هل سيأتي يوم بعد اليوم الآخر ؟
السؤال : يوم القيامة ويسمي باليوم الآخر ؛ لأنه يوم لا يوم بعده ، ليس له من ثان ، ولا ثالث ، ولا أيام أخر تتلوه ، وتحوله إلى أسبوع ، أو شهر ، أو عام ، أو قرن ، فاليوم الآخر مقداره خمسون ألف سنة ، فهل بعد انتهاء خمسون ألف سنة سيأتي يوم بعده ؟ وماذا عن حديث في الجنة لسوقا يأتونها كل جمعة ؟
الجواب:
الحمد لله
أولا:
يوم القيامة هو يوم واحد وهو آخر الأيام لا ليل بعده؛ لأن مصدر الليل هو غياب الشمس ومصدر النهار هو طلوعها, وذلك سينتهي بانتهاء أيام الدنيا وقيام القيامة وهذا على اعتبار سنن الدنيا التي فيها تبدل الأيام بتعاقب الليل والنهار .
أما سنن الآخرة فلا تقاس على ما يحصل في الدنيا باعتبار تبدل الحال والانتقال من حالة إلى أخرى فيوم القيامة ينتهي بانتهاء الحساب والفصل بين الخلائق، ومقدار ذلك كما أخبر الله تعالى: "فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ" سورة المعارج/4 .
وراجع جواب السؤال رقم : (34719) .
ثانيا:
ليس في الجنة ليل ونهار؛ لأن الجنة نور دائم. قال القرطبي: قال العلماء ليس في الجنة ليل ولا نهار ، وإنما هم في نور أبدا ، إنما يعرفون مقدار الليل من النهار بإرخاء الحجب وإغلاق الأبواب ، ويعرفون مقدار النهار برفع الحجب وفتح الأبواب . ذكره أبو الفرج الجوزي والمهدوي وغيرهما.
"تفسير القرطبي"(11 / 127).
وقال ابن كثير في تفسير قوله تعالى ( وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً* تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيّاً ) مريم/63 .
" أي في مثل وقت البكرات ووقت العشيات ، لا أن هناك ليلاً ونهاراً، ولكنهم في أوقات تتعاقب يعرفون مضيها بأضواء وأنوار".
انتهى من"تفسير ابن كثير" (5 / 247).
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية: " فإن الناس متفقون على الزمان الذي هو الليل والنهار، وكذلك ما يجري مجرى ذلك في الجنة، كما قال تعالى: {ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا}.
قالوا: على مقدار البكرة والعشي في الدنيا .
وفي الآخرة يوم الجمعة ، يوم المزيد .
والجنة ليس فيها شمس ولا قمر ، ولكن تعرف الأوقات بأنوار أخر، قد روي أنه تظهر من تحت العرش، فالزمان هنالك مقدار الحركة التي بها تظهر بها تلك الأنوار." انتهى من "الفتاوى الكبرى" (5 / 67).
ومن ذلك أيضا ، قوله تعالى: ( لا يرون فيها شمساً ولا زمهريراً)، يقول القرطبي: " وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً(مريم: من الآية62)، أي لهم ما يشتهون من المشارب والمطاعم بكرة وعشياً، أي قدر هذين الوقتين إذ لا بكرة ثم ولا عشية، كقوله تعالى: ( غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ) ؛ أي : قدر شهر، قال معناه ابن عباس وابن جريج وغيرهما ... "، انتهى من "تفسير القرطبي"(11 / 116).
وينبغي أن يكون أن يُوجه الهم المسلم في تحقيق ما يكون سببا في دخوله الجنة ، دون الدخول في تفاصيل أمور الغيب ، التي لا علم لنا بتفصيلها ، وشغل النفس بما لا طائل من ورائه.
فإن الجنة ، وغيرها من أمور الآخرة من الغيبيات التي لا تدرك حقيقتها بطريق الوحي، لا ينبغي التكلف بالخوض فيها بغير علم ، وخبر من الصادق ، تقوم به الحجة .
والله أعلم .
موقع الإسلام سؤال وجواب