السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وأنه هو أضحك وأبكى
دموع الرجال في الإسلام فضيلة إذا كانت خشوعا لله ورهبة من وعيده وخوفا منه سبحانه وتعالى..
فالقران الكريم يمتدح الذين تفيض أعينهم من الدمع عندما يستمعون إلى القران
يقول الخالق جل وعلا:
(وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين)
وفي سورة مريم يثني الخالق سبحانه وتعالى على الذين يخرون سجدا وبكيا عندما يستمعون آيات الرحمن
قال تعالى:
(أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح
ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن
خروا سجدا وبكيا)
ولقد كان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يبكي عند سماع القرآن فعن عمر بن مرّة قال
قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: " اقرأ علي قلت اقرأ عليك وعليك أنزل
قال فإني أحب أن أسمعه من غيري فقرات عليه سورة النساء حتى بلغت
(فكيف إذا
جئنا من كل امة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا) قال أمسك فإذا عيناه
تذرفان
ولقد بكى
الرسول صلى الله عليه وسلم على موت ابنه إبراهيم ولم ينكر الإسلام على
الرجل ان يذرف دمعه لفراق حبيب... ولكن يجب ألا يأتي بشي مما حرم الله من
النواح ولطم الخدود وشق الجيوب.
وعلى خطى رسول الله صلى الله عليه وسلم سار صحابته الأبرار فقد كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه إذا قرأ القرآن غلبه البكاء
وقد ورد في صحيح البخاري أنه لما اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه
قيل له في الصلاة فقال مروا أبا بكر فليصل بالناس قالت عائشة إن أبا بكر
رجل رقيق إذا قرأ غلبه البكاء.
وقد بين صلى الله عليه وسلم في مواطن عدة إن بكاء الرجل خوفا من الله
وطمعا في رحمته هو طريقه إلى الجنة فقال صلى الله عليه وسلم:"سبعة يظلهم
الله عز وجل يوم القيامة يوم لا ظل إلا ظله : إمام عادل وشاب نشأ في عبادة
الله عز وجل ورجل ذكر الله في خلاء ففاضت عيناه...."
وقد أكدت أحاديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم على هذا المعنى في أكثر
من موضع فقال: لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في
الضرع.
أمام هذا
الفرضية المستحيلة يجد المؤمن الذي تفيض عينه بالدموع خشية من الله أن
طريقه إلى الجنة معبد ووصوله إلى رياضها مؤكد، فهل من الممكن أن يعود اللبن
إلى الضرع؟ وبالتالي فإن الذي يبكي من خشية الله في حرز من دخول النار
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: عينان لا تمسهما النار عين بكت من خشية
الله وعين باتت تحرس في سبيل الله.
فهذه الدموع التي تسيل من مآقي الرجال هي صوت القلب الخاشع لله تبارك
وتعالى وهي دليل حسن الطاعة والتدبر والامتثال لأوامر المولى جل وعلا.