نسمع كتيرا عن “العقيدة”.. و أهمية “العقيدة”.. ووكثير من الناس يسعى لتعلم “العقيدة”..
ووسط الكلام الكتير.. ضاع المعنى الحقيقي للعقيدة..
ضاع معنى.. ان حقيقة العقيدة ليس المعلومات اللي في أدمغتنا.. و لكن العمل الذي نعمله..
حقيقة العقيدة ليس ما ينبغي أن نعتقد.. بل ماينبغي أن نكون عليه..
عندما تقول لي “سيارة”.. إذا لابد أن تكون تسير و تنقلني من مكان لمكان.. انما “سيارة” ولا تدور لها عجلة.. إذا ليس بها محرك.. فما قيمتها إذا وفيما الحوجة لها أصلاً؟؟
ماذا يعني؟
يعني إذا لم أعمل بما أؤمن به.. فأنا في الحقيقة.. لا أؤمن به..
كيف تؤمن و تعتقد بأن الله غني.. و أنه أنعم عليك بنعمة الإيجاد.. و أمدك و رزقك.. و هداك و أرشدك.. ولا تشكره؟
الله سبحانه و تعالى ليس محتاجاً ان تشكره.. لكن انت محتاج ان تشكره.. لأن هذا مقياس ماتؤمن به حقاً..
من أجل هذا.. من لوازم التوحيد.. الشكر.. الشكر نصف الإيمان.. من أخص خصائص المؤمن..
فماهو الشكر إذا؟؟
قيل.. ” الشكر سيلان اللسان بذكر الله ونعمائه ” ..
اللسان دائما يفصح عما في القلب.. من حب.. علامة محبتك لله .. كثرة حديثك عنه.. كثرة تعريفك للناس به..
و قالوا .. ” الشكر هو اختلاج القلب وتلهفه وتواضعه لكرمه ، وإعمال الجوارح في طاعته ، وتعظيم أوامره “..
تعظيم أوامر الله سبحانه و تعالى.. إعمال الجوارح في طاعته...
و قيل “الشكر ظهور أثر النعمة على لسان العبد ثناءً واعترافاً ، وعلى قلبه شهوداً ومحبةً ، وعلى جوارحه انقياداً وطاعة”
تشكر بلسانك.. بالثناء على الله سبحانه و تعالى.. و تشكر بقلبك.. بحبه و التعلق به دون غيره.. و تشكر بجوارحك.. بأن تنقاد لله عملاً و طاعةً..
و قيل.. ” الشكر ألا ترى نفسك أهلاً للنعمة ،و أن ترى النعمة أعظم من عملك ”
الشكر معرفة العجز عن الشكر ، والعجز عن الإدراك إدراك ، لأن الله عز وجل يقول :
“وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها” [ سورة النحل : 18]
أنتم عاجزون عن إحصائها ، فلأن تكونوا عاجزين عن شكرها من باب أولى .
وقيل : “هو عكوف القلب على محبة المنعم ، والجوارح على طاعته ، وجريان اللسان بذكره ، والثناء عليه ”
دي بعض من كثير من التعريفات للشكر.. لكن خلاصتها كلها.. ان الشكر.. هو إدراك بالعقل.. أن هذه النعمة من اله سبحانه.. و امتنان بالقلب.. و عمل صالح تعبيراً عن شكرك له سبحانه.. مصداقاً لقوله تعالى :
“اعملوا آل داوود شكرا”..(سبأ 13)
فالعقل يدرك، و اللسان يشكر ، والقلب يمتن ، والجوارح تعمل..
وللشكر ثلاث مستويات
@أولها معرفة النعمة
معرفة النعمة.. أحد أنواع الشكر.. و لكن المشكلة التي تمنع من هذا المستوى من مستويات الشكر.. و هو أدناها.. إلف النعمة.. ننسى شكر النعمة لأننا ألفناها.. اعتبرناها تحصيل حاصل..
انسان عنده زوجة وفية.. لا تخونه.. نعمة كبيرة جدا.. لكنها مألوفة عند الناس.. و وهذه هي المشكلة.. الإنسان عندما يألف النعمة.. يتوهم انها ليست نعمة.. في حين انه لو فقدها لكانت حياته لا تطاق..
تخيل.. لو حرم الزوج من وفاء زوجته.. كيف يكون حاله؟
نعمة الزوجة الصالحة.. نعمة انك تتمتع بصحتك.. أجهزتك الحيوية.. جوارحك.. حواسك الخمس..
نعمة الأب و الأم.. نعمة انهم عايشين.. و نعمة انك تكون قريب منهم..
النعمة اللي أغلب الناس لا يحسون قيمتها الا بعد فوات الأوان لأن اللذان يحبان ويسألان ويفتقدان ويعطيان دون مقابل.. خلاص رحلا.
نعمة ان لك بيت.. ان لك وطن.. أليس كل هذه نعم؟.. تامل في حالك .. ياترى كم من النعم نسيتها لأنك الفتها؟..
اسمع لرسول الله صلى الله عليه وسلم. كان ِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ : (( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا ، وَسَقَانَا ، وَكَفَانَا ، وَآوَانَا ، فَكَمْ مِمَّنْ لَا كَافِيَ لَهُ وَلَا مُؤْوِيَ )) .
كم ممن لا كافي له.. ولا مُؤوي له..
و ليست غزة و العراق منكم ببعيد..
@ثم يأتي مستوى أعلى..
أن يمتلئ القلب حباً و امتناناً لله عز وجل حتى يفيض الحب بالذكر على لسانك..
كم مرة قلت من قلبك وأحسست انها فعلا طالعة من قلبك و تسري في جسمك لغاية ما فاضت و طلعت على لسانك.. “الحمد لله”.. “سبحان الله”.. “الله أكبر”.. “سبحان ربي العظيم”..
وأنت تصلي.. و تقوم من الركوع فتسمع ..”سمع الله لمن حمده”..
فيلهج اللسان بما فاض به القلب..
يارب.. لك الحمد و الشكر و النعمة و الرضا.. حمدا كثيرا طيبا...
يارب.. غمرتني بفضلك..برحمتك.. بحلمك.. بتوبتك..
“سمع الله لمن حمد”..
يارب.. لك الحمد حمدا كثيرا طيباً.. على عطائك.. على سترك.. على حبك..
اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني ، وأنا عبدك ، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت ، أعوذ بك من شر ما صنعت ، أبوء لك بنعمتك علي ، وأبوء بذنبي فاغفر لي ، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت
@و المستوى الأعلى و الأعلى..
أن يُترجم الشكر إلى عمل.. لا مجرد كلام..
شكر الجوارح.. بعد شكر اللسان..
“اعملوا آل داوود شكرا”.. (سبأ 13)
و قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( مَنْ لَمْ يَشْكُرْ الْقَلِيلَ لَمْ يَشْكُرْ الْكَثِيرَ ، وَمَنْ لَمْ يَشْكُرْ النَّاسَ لَمْ يَشْكُرْ اللَّهَ ، التَّحَدُّثُ بِنِعْمَةِ اللَّهِ شُكْرٌ ، وَتَرْكُهَا كُفْرٌ ، وَالْجَمَاعَةُ رَحْمَةٌ ، وَالْفُرْقَةُ عَذَابٌ )) .
من لم يشكر القليل.. لم يشكر الكثير.. لأن عنده مشكلة.. لأنه لايرى أن أي شيئ مهما صغر فهو نعمة من الله تعالى.. لو كان حاسس انها نعمة.. لما رآها صغيرة ولما رآها بذلك الحجم أساسا..
لذا كان النبيصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .. تعظم في عينه النعمة مهما دقت..
و من لم يشكر الناس.. لم يشكر الله..
من لم يشعر او يحس بفضل الناس عليه وهم قريبين منه ولا يقول لهم مجرد شكراً
أتعتقدون أنه قادر على شكر الله سبحانه وهو لا يراه؟
و شكر الناس.. ليس فقط المعنى الظاهر .. بانك تقولهم شكرا.. أو جزاكم الله خيرا..
لكن بأن تشكر الله سبحانه و تعالى عمليا بجوارحك بخدمة خلق الله و عباده..
والله.. اللي يؤدي شكر الله بخدمة خلق الله.. يعيش جنة في الدنيا..
ولا أظن أن هناك واحدا منا لم يجرب ذلك الشعور بالسعادة و الراحة و الطمئنينة التي تغمر القلب عندما يقوم بعمل خير.. مهما كان بسيط..
و قس على ذلك كل إنسان من موقعه..
الطبيب الذي بيعالج من لا يقدر على مصاريف العلاج مجاناً.. وليس فقط هذا بل يعامله بنفس معاملة من دفع ثمن العلاج لأن هذا المريض معه واسطة ان صح التعبير.. انه عبد من عباد الله..
الغني الذي يوسع على الناس اللذين من حوله و يحدث بنعمة الله بأن يعطيهم منها و ويشركهم فيها
النماذج كثيرة لا تُعد وليس من يقوم بالخير سيشعر بالسعادة ولكن حتى الذي سيسمع عنه سيسعد ويستبشر خيرا ويحاول مجاراته
هل تريد العيش في الجنة وأنت على قيد الحياة؟.. اخدم الناس.. ارحم الضعيف.. عالج المريض.. أطعم الفقير.. اكفل اليتيم..
ـــــــــــــــــــــ»»»» الخلاصة..
” فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا” سورة الكهف 110
لكن ياترى الانسان اللي ربنا أنعم عليه.. فعظم هذه النعمة.. و قدرها.. و حمد الله و شكره قلباً.. و قولاً.. و فعلاً.. و بقى يخدم عباد الله شكراً لله على نعمائه.. هل تخيلتم تلك الوقفة كيف ستكون؟؟؟
نقطة تانية مهمة جدا... وهي ان بقاء النعمة و استمرارها و حفظها.. مرتبط بشكرها..
الشكر.. قيد النعم..
“لئن شكرتم لأزيدنكم” ..
ربنا أنعم عليك بنعمة ما؟.. وتريد للنعمة أن تستمر ولا تُسلب منك؟.. أدي شكرها..
و اعلم..
“إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ” ( سورة الرعد الآية : 11 )
اللهم ماكان من خطإ فمني ومن الشيطان وماكان صائبا فبتوفيقك وجزيل نعمائك
والله أعلم
اخوكم
Kais Abdelkhalek