إذا زاد أو نقص في الأذكار المحددة هل يحصل له الثواب المترتب على الذكر؟
السؤال : هل صحيح أن ثواب الذكر إذا أتى به العبد في الدعوات المحددة برقم (كمئة أو ثلاثة وثلاثين ونحوه) يكون له الثواب ، أما لو أنقص واحدة أو زاد واحد فلا يكون بأجر من أتى به على نفس الرقم الوارد فضله ؟
الجواب :
الحمد لله
الأذكار المحددة بعدد معين : ينبغي الإتيان بها على ما وردت ؛ دون زيادة أو نقص.
أما النقص فظاهر؛ لأن الثواب إذا رتب على عدد معين، لم يحصل له كاملا ، مع نقصه عما طلب منه .
وأما الزيادة، فلأنها مع التعمد والمواظبة : لا يكون قد أتى بالذكر على الوجه الذي شرع له؛ فلم يحصل له الثواب الخاص بهذه الوظيفة.
وهل ينقص الثواب المترتب على الذكر، بالزيادة؟ في ذلك خلاف وتفصيل.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : " وقد جاء من حديث زيد بن ثابت وابن عمر : أنه صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يقولوا كل ذكر منها خمسا وعشرين ، ويزيدوا فيها : لا إله إلا الله خمسا وعشرين.
ولفظ زيد بن ثابت: "أمرنا أن نسبح في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين ونحمد ثلاثا وثلاثين ونكبر أربعا وثلاثين ، فأُتي رجل في منامه ، فقيل له : أمركم محمد أن تسبحوا .. ، فذكره ؟
قال : نعم . قال اجعلوها خمسا وعشرين ، واجعلوا فيها التهليل .
فلما أصبح أتى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره ، فقال : فافعلوه" أخرجه النسائي وابن خزيمة وابن حبان.
ولفظ ابن عمر: "رأى رجل من الأنصار فيما يرى النائم" فذكر نحوه .
وفيه: " فقيل له سبح خمسا وعشرين ، واحمد خمسا وعشرين ، وكبر خمسا وعشرين ، وهلل خمسا وعشرين ، فتلك مائة .
فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يفعلوا كما قال" أخرجه النسائي وجعفر الفريابي.
واستُنبط من هذا : أن مراعاة العدد المخصوص في الأذكار معتبرة ، وإلا لكان يمكن أن يقال لهم: أضيفوا لها التهليل ثلاثا وثلاثين.
وقد كان بعض العلماء يقول: إن الأعداد الواردة كالذكر عقب الصلوات : إذا رتب عليها ثواب مخصوص ، فزاد الآتي بها على العدد المذكور: لا يحصل له ذلك الثواب المخصوص؛ لاحتمال أن يكون لتلك الأعداد حكمة وخاصية ، تفوت بمجاوزة ذلك العدد.
قال شيخنا الحافظ أبو الفضل في شرح الترمذي: وفيه نظر؛ لأنه أتى بالمقدار الذي رتب الثواب على الإتيان به، فحصل له الثواب بذلك، فإذا زاد عليه من جنسه ، كيف تكون الزيادة مزيلة لذلك الثواب بعد حصوله ؟ اه.
ويمكن أن يفترق الحال فيه بالنية، فإن نوى عند الانتهاء إليه ، امتثال الأمر الوارد ، ثم أتى بالزيادة ؛ فالأمر كما قال شيخنا ، لا محالة.
وإن زاد بغير نية ، بأن يكون الثواب رُتب على عشرة مثلا، فرتّبه هو على مائة، فيتجه القول الماضي.
وقد بالغ القرافي في "القواعد" فقال: من البدع المكروهة الزيادة في المندوبات المحدودة شرعا؛ لأن شأن العظماء إذا حدوا شيئا ، أن يوقف عنده ، ويعد الخارج عنه مسيئا للأدب اه.
وقد مثله بعض العلماء بالدواء ، يكون مثلا فيه أوقية سكر ، فلو زيد فيه أوقية أخرى ، لتخلف الانتفاع به، فلو اقتصر على الأوقية في الدواء ، ثم استعمل من السكر بعد ذلك ما شاء ، لم يتخلف الانتفاع.
ويؤيد ذلك أن الأذكار المتغايرة ، إذا ورد لكل منها عدد مخصوص ، مع طلب الإتيان بجميعها متوالية، لم تحسن الزيادة على العدد المخصوص؛ لما في ذلك من قطع الموالاة ، لاحتمال أن يكون للموالاة في ذلك حكمة خاصة ، تفوت بفواتها " .
انتهى من " فتح الباري لابن حجر " (2/ 329، 330).
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (24/203) : " أما الأدعية والأذكار المأثورة : فالأصل فيها التوقيف ، من جهة الصيغة والعدد ، فينبغي للمسلم أن يراعي ذلك ، ويحافظ عليه ، فلا يزيد في العدد المحدد ، ولا في الصيغة ، ولا ينقص من ذلك ، ولا يحرف فيه ، وبالله التوفيق " انتهى .
وأما الزيادة بالخطأ : فلا شيء فيها ، كما هو ظاهر .
فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ ) .
رواه ابن ماجه (2045) وصححه الألباني .
والله أعلم.
موقع الإسلام سؤال وجواب