: قصة التشهد في الصلاة هل يصح أن أصلها كان في المعراج ؟
يتناقل كثيراً في المنتديات موضوع عن قصة التشهد ، ويدعو كاتب المقال فيه إلى الخشوع في الصلاة وإلى التفكر في أصل قصة التشهد ، وقد جاء في هذا المقال : ..حوار التشهـّد يبدأ المشهد بسيدنا رسول الله وهو يمشي في معيـّة سيدنا جبريل في طريقهما لسدرة المنتهى في رحلة المعراج ، وفي مكان ما يقف سيدنا جبريل عليه السلام فيقول له سيدنا محمد : أهنا يترك الخليل خليله ؟ قال سيدنا جبريل : لكل منا مقام معلوم يا رسول الله ، إذا أنت تقدّمت اخترقت ، وإذا أنا تقدّمت احترقت ، وصار سيدنا جبريل كالحلس البالي من خشية الله ، فتقدم سيدنا محمد إلى سدرة المنتهى واقترب منها ، ثم قال سيدنا رسول الله : التحيات لله والصلوات الطيبات ، رد عليه رب العزة : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، قال سيدنا رسول الله : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، فقال سيدنا جبريل - وقيل : الملائكة المقربون - : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمَّداً رسول الله . هل نستشعر عند قراءة التشهد هذا الحوار الراقي ؟ هل نستشعر أن سيدنا رسول الله تذكرنا هناك عند سدرة المنتهى ، ....ولكنه بحنانه تذكرنا هناك ؟ ... كم نحبك يا رسول الله ، كم نتمنى أن نراك في المنام ، ولو معاتباً ، المهم أن نكحل أعيننا بطلعتك ، صلى الله عليك يا حبيبي يا رسول الله . هل بعد هذا ستقرأ التشهد كما كنت تقرؤه سابقاً ؟ هل بعد ذلك ستصلي على سيدنا رسول الله في الصلاة الإبراهيمية بنفس الفتور؟ هل ستكثر بعد هذا من الصلاة على حبيبك سيدنا محمد ؟ بالتأكيد ستثاب إذا أرسلتها ، و لن تأثم إذا تركتها ، إذاً هل تريد الثواب ؟ . اللهم ارحم قارئ وناشر هذه الرسالة ، واجعله من عتقائك .." .
الحمد لله
ما جاء في السؤال من وجود قصة لأصل التشهد حصلت في معراج نبينا صلى الله عليه وسلم : لا أصل له في الشرع .
سئل علماء اللجنة الدائمة : هل التشهد الذي نقرؤه في الصلاة هو الذي قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ساجد عند سدرة المنتهى في المعراج ؟ .
فأجابوا : " عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد كفِّي بين كفيه ، كما يعلمني السورة من القرآن : ( التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ) رواه الجماعة ، وفي لفظ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا قعد أحدكم في الصلاة فليقل التحيات لله ... ) ، وذكره ، وفيه عند قوله : ( وعلى عباد الله الصالحين ) : ( فإنكم إذا فعلتم ذلك فقد سلمتم على كل عبد لله صالح في السماء والأرض ) ، وفي آخره : ( ثم يتخير من المسألة ما شاء ) متفق عليه .
ولأحمد من حديث أبي عبيدة عن أبيه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : علَّمه رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد وأمره أن يعلمه الناس ( التحيات لله ) ، وذكره .
قال الترمذي :
حديث ابن مسعود أصح حديث في التشهد ، والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين ، وقال أبو بكر البزار : هو أصح حديث في التشهد ، قال : وقد روي من نيف وعشرين طريقاً ، وممن جزم بذلك : البغوي في " شرح السنة " انتهى .
وبهذا تعلم أن هذه الصفة هي أصح ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وأما كونه صلى الله عليه وسلم أتى بالتشهد وهو ساجد عند " سدرة المنتهى " ليلة المعراج : فلا نعلم له وللسجود في ذلك المكان ليلة المعراج أصلاً " انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 7 / 6 ، 7 ) .
وانظر جواب السؤال رقم : (113952 ) .
وبذلك يتبين أنه لا يشرع نشر مثل هذه الرسائل التي لم يثبت مضمونها ، أو احتوت على بدعة من بدع الاعتقاد أو العمل ، بل لا ينبغي للمرء أن يقدم على نشر شيء إلا بعد تأكده من ثبوته وصحته .
عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ ) رواه مسلم (5) .
والله أعلم
سؤال وجواب