نوى صيام عاشوراء ، ثم لم يصمه ، فكيف يتدارك ما فاته من الأجر والفضل ؟
السؤال :
سؤالي عن يوم عاشوراء ، أنا نويت صيام الثلاثة أيام ، وقمت بصيام اليوم التاسع ، ولكن خطأ منى أفطرت يوم العاشر ، وسأقوم بصيام اليوم الحادي عشر ، أنا أعلم أنه لم يحتسب لي صيام يوم عاشوراء ، ولكني ما زلت أطمع في أجره وتكفير السنة ، فكيف يمكنني تعويض هذا اليوم واحتساب الأجر بإذن الله ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
استحب طائفة من الفقهاء صيام عاشوراء ، وصيام يوم قبله ، وصيام يوم بعده ، وعد ذلك بعض العلماء أكمل المراتب ، قال ابن القيم رحمه الله :
" مراتب صوم عاشوراء ثلاثة: أكملُها: أن يُصام قبله يومٌ وبعده يومٌ ، ويلى ذلك أن يُصام التاسع والعاشر، وعليه أكثرُ الأحاديث ، ويلى ذلك إفرادُ العاشر وحده بالصوم " انتهى من "زاد المعاد" (2 /76) .
وانظر جواب السؤال رقم : (128423) .
ثانيا :
من عزم على صيام يوم عاشوراء ، ثم لم يصمه ، فلا يخلو من أحوال :
- إما أن يكون تركه متعمدا : فهذا لا يكتب له صيام عاشوراء ولا يلحقه فضله ، لأنه لم يصمه .
- أو يكون تركه نسيانا، وكان قد نوى صيامه : فهذا نرجو له الأجر إن شاء الله تعالى .
- أو يكون تركه لمرض ، وكان من عادته أن يصومه قبل ذلك ، أو كان قد عزم على صيامه هذه المرة ، فحال المرض دونه : فنرجو له أجر صيامه أيضا للعذر ؛ لما رواه البخاري (2996) عن أبي مُوسَى رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" هَذَا الْحَدِيثَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يُكْتَبُ له مِثْلُ الثَّوَابِ الَّذِي كَانَ يُكْتَبُ لَهُ فِي حَالِ الصِّحَّةِ وَالْإِقَامَةِ ؛ لِأَجْلِ نِيَّتِهِ لَهُ ، وَعَجْزِهِ عَنْهُ بِالْعُذْرِ " .
انتهى من "مجموع الفتاوى" (23 /236) .
وسئل ابن باز رحمه الله :
أنا إنسان أصوم يوم عرفة سنوياً، وكذلك عاشوراء، ولكن نسيت في العام الماضي يوم عاشوراء حيث أفطرت في نفس اليوم ناسياً أنه يوم عاشوراء ، لكني أكملت صيامي وصمت اليوم الحادي عشر، فهل عملي هذا صحيح ؟
فأجاب :
" عاشوراء (كذا! ولعله : المحرم) كله صومه طيب ، فإذا صمت منه ما تيسر فالحمد لله ، ونرجو لك الأجر في اليوم الذي فاتك بسبب النسيان؛ لأنك تركته غير عامد، بل ناسي ، فلك أجره إن شاء الله، وصومك الحادي عشر طيب ؛ لأن اليوم العاشر فاتك نسياناً فلك أجره ، كما لو تركته مريضاً ثم طبت في اليوم الحادي عشر " انتهى .
http://www.binbaz.org.sa/mat/13711
فإفطارك يوم عاشوراء ، مع كونك كنت قد نويت صيامه : إن كان لعذر ، فنرجو لك الأجر ، وإن كان لغير عذر ، فلا أجر لك ؛ لأن الأجر للعاملين ، أو لمن نوى العمل فتخلف عنه للعذر ، كما روى البخاري (4423) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَعَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ فَدَنَا مِنْ الْمَدِينَةِ فَقَالَ : ( إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ ) ، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ ؟ قَالَ : ( وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ ، حَبَسَهُمْ الْعُذْرُ ) " .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" فَهَؤُلَاءِ كَانُوا قَاصِدِينَ لِلْعَمَلِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَهُ رَاغِبِينَ فِيهِ ، لَكِنْ عَجَزُوا فَصَارُوا بِمَنْزِلَةِ الْعَامِلِ " انتهى من "مجموع الفتاوى" (10 /441) .
وإذا كنت قد تهاونت في صيام عاشوراء ، فاجعل من تهاونك هذا وفوات الأجر ، ما يدعوك مستقبلا إلى العزم والتصميم على فعل المعروف والطاعة وعدم التهاون في ذلك .
ومن تمام جدك في تعويض ما فاتك من أجر : أن تصوم ما قدرت عليه من شهر الله المحرم لفضله ، كما روى مسلم (1163) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَفْضَلُ الصِّيَامِ، بَعْدَ رَمَضَانَ، شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ) .
أما تكفير الذنوب : فبتجديد التوبة وإحسانها ، ولزوم الاستغفار .
وإذا كان صوم عاشوراء يكفر ذنوب سنة ، وصوم عرفة يكفر ذنوب سنتين ، فإن التوبة النصوح تكفر الذنوب كلها .
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (21819) .
والله تعالى أعلم .
موقع الإسلام سؤال وجواب