أعطاه صاحب العمل سيارة ليستعملها فجرى له حادث فمن الذي يتحمل ضمان ما تلف من سيارة الغير ؟
السؤال : أعمل لدى مؤسسة ، وأنا على كفالتهم ، وأعطوني سيارة لأقضي بها متطلباتي الشخصية ، مثل الذهاب للمسجد ، والسوق ، وصار معي حادث بتلك السيارة ، فمن الذي يجب عليه الدفع للطرف الآخر المتضرر ، أنا أم المؤسسة ؟
الجواب :
الحمد لله
إذا أعطتك المؤسسة سيارة لتستعملها في مصالحك أو في عملك، ثم حصل منك حادث نتج عنه تلفيات ضد الغير، فإنك تتحمل ذلك ما دام الخطأ منك، ولا علاقة لمؤسستك بخطئك.
وقد روى البخاري (5225) عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: ( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ، فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ بِصَحْفَةٍ فِيهَا طَعَامٌ، فَضَرَبَتِ الَّتِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهَا يَدَ الخَادِمِ، فَسَقَطَتِ الصَّحْفَةُ فَانْفَلَقَتْ، فَجَمَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِلَقَ الصَّحْفَةِ، ثُمَّ جَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ الَّذِي كَانَ فِي الصَّحْفَةِ، وَيَقُولُ: «غَارَتْ أُمُّكُمْ» .
ثُمَّ حَبَسَ الخَادِمَ حَتَّى أُتِيَ بِصَحْفَةٍ مِنْ عِنْدِ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا، فَدَفَعَ الصَّحْفَةَ الصَّحِيحَةَ إِلَى الَّتِي كُسِرَتْ صَحْفَتُهَا، وَأَمْسَكَ المَكْسُورَةَ فِي بَيْتِ الَّتِي كَسَرَتْ ).
ورواه الترمذي (1359) وفيه: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (طَعَامٌ بِطَعَامٍ، وَإِنَاءٌ بِإِنَاءٍ).
والحديث : أصل في ضمان المتلفات.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "والقاعدة عندنا في ضمان المُتلفات: (أن المثلي يضمن بمثله، والمتقوم يضمن بقيمته) ، لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إناء بإناء، وطعام بطعام» في قصة معروفة، وهي أنه صلّى الله عليه وسلّم كان عند إحدى زوجاته ـ رضي الله عنهن ـ فأرسلت الزوجة الأخرى خادمها بطعام في صحفة، فدخل الخادم بالطعام والصحفة على الرسول صلّى الله عليه وسلّم في منزل الضرَّة، فأصابتها الغيرة، فضربت بيد الخادم حتى سقطت الصحفة وانكسرت، فأخذ النبي صلّى الله عليه وسلّم طعام المرأة التي هو عندها وصحفتها وأعطاها الخادم، وقال: «إناء بإناء، وطعام بطعام» فهنا ضُمِن بالمثل؛ لأن هذا مثلي" انتهى.
ولا وجه لتحمل صاحب العمل غرامة ما أتلفت؛ فإن الضمان على المتلِف.
ولو أتلف الصغير أو المجنون شيئا، فإن الضمان يكون في مالهما، فكيف بالبالغ الراشد ؟!
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ".. يجب ضمان الأموال التي يتلفها الصبي والمجنون في ماله" انتهى من مجموع الفتاوى (15/ 173).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "فإذا قال قائل: أليس قد رفع القلم عن ثلاثة؟
قلنا: نعم رفع القلم عن ثلاثة باعتبار حق الله، ولهذا لا يأثم هذا المجنون، ولا يأثم هذا السفيه، ولا يأثم هذا الصغير، ويأثم إذا كان بالغاً .
ولكن الضمان لازم لهم؛ لأن هذا حق للآدمي؛ ولذلك لو أن نائماً انقلب على مال أحد ، وأتلفه ، فإنه يضمنه؛ لأن الإتلاف يستوي فيه العامد والمخطئ والصغير والكبير.
فإن لم يكن عندهم مال فإنه لا يؤخذ من وليهم، لكن يبقى في ذممهم ، حتى يكبروا ويتوظفوا ، أو يتجروا ويؤخذ منهم" انتهى من الشرح الممتع (9/ 295).
والحاصل :
أن ضمان ما أتلفت عليك، لكن لو تبرع صاحب العمل بذلك، فلا حرج.
والله أعلم.
ضمان ما أتلفت عليك، لكن لو تبرع صاحب العمل بذلك، فلا حرج.
موقع الإسلام سؤال وجواب