حب الكلام إلى الله
أحبُّ الكلام إلى الله.. سبحان الله وبحمده
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم والصَّلاة والسَّلام على أشرف المرسلين
سيدنا محمّدٍ بن عبد الله -صلّى الله عليه وسلّم- أمَّا بعد...
سبحان الله وبحمده...
ما أسهلها من كلمةٍ لا تحتاج إلى جهدٍ ولا مالٍ ولا وقتٍ
ومع ذلك لها مكانةٌ عظيمةٌ عند الله -عزّ وجلّ-
وقد غمرنا الله بكرمه وفضله إذ جعل لهذه الكلمة أجرٌ كبيرٌ في الميزان.
مكانتها لدى الله -عزّ وجلّ-:
فعن أبو ذر الغفاري -رضي الله عنه- أنَّ الرَّسول -صلّى الله عليه وسلّم-
قال :
«ألا أخبرك بأحبّ الكلام إلى الله؟ قلت: يا رسول الله!
أخبرني بأحب الكلام إلى الله.
فقال:
إن أحبّ الكلام إلى الله، سبحان الله وبحمده» [رواه مسلم 2731].
مكانتها لدى الخلائق كافَّةً:
كل ما في الكون كائنًا من كان يسبح لله -جلّ جلاله-
{يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ
وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}
[التَّغابن: 1].
- فالرَّعد يسبح لله {وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ...}
[الرَّعد: 13].
- والجبال والطُّيور تسبح
{إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالإِشْرَاقِ (18)
وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ} [ص: 18-19].
- والنَّمل يسبح فعن أبي هريرة -رضي الله عنه
- قال النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-:
«أن نملة قرصت نبيًّا من الأنبياء. فأمر بقرية النَّمل فأحرقت.
فأوحى الله إليه: أفي أن قرصتك نملة أهلكت أمَّة من الأمم تسبح؟»
[رواه مسلم 2241].
مكانتها لدى الملائكة:
- {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً
قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ
وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 30].
ففي هذا الموقف قالوا نسبح بحمدك ونقدس لك
وكان ذلك أفضل ما كانوا يعملونه حتى أنَّهم ذكروه في هذا الموقف.
- فعندما أراد ربك يصف لنا أفعالهم ذكر التَّسبيح
وذلك إشارة لعظمة هذه الكلمة
{إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ}
[الأعراف: 206].
- وما ذكرها الملائكة في أشرف مكانٍ وهو عرش الرَّحمن
إلا وهي من أشرف الكلمات
{وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ
وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الزُّمر: 75]،
وقال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-:
«حملة العرش ثمانية يتجاوبون بصوتٍ حسنٍ رخيمٍ، فيقول أربعة منهم:
سبحانك وبحمدك على حلمك بعد علمك.
ويقول أربعة: سبحانك وبحمدك على عفوك بعد قدرتك»
[رواه الألباني 42 في مختصر العلو وقال: إسناده قوي].
مكانتها لدى المؤمنين:
- ومن أهم صفات المؤمنين التَّسبيح إذ قال -تعالى-:
{إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا
وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ} [السَّجدة: 15].
فضلها:
1- الصَّبر: فهو عونٌ على الثَّبات ومسلٍّ للنَّفس ومؤن لها للصَّبر
إذ قال الله -تعالى- لرسوله -صلّى الله عليه وسلّم-
ذاكرًا أهمية التَّسبيح وأفضل أوقاته.
- {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ
وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى}
[طه: 130].
- {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا}
[الفرقان: 58].
- {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ}
[غافر: 55].
- {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ
قبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (39) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ}
[ق: 39-40].
- {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (48)
وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ} [الطّور: 48-49]،
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا}
[الأحزاب: 41-42].
2- يفرج الهمّ: قال -عزّ وجلّ-:
{وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97)
فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ} [الحجر: 97-98].
3- يرفع البلاء: كما حدث مع سيدنا يونس -عليه السَّلام-
{أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}
[الصَّافَّات: 143-144].