تصوم الاثنين والخميس على نية إن كان بقي عليها من القضاء شيء فهو قضاء وإلا فهو نفل ؟
السؤال : بلغت من خمس سنوات ، وكنت في السنوات الماضية بعد انتهاء رمضان أصوم يومي الاثنين والخميس على نية إن كان علي قضاء فتلك الأيام تكون صيام قضاء ، وإن لم يبق علي شيء يكون صيام نافلة ، فأنا لم أكن أحسب الأيام التي كنت أفطر فيها ، فهل صيامي كان صحيحا ؟ وإن لم يكن كذلك ، فهل أصوم من جديد ؟ وهل علي كفارة ؟
الجواب :
الحمد لله
من نوى صيام الاثنين والخميس ، أو غير ذلك من الأيام ، بنية مترددة : إن كان عليه قضاء يوم ، فهذا قضاؤه ، وإن لم يكن عليه شيء فهو نافلة ؛ فهذا يشبه من نوى صوم رمضان بنية مترددة أيضا : إن كان غدا من رمضان فهو فرضي والأقرب في المسألتين : صحة صومه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وتصح النية المترددة ، كقوله إن كان غدا من رمضان فهو فرض ، وإلا فهو نفل ؛ وهو إحدى الروايتين عن أحمد " انتهى من "الاختيارات" (ص 95) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" وَلَوْ نَوَى إِن كَانَ غَدَاً مِنْ رَمَضَانَ فَهُوَ فَرْضِي لَمْ يجْزِهِ ............
قوله: «ولو نوى إن كان غداً من رمضان فهو فرضي لم يجزه» :
هذه مسألة مهمة ترد كثيراً، فلا يجزئ الإنسان إذا نوى أنه إذا كان غداً من رمضان فهو فرضي، سواء قال: وإلا فنفلٌ، أو قال: وإلا فأنا مفطر.
مثال ذلك: رجل نام في الليل مبكراً ليلة الثلاثين من شعبان، وفيه احتمال أن تكون هذه الليلة هي أول رمضان، فقال: إن كان غداً من رمضان فهو فرضي، أو قال: إن كان غداً من رمضان فأنا صائم، أو قال: إن كان غداً من رمضان فهو فرض، وإلا فهو عن كفارة واجبة، أو ما أشبه ذلك من أنواع التعليق.
فالمذهب أن الصوم لا يصح؛ لأن قوله: إن كان كذا فهو فرضي، وقع على وجه التردد، والنية لا بد فيها من الجزم، فلو لم يستيقظ إلا بعد طلوع الفجر، ثم تبين أنه من رمضان، فعليه قضاء هذا اليوم، على المذهب.
والرواية الثانية عن الإمام أحمد: أن الصوم صحيح إذا تبين أنه من رمضان، واختار ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ
ولعل هذا يدخل في عموم قوله صلّى الله عليه وسلّم لضباعة بنت الزبير ـ رضي الله عنها ـ: «فإن لك على ربك ما استثنيت» ؛ فهذا الرجل علقه لأنه لا يعلم أن غداً من رمضان، فتردده مبني على التردد في ثبوت الشهر، لا على التردد في النية، وهل يصوم أو لا يصوم؟
ولهذا لو قال من يباح له الفطر ليلة الواحد من رمضان، أنا غداً يمكن أن أصوم، ويمكن ألا أصوم، ثم عزم على الصوم بعد طلوع الفجر، لم يصح صومه لتردده في النية.
لكن إذا علق الصوم على ثبوت الشهر، فهذا هو الواقع فلو لم يثبت الشهر لم يصم .
وعلى هذا ، فينبغي لنا إذا نمنا قبل أن يأتي الخبر ليلة الثلاثين من شعبان، أن ننوي في أنفسنا أنه إن كان غداً من رمضان فنحن صائمون، وإن كانت نية كل مسلم على سبيل العموم أنه سيصوم لو كان من رمضان، لكن تعيينها أحسن، فيقول في نفسه إن كان غداً من رمضان فهو فرضي، فإذا تبين أنه من رمضان بعد طلوع الفجر : صح صومه.
ولو قال ليلة الثلاثين من رمضان : إن كان غداً من رمضان فأنا صائم، وإلا فأنا مفطر ، قالوا: إن هذا جائز، مع أن فيه تردداً في النية ، ولكنه مبني على ثبوت الشهر .
فإذا كان كذلك ، فينبغي أن يكون في أول الشهر كما كان في آخره .
لكن فرقوا بأنه في أول الشهر الأصل عدم الصوم؛ لأنه لم يثبت دخول الشهر، وفي آخره بالعكس : الأصل الصوم لأن الغد من رمضان ، ما لم يثبت خروجه .
ولكن هذا التفريق غير مؤثر بالنسبة للتردد؛ فكلاهما متردد، والاحتمال في كليهما وارد، فيوم الثلاثين من شعبان فيه التردد : هل يكون من رمضان أم لا؟ ويوم الثلاثين من رمضان فيه التردد هل يكون من رمضان أم لا؟" . انتهى من "الشرح الممتع" (6/361- 363) .
وقال الشيخ ابن عثيمين أيضا، فيمن شك في عدد الأيام التي عليه من رمضان .. قال : "الأحوط أن يقضي هذا اليوم الذي شك فيه ، لأنه إن كان واجبا عليه فقد حصلت براءة ذمته بيقين ، وإن كان غير واجب فهو تطوع ، والله تعالى لا يضيع أجر من أحسن عملا " انتهى من "فتاوى نور على الدرب" .
وانظر السؤال رقم : (118281) .
والحاصل :
أن من شكت هل عليها صوم واجب أم لا ؛ فنوت الصوم بنية مترددة : إن كان عليها صوم ، فهذا قضاؤه ، وإن لم يكن عليها صوم ، فصومها نافلة : صح صومها ، وأجزأ عن القضاء ، إن كان عليها قضاء أيام من رمضان .
على أن الذي ينبغي عليها ألا تجعل ذلك أمرا مطلقا في جميع صومها ، بل تتحرى الأيام التي تخشى أن يكون عليها قضاؤها ، فيما مضى ، وتجتهد في إبراء ذمتها منها ، ثم يكون صومها بنية جازمة ؛ إما للقضاء ، وإما للنافلة ... ، ولا تفتح على نفسها باب الوساوس والشكوك ، والتردد في عباداتها .
والله أعلم .
من شكت هل عليها صوم واجب أم لا ؛ فنوت الصوم بنية مترددة : إن كان عليها صوم ، فهذا قضاؤه ، وإن لم يكن عليها صوم ، فصومها نافلة : صح صومها ، وأجزأ عن القضاء ، إن كان عليها قضاء أيام من رمضان .
على أن الذي ينبغي عليها ألا تجعل ذلك أمرا مطلقا في جميع صومها ، بل تتحرى الأيام التي تخشى أن يكون عليها قضاؤها ، فيما مضى ، وتجتهد في إبراء ذمتها منها ، ثم يكون صومها بنية جازمة ؛ إما للقضاء ، وإما للنافلة ... ، ولا تفتح على نفسها باب الوساوس والشكوك ، والتردد في عباداتها .
موقع الإسلام سؤال وجواب