بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله
(71)سورة نوح
بعد أن عرفنا قدر الله (سورة المُلك) وتعلمنا ووثّقنا العلم (سورة القلم) وحسّنا أخلاقنا (سورة القلم) وتذكير بالآخرة (القلم) والتحلي بصفات وأخلاق الداعية (المعارج) تأتي سورة نوح سورة مركزية في وسط الجزء تعطينانموذجاً من الدعاة من البشروتعرض وسائل الدعوة في قصة نوح عليه السلام. فهو مكث في قومه 950 سنة يدعوهم إلى الله بشتى الوسائل وفي كل الأوقات وآيات السورة كأنها تعرض كشف حساب يقدمه نوح عليه السلام إلى ربه. والسورة اشتملت على فن الدعوة (ليلا ونهارا) (قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا) آية 5والإلحاح في الدعوة وقد ابتدأ بالدعوة ليلاً لتدل على أنه لم يفتر في دعوته لا ليلاً ولا نهاراً، وقد دعا قومه سراً وجهراً وعلانية (ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا * ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا) آية 8 و 9. ومن فنون الدعوة إلى الله البدءبترغيب الناس لا بتخويفهم بدلالة قوله (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا) آية 10 ذكّرهم بنعم الله تعالى في الكون ودعاهم لاستغفار الله تعالى. ثم ذكّرهم بتذكير سورة المُلك وعدد لهم في اسلوب الدعوة عظمة الله تعالى في الكون (مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا ) آية 13 إلى (لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا) آية 20 وتذكرة بالآخرة (قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا) آية 21 كما في سورة الحاقة، وهذا مرتبط بالجزء 28 (إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌوَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) سورة التغابن، آية 15 الذين انشغلوا بالمال والولد عن طاعة الله.
وتختم السورة بدعاء سيدنا نوح(رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا ) آية 28 لأنه من صفات الداعية وواجباته أن يدعو للأمة كلها.