بنى لأبنائه الخمسة وحرم البنات ، فهجرت إحداهن البيت .
السؤال:
نحن 5 أولاد ، و3 بنات ، الوالد قام ببناء منازل لأولاده الخمس دون إعطاء دينار واحد للبنات ، وعنده منزل شاغر طلبت منه ابنته أن يؤجره لها ، لكنه رفض فغضبت ، ولم تعد تزور بيت أهلها ، كونها لا تملك منزلا ، فما تعليقكم ؟
الجواب :
الحمد لله
أولاً:
يجب على الأب أن يعدل فيما يعطي أولاده من الهدية أو الهبة .
فعَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه : " أَنَّ أَبَاهُ أَتَى بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا غُلَامًا ، فَقَالَ : (أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَ مِثْلَهُ؟) قَالَ : لَا ، قَالَ : (فَارْجِعْهُ) "رواه البخاري (2446) ، ومسلم (1623) ، وفي رواية للبخاري (2650) : (لَا تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ).
ومعنى " نحلت " : أي : أعطيت ، من النِّحلة ، وهي العطاء .
قال الشوكاني رحمه الله : "وهذه الأحاديث تدل على وجوب التسوية ، وأن التفضيل باطل ، جور ، يجب على فاعله استرجاعه.." انتهى من "الدراري المضية " (1/348) .
والعدل : أن يعطي للذكر مثل حظ الأنثيين ، كما في قسمة المواريث ، لأنه لا أعدل من قسمة الله تعالى ، وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال : (22169) .
ولا يمنع من وجوب التسوية في العطية كون أحد الأولاد غنيّاً ، أو له وظيفة ، أو كانت البنات متزوجات .
ولهذا فقد أخطأ والدكم ؛ لأنه لم يعط البنات كما أعطى الأبناء ، وكان الواجب عليه العدل في هباته وأعطياته بين أولاده ، بما فيهم الإناث.
والواجب عليه الآن : أن يعطِي البنات نصف ما أعطى الذكور ، أو إشراكهنّ في تلك البنايات التي بناها للبنين .
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : "يجب على الوالد أن يسوِّي بين أولاده في العطية حسب الميراث الشرعي ، ولا يجوز له تخصيص بعضهم دون بعض ؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك .
وعليه : فيجب على والدك أن يعدل العطية التي حصلت منه لبعض أولاده بأن يعطي كل واحد من أولاده مثل ما أعطى المذكور ، أو يسترجع العطية منه ، وإن كان والدك قد مات : فاقسم التركة بينك وبين بقية الورثة ، حسب الحكم الشرعي" .
انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة " (16/216) .
وما حصل بين أفراد تلك الأسرة من القطيعة هو ما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم ، ونهى الأب أن يفضل بعض أولاده على بعض حتى لا تحصل تلك القطيعة ، ففي حديث النعمان بن بشير حينما فضله أبوه بعطية قال له النبي صلى الله عليه وسلم : (أَيَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا إِلَيْكَ فِي الْبِرِّ سَوَاءً ؟ ) قَالَ : بَلَى . قَالَ : (فَلا إِذًا) مسلم (3059) .
فعدم عدل الأب في عطيته لأولاده سيترتب عليه أن بعضهم سيسيئ معاملة والده لأنه يرى أنه ظلمه ، وقد يمتد ذلك إلى القطيعة مع إخوانه أيضا .
والواجب في حالتكم هذه أن يلتزم الجميع بتقوى الله تعالى ، فالأب مأمور بالعدل بين أولاده .
كما قال صلى الله عليه وسلم : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ ) .
كما يحرم على الأبناء أن يقبلوا تلك القسمة الجائرة ، وعلى البنات أن يحن إلى أبيهن ولو أساء إليهم ومنعهن بعض حقوقهن .
فإذا التزم الجميع بتقوى الله تعالى وبشرعه ، انحلت تلك المشكلة ، وزالت تلك الخصومة ، وإذا أصر الأب وأبناؤه الذكور على ظلم البنات فإنهن لن يجنوا من وراء ذلك خيرا .
وينظر جواب السؤال رقم : (90063) ، (72793) ، (218418) .
والله أعلم .
موقع الاسلام سؤال وجواب