يسأل عن الاستمناء وعمن خشي أن تغلبه شهوته وهو صائم
السؤال : يقول الشيخ الزرقا في بيان مذهب الأحناف في هذه العادة : " فإذا خشي الوقوع في محظور أعظم كالزنى أو الاضطرابات النفسية المضرة ، فإنها تباح في حدود دفع ذلك على أساس أن الضرورات تقدر بقدرها" انتهى ، فهل إذا خشيت على نفسي من فعل العادة السرية في نهار رمضان فأفطر مع محاولة اجتهادي أن لا افعلها ، وكنت مضطرا إلى فعلها ، فهل يجوز لي أن أفعلها قبل الصوم من هذا اليوم فقط ؛ لأنني أخاف على نفسي الوقوع في محرم أعظم وهو فعلها والإفطار في نهار رمضان ، ويكون فعلها على حسب الضرورة فقط ، فهل يدخل هذا ضمن ما قاله الشيخ الزرقا ؟
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
الاستمناء محرم بأدلة الكتاب والسنة، وهو قول أكثر العلماء .
قال البغوي رحمه الله في تفسيره (3/360) : "الاستمناء باليد حرام، وهو قول أكثر العلماء" انتهى.
وقال ابن حجر في "فتح الباري" (9/ 112) " عند حديث (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة...) : "واستدل به بعض المالكية على تحريم الاستمناء؛ لأنه أرشد عند العجز عن التزويج إلى الصوم الذي يقطع الشهوة، فلو كان الاستمناء مباحا، لكان الإرشاد إليه أسهل" انتهى.
وينظر جواب السؤال : (329) .
ثانيا:
يجب عدم التهاون بالمحرمات، والحذر من تتبع الرخص والتوسع في ذلك.
والعلماء ينصون على جواز الاستمناء عند الضرورة، والضرورة هنا هي خوف الإنسان من الوقوع في الزنا، أو المرض.
قال الشيخ البسام رحمه الله في "تيسير العلام شرح عمدة الأحكام" (ص680):
"ونقل عن طائفة من الصحابة والتابعين أنهم رخصوا فيه للضرورة، مثل أن يخشى الزنا، فلا يعصم منه إلا به، ومثل إن لم يفعله أن يمرض، وهذا قول أحمد وغيره .
وأما بدون الضرورة : فما علمت أحدا أرخص فيه. والله أعلم" انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (14/ 318):
"يخشى الإنسان على نفسه من الزنا، بأن يكون في بلد يتمكن من الزنا بسهولة، فإذا اشتدت به الشهوة، فإما أن يطفئها بهذا الفعل، وإما أن يذهب إلى أي مكان من دور البغايا، ويزني .
فنقول له: هذه حاجة شرعية؛ لأن القاعدة المقررة في الشرع أنه يجب أن ندفع أعلى المفسدتين بأدناهما .
وهذا هو العقل؛ فإذا كان هذا الإنسان لابد أن يأتي شهوته، فإما هذا، وإما هذا، فإنا نقول حينئذٍ: يباح له هذا الفعل للضرورة" انتهى.
فالترخيص إنما يكون عند تحقق الضرورة .
وما ذكرته لا يعد ضرورة تبيح هذا الفعل المحرم ، فالواجب عليك أن تتقي الله تعالى ، وتجتنب الأسباب التي تدفعك إلى هذا المحرم ، وتستحضر مراقبة الله تعالى لك ، واطلاعه عليك ، مع كثرة ذكره ودعائه والاستعانة به ، فإنك إن فعلت ذلك ، أعانك الله على اجتناب هذا المحرم ، وسهل عليك أمره ، إن شاء الله تعالى .
ولو فتح هذا الباب من التساهل ، الذي تريد فتحه لنفسك ، لاستطاع كل عاصٍ أن يدعي أنه يفعل هذا المحرم، حتى لا تقع فيما هو أشد منه ، وحينئذ تستباح المحرمات ، بسبب التهاون ، واتباع الهوى ، ويضفى على ذلك الصبغة الشرعية ، باتباع القواعد الفقهية .
والله أعلم .
موقع الإسلام سؤال وجواب