [رواه ابن حبان]. وقال الله تعالى في معنى هذا القانون: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ..} [النَّحل:61]. العباد يظلمون ولو آخذهم الله مباشرةً لَمّا ترك عليها من دابَّة ولكن يؤخرهم لعلَّهم يتوبون ويرجعون عن ظُلمهم فإِنْ أصرُّوا أخذهم في أجل مسمَّى عنده. إنَّ الله يُمْهِل الظَّالم ولا يُهْمِله.
أيُّها الإخوة: أعرض عليكم سرداً صوراً من الظُّلم لنتجنبها، حتَّى لا تنزل بنا قوانين الظُّلم والظَّالمين:
المحاباة في تطبيق القانون ظلم
معاونة الظَّالم ظلم
رفع الأسعار بدون مبرر ظلم
تأخير معاملات المراجعين ظلم
عدم الإنكار على الظَّالم ظلم
عدم وفاء المهندس بالشُّروط أو مخالفته متعمِّداً مواعيد التَّسليم ظلم
الاعتداء على أموال النَّاس وإتلافها ظلم.
قتل النَّفس التي حرَّم الله بغير حق ظلم.
هذه صور سردتها في الظُّلم نخشى إن شاع واستمرأه النَّاس أن تنزل بنا قوانين القرآن في الظالمين.
قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((اتَّقُوا الظُّلْمَ، فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)) [رواه مسلم].
مختصر لخطبة جمعه.........