﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾
لو أن الله تعالى قال: تطمئن القلوب بذكر الله، هذه الصيغة ليس فيها قصر، لا يمنع أن تكون القلوب مطمئنةً بغير ذكر الله، تطمئن به وبغيره، أما حينما يقول الله عز وجل:
﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾
أي أن القلوب لا تطمئن إلا بذكر الله، هذا كلام الذي خلقنا، إن أردت الطمأنينة، إن أردت الراحة، إن أردت السكينة، إن أردت الاستقرار، إن أردت التوازن، إن أردت الشجاعة إن أردت العزة، كل هذا من ذكر الله، أما إذا أعرض الإنسان عن الله عز وجل، جاءته العقوبات متدرجةً في الصعود، من مصيبةٍ إلى أخرى، من أزمةٍ إلى أخرى، من طامةٍ إلى أخرى، من ضيقٍ إلى ضيق، من حيرةٍ إلى حيرة،
﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾
الإنسان في النهاية قلب، الأشياء المادية التي تحيط به إن لم تنعكس على قلبه طمأنينةً لا قيمة لها، قد تجد إنساناً غارقاً في النعيم، وهو من أشقى الأشقياء، وقد تجد إنساناً يعيش حياةً خشنة، وهو من أسعد السعداء، العبرة القلب، القلب إذا كان مرتاحاً سعد صاحبه، وأسعد من حوله، فربنا عز وجل يبين لنا أن ذكر الله وحده هو الذي يطمئن القلب، أما ذكر الله فهي كلمةٌ واسعةٌ جداً يقول عليه الصلاة والسلام يقول:
(( ألا أخْبِرُكم بخيرِ أعمالِكم، وأرفَعِها في درجاتكم، وأزكاها عند مليكِكم، وخير لكم من الوَرِق والذهب، وخير لكم من أن تَلْقَوا عَدُوَّكم، فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقَكم؟ قالوا: بلى قال: ذِكْرُ الله ))
[ أخرجه الترمذي ومالك، عن: أبو الدرداء ]
ذكر الله أن تذكره في آياته، ذكر الله أن تقرأ قرآنه، ذكر الله أن تدعو إليه، ذكر الله أن تذكر أنبيائه، ذكر الله أن تعرف سيرة أصحابه، ذكر الله أن تحضر مجلس علم، كلمة واسعة جداً، ذكر الله أيُّ شيءٍ يقربك إلى الله فهو من ذكر الله، أيُّ شيء، قال تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ﴾
[ سورة المائدة الآية: 35 ]
أيُّ شيءٍ يقربك إلى الله، لو فكرت في خلق السماوات والأرض قربك هذا إلى الله من الذكر، لو قرأت القرآن قربك إلى الله، من الذكر، لو تأملت في أفعال العباد، وفي أفعال الله عز وجل، وكيف أن الله عز وجل يعطي كل ذي حقٍ حقه، وكيف أنه ينصر المؤمن ويعاقب الكافر، هذا من ذكر الله، لو أردت أن تعرف عن رسول الله شيئاً، فقرأت من سيرته هذا من ذكر الله، لو أردت أن تطلع على سنته القولية، أي على أحاديثه الشريفة، هذا من ذكر الله، لو أردت أن تعرف حكم الله في موضوعٍ ما، أحكام الفقه، هذا من ذكر الله، لو أردت أن تسبح الله، سبحان الله، لو أردت أن تحمد الله، الحمد لله، أن توحد، لا إله إلا الله، أن تكبر، أن تقول: حسبي الله ونعم الوكيل، أن تقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، أن تقول: الله الله، كل هذا من ذكر الله، يضاف إلى ذلك أن تذكره لنفسك، وأن تذكره لغيرك، قد تذكر الله عز وجل لك وقد تُذّكر العباد بالله عز وجل، ذكر الله به تطمئن القلوب، وكل إنسان يبحث عن طمأنينة القلب، يقول لك: لست مرتاحاً، متضايق، شاعر بضيق، شاعر أن الدنيا لا تسعني، هذا من البعد عن الله، قد يقول واحدٌ من الناس: أنا أسعد الناس، أو ليس في الأرض من هو أسعد مني، إلا أن يكون أتقى مني، معناها موصول بالله عز وجل، الله عز وجل مصدر السعادة الحقيقية، وحينما تبتغي السعادة لغير الله، لا تجد إلا سواداً، وأسأل أهل الدنيا، يتوهمونها بالنساء، لا يجدونها، يتوهمونها في المال، لا يجدونها، يتوهمونها بالمراتب العلية، لا يجدونها السعادة لا تكون إلا بالقرب من الله عز وجل.