مر عمر بن عبد العزيز برجل في يده حصاة
يلعب بها وهو يقول: اللهم زوجني من الحور العين،
فقام إليه فقال: بئس الخاطب أنت، ألا ألقيت الحصاة،
وأخلصت إلى الله الدعاء(1). وفي هذا الأثر بين
عمر بن عبد العزيز أن من شروط الدعاء الإخلاص
وحضور القلب وهذا ما دل عليه الكتاب والسنة.
قال تعالى( فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ)) (غافر :آية: 14)وقال صلى الله عليه وسلم:
ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة واعلموا أن الله
لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه(2).
ب ـ قال عمر بن عبد العزيز:اللهم إني أطعتك
في أحب الأشياء إليك وهو التوحيد، ولم أعصك
في أبغض الأشياء إليك وهو الكفر فاغفر لي ما بينهما(3).
فهنا توسل عمر بن عبد العزيز بالطاعة والتوحيد
وطلب الغفران من الله تعالى، ولا شك أن التوسل
بالأعمال الصالحة مشروع كحديث الثلاثة الذين
أووا إلى الغار(4)، فإنهم توسلوا بأعمالهم الصالحة
ليجيب الله دعاءهم ويفرج كربتهم وقد توسل المؤمنون
بأعمالهم الصالحة من الإيمان وقدموه قبل الدعاء
قال تعالى: ((رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ
أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ
عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ)) (آل عمران ، الآية : 193)،
فإنهم قدموا الإيمان قبل الدعاء وأمثال ذلك كثير(5).
منقول من كتاب
عمر بن عبد العزيز
معالم التجديد والإصلاح الراشدي
على منهاج النبوة
تأليف الدكتور : علي محمد محمد الصلابي
__________
(1) الحلية (5/287) سيرة عمر لابن الجوزي صـ84 .
(2) سنن الترمذي (5/483) صحيح سنن الألباني رقم 2766 .
(3) سيرة عمر بن عبد العزيز لابن القيم الجوزية صـ242 .
(4) مسلم رقم 2743 .
(5) الآثار الواردة عن عمر بن عبد العزيز في العقيدة (1/219) .