هل_تسعى_وهي_حائض_وهل_تؤخر_الإفاضة_للوداع؟
#السؤال : لى بنتان وـ إن شاء الله ـ سنحج هذا العام ، ومتوقع أن تأتيهما الدورة الشهرية قبل الإحرام ، فهل يجوز لهما الإحرام من الميقات ، وأن تسعيا سعى الحج فقط ، وتأجيل طواف القدوم وطواف اإفاضة حتى تطهرا ؟ وهل يجزئ طواف واحد للقدوم والإفاضة والوداع معا ؟ وماذا لو أن إنقضاء الحيض لم ينته قبل أيام التشريق ولابد من عودتنا إلى أبها ، علما بأن سفرهما إلى مصر سيكون 10 سبتمبر ، فماذا نفعل؟
الجواب :
الحمد لله
أولا:
يجوز للحائض أن تحرم بالحج، وتفعل ما يفعل الحاج غير أنها لا تطوف بالبيت ولا تدخل المسجد؛ لما روى البخاري (1650) ومسلم (1211) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: قَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ، وَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ وَلاَ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ قَالَتْ: فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: (افْعَلِي كَمَا يَفْعَلُ الحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لاَ تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي).
فإن طافت ثم جاءها الحيض فلها أن تسعى؛ لأن المسعى ليس من المسجد الحرام.
وإن حاضت قبل الطواف، فلا تسعى؛ لأن السعي لابد أن يسبقه طواف عند جمهور الفقهاء؛ لفعل النبي صلى الله عليه وسلم وقوله : ( لتأخذوا عني مناسككم ) والنبي صلى الله عليه وسلم إنما سعى بعد طوافه .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " والمرأة التي تريد العمرة لا يجوز لها مجاوزة الميقات إلا بإحرام ، حتى لو كانت حائضاً ، فإنها تحرم وهي حائض ، وينعقد إحرامها ، ويصح .
والدليل لذلك أن أسماء بنت عميس زوجة أبي بكر - رضي الله عنهما – ولدت والنبي صلى الله عليه وسلّم نازل في ذي الحليفة يريد حجة الوداع ، فأرسلت إلى النبي صلى الله عليه وسلّم كيف أصنع ؟ قال : " اغتسلي واستثفري بثوب وأحرمي " .
ودم الحيض كدم النفاس ، فنقول للمرأة الحائض - إذا مرت بالميقات ، وهي تريد العمرة ، أو الحج ، نقول لها - : اغتسلي واستثفري بثوب ، وأحرمي ، والاستثفار معناه : أنها تشد على فرجها خرقة ، وتربطها ، ثم تحرم سواء بالحج أو بالعمرة ، ولكنها إذا أحرمت ووصلت إلى مكة لا تأتي إلى البيت ولا تطوف به حتى تطهر .
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلّم لعائشة حين حاضت في أثناء العمرة قال لها : " افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي في البيت حتى تطهري " هذه رواية البخاري ومسلم .
وفي صحيح البخاري أيضاً ذكرت عائشة أنها لما طهرت ، طافت بالبيت وبالصفا والمروة ، فدل هذا على أن المرأة إذا أحرمت بالحج أو العمرة وهي حائض ، أو أتاها الحيض قبل الطواف : فإنها لا تطوف ولا تسعى ، حتى تطهر وتغتسل .
أما لو طافت وهي طاهرة ، وبعد أن انتهت من الطواف جاءها الحيض : فإنها تستمر وتسعى ، ولو كان عليها الحيض ، وتقص من رأسها ، وتنهي عمرتها ؛ لأن السعي بين الصفا والمروة لا يشترط له الطهارة" انتهى من " 60 سؤالاً في الحيض " ( السؤال 54 ) .
ثانيا:
طواف القدوم سنة في حق المفرد والقارن، فإن حاضت المرأة قبله سقط عنها.
ثالثا:
يجوز تأخير طواف الإفاضة إلى وقت الوداع، والجمع بينه وبين طواف الوداع بالنية، فينويهما معا، أو ينوي الإفاضة فقط، ويسقط عنه الوداع.
قال المرداوي في الإنصاف (4/ 50): " قوله ( ومن أخر طواف الزيارة فطافه عند الخروج: أجزأ عن طواف الوداع ) هذا المذهب وعليه الأصحاب" انتهى.
وقال الشيخ عليش المالكي: " وتأدَّى ، أي : حصل ، طواف الوداع ، بالإفاضة ، وبطواف العمرة، ولا يكون السعي عقبه طولا ، حيث لم يقم بعدهما إقامة تُبطل حكم التوديع، ويحصل بهما ثوابه ، إن نواه بهما ؛ قياسا على تأدي تحية المسجد بالفرض" انتهى من منح الجليل (2/ 296).
وينظر: جواب السؤال رقم (36870).
رابعا:
طواف الوداع يسقط عن الحائض والنفساء، فمن طافت للإفاضة، ثم أصابها الحيض أو النفاس فلا وداع عليها؛ لما روى البخاري (4401) ومسلم (1211) عن عَائِشَةَ أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاضَتْ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (أَحَابِسَتُنَا هِيَ ؟ فَقُلْتُ : إِنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَطَافَتْ بِالْبَيْتِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَلْتَنْفِرْ) .
خامسا:
إذا خافت المرأة نزول الحيض قبل طوافها للإفاضة ، وكان لا يمكنها البقاء في مكة ، ولا العودة إليها بعد الذهاب منها ، فلها أن تستعمل دواء لمنع الحيض لتتمكن من الطواف ، والضرر الذي قد يلحقها من ذلك ضرر مغتفر في سبيل تحقيق هذه العبادة العظيمة وأدائها على الوجه المشروع .
وقد روى عبد الرزاق في مصنفه (1/318) أن ابن عمر رضي الله عنه سئل عن امرأة تطاول بها دم الحيضة ، فأرادت أن تشرب دواء يقطع الدم عنها ، فلم ير ابن عمر بأسا .
ونعت ابن عمر ماء الأراك [أي وصف لها ذلك دواء لها] .
قال معمر : وسمعت ابن أبي نجيح يُسأل عن ذلك فلم ير به بأسا .
وروى عن عطاء أنه سئل عن امرأة تحيض ، يُجعل لها دواء فترتفع حيضتها ، وهي في قرئها كما هي ، تطوف ؟ قال : نعم ، إذا رأت الطهر ، فإذا هي رأت خفوقا ولم تر الطهر الأبيض ، فلا .
والخفوق : الدم القليل أو الخفيف قرب الانقطاع .
وإذا لم يمكنها أخذ هذا الدواء ، أو لم ينفع معها ، كما يحصل مع بعض النساء ، أو خافت حصول ضرر لا تحتمله منه ، فقد ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إلى أنه إن لم يمكنها البقاء في مكة لذهاب رفقتها ، ولم يمكنها الرجوع للطواف ، فهي مضطرة ، تستثفر وتتحفظ بما يمنع سقوط الدم ، وتطوف ، وبهذا أفتى بعض أهل العلم .
وينظر بيان ذلك في جواب السؤال رقم (112271).
والله أعلم.
#موقع_الإسلام_سؤال_وجواب