اشترطت عليه في العقد أنه إن تزوج عليها طلقت
السؤال : إذا أرادت المرأة أن تسافر عن زوجها لمدة طويلة بغير ضرورة ، ستة أشهر أو أكثر ، وهو لا يطيق ذلك ؛ لأن رغبته وحاجته إليها قوية ، فمنعها من ذلك ، فأصرت ، وذهبت من غير إذنه ، وقد اشترطت عليه في العقد أن لا يتزوج عليها، بل صيغة عقد النكاح يعلق وقوع طلاق الزوجة ، أي الزوجة الأولى التي هي في العصمة على زواج من ثانية ، فكيف يصنع الزوج ؟ علماً أن لديه منها طفلة ، وبأنه يحب زوجته جداً، ويخاف أن يخسرها، ويغار عليها جداً، ويشق عليه مفارقتها، وأنه لا يطيق أن يراها أو يعلم أن رجلا ثانيا تزوجها بعده ؛ لأنه غيور، وفي ذلك كسر لقلبه ، وحرقته ما لا يطيق ، واعتذر على الإطالة ، ولكن لا يوجد أحد حولي أثق بعلمه وبنصيحته إلا موقعكم هذا.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
لا يجوز للمرأة أن تخرج من بيت زوجها دون إذنه ، فضلا عن أن تسافر وهو رافض سفرها، فإن فعلت ذلك فهي عاصية ناشز، تعرض نفسها لسخط الله وغضبه وعقابه، ولا تستحق النفقة الواجبة .
قال ابن مفلح الحنبلي : " ويحرم خروج المرأة من بيت زوجها بلا إذنه ، إلا لضرورة، أو واجب شرعي " انتهى من "الآداب الشرعيَّة" (3/375) .
كما أن سفر المرأة من غير محرم لا يجوز من غير ضرورة، وقد جاءت بذلك الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم .
ثانيا:
إذا اشترطت المرأة على زوجها ألا يتزوج عليها، فهذا شرط صحيح يلزم الوفاء به ؛ لما روى البخاري ( 2721 )،ومسلم ( 1418 ) أن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : (أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ) .
فإن تزوج عليها كان لها حق الفسخ ، ولا تطلق بمجرد زواجه، فإما أن تفسخ، وإما أن تتنازل عن الشرط وترضى بما فعل الزوج، وتبقى زوجة له.
وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم : (228848).
ثالثا:
إذا اشترطت الزوجة على زوجها أنه إن تزوج أخرى طلقت، فوافق على ذلك، وكان هذا في العقد أو بعده فإنها تطلق إذا تزوج أخرى.
وإن قال هذا قبل العقد، لم يقع عليه شيء ، لأنه لا طلاق قبل النكاح .
قال ابن رشد: "مسألة : وقال في الرجل يشترط عليه عند النكاح إن تزوج عليها فهي طالق، ويتزوج عليها، ويقول: إنما أردت واحدة، وتقول: ما اشترطت إلا لأكون طالقا البتة: إنه لا يقبل قوله، وهي البتة" انتهى من"البيان والتحصيل"(6/ 262).
وقال الحطاب: "فإن شرط الزوج شيئاً من ذلك في العقد، أو بعده فلا يخلو إما أن يعلقه بطلاق أو عتق، أو تمليك أو لا.
فإن علقه بطلاق، أو عتق، أو تمليك لزمه ذلك، كقوله: إن تزوجت عليها فهي طالق، أو فالزوجة طالق، أو فأمرها بيدها، أو بيد أبيها، أو غيره ... فإن تزوج عليها : لزمه الطلاق". انتهى من "تحرير الكلام في مسائل الالتزام" ص332
وعلى ذلك :
فإن تزوجت على امرأتك ، وخالفت الشرط الذي شرطته لها : طلقت منك بمقتضى ذلك ، طلقة واحدة ، بائنة ؛ يعني : أنك لا تملك رجعتها في العدة ؛ إنما ترجع إليك بعقد جديد .
وينبغي نصح هذه الزوجة، ببيان حرمة ما تقوم به من النشوز وعدم الطاعة، وإغضاب زوجها وإحزانه، ولتعلم أن تصرفها هذا من الظلم، وأنها تستغل حب زوجها لها وعدم قدرته على الزواج من أخرى، وهذا تصرف قبيح لا يليق بامرأة مؤمنة تعرف حق زوجها عليها.
وينظر: جواب السؤال : (10680) في بيان حقوق الزوج وحقوق الزوجة.
والله أعلم.
موقع الاسلام سؤال وجواب