***********فضل الذكر المضاعف**********
الحمد لله ونصلي ونسلم على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ومن اتبعه باحسان الى يوم الدين.
ورد في السنة النبوية بعض الأذكار الشرعية التي لها أجر مضاعف:
أولًا:
روى (مسلم: [2726]) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ جُوَيْرِيَةَ رضي الله عنها: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا بُكْرَةً حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ، وَهِيَ فِي مَسْجِدِهَا، ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ أَضْحَى، وَهِيَ جَالِسَةٌ، فَقَالَ: «مَا زِلْتِ عَلَى الْحَالِ الَّتِي فَارَقْتُكِ عَلَيْهَا؟»، قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ مُنْذُ الْيَوْمِ لَوَزَنَتْهُنَّ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، عَدَدَ خَلْقِهِ وَرِضَا نَفْسِهِ وَزِنَةَ عَرْشِهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ».
قال القاري رحمه الله: "«لَوَزَنَتْهُنَّ» أَيْ: لَتَرَجَّحَتْ تِلْكَ الْكَلِمَاتُ عَلَى جَمِيعِ أَذْكَارِكِ، وَزَادَتْ عَلَيْهِنَّ فِي الْأَجْرِ وَالثَّوَابِ، أَوْ لَسَاوَتْهُنَّ، أَيْ: سَاوَتْهُنَّ، أَوْ غَلَبَتْهُنَّ، وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّهَا كَلِمَاتٌ كَثِيرَةُ الْمَعْنَى؛ لَوْ قُوبِلَتْ بِمَا قُلْتِ لَسَاوَتْهُنَّ" انتهى من (مرقاة المفاتيح: [4/1595]).
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى: "تفضيل «سبحان الله وبحمده، عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته» على مجرد الذكر بـ [سبحان الله] أضعافًا مضاعفة، فإن ما يقوم بقلب الذاكر حين يقول: «سبحان الله وبحمده عدد خلقه» من معرفته وتنزيهه وتعظيمه، من هذا القدر المذكور من العدد: أعظم مما يقوم بقلب القائل: [سبحان الله] فقط.
وهذا يسمى الذكر المضاعف، وهو أعظم ثناء من الذكر المفرد، فلهذا كان أفضل منه، وهذا إنما يظهر في معرفة هذا الذكر وفهمه، فإن قول المسبح «سبحان الله وبحمده عدد خلقه»: يتضمن إنشاء وإخبارًا عما يستحقه الرب من التسبيح عدد كل مخلوق كان، أو هو كائن، إلى ما لا نهاية له.
فتضمن الإخبار عن تنزيهه الرب وتعظيمه، والثناء عليه هذا العدد العظيم، الذي لا يبلغه العادون، ولا يحصيه المحصون، وتضمن إنشاء العبد لتسبيحٍ هذا شأنُه، لا أن ما أتى به العبد من التسبيح هذا قدره وعدده، بل أخبر أن ما يستحقه الرب سبحانه وتعالى من التسبيح: هو تسبيح يبلغ هذا العدد، الذي لو كان في العدد ما يزيد، لذكره" انتهى من (المنار المنيف، ص: [34]).
ثانيًا:
روى هذا الحديث النسائي في (الكبرى: [9916]) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ وَجُوَيْرِيَةُ جَالِسَةٌ فِي الْمَسْجِدِ، ثُمَّ رَجَعَ حِينَ تَعَالَى النَّهَارُ فَقَالَ: «لَمْ تَزَالِي فِي مَجْلِسِكَ؟»، قَالَتْ: نَعَمْ قَالَ: «لَقَدْ قُلْتُ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ، ثُمَّ رَدَّدْتُهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ لَوَزَنَتْهَا: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، عَدَدَ خَلْقِهِ، وَرِضَى نَفْسِهِ، وَزِنَةَ عَرْشِهِ، وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ».
وفي رواية للنسائي أيضًا في (الكبرى: [9917]) بلفظ: «سُبْحَانَ اللهِ عَدَدَ خَلْقِهِ، سُبْحَانَ اللهِ زِنَةَ عَرْشِهِ، سُبْحَانَ اللهِ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَذَلِكَ» وصحّحه الألباني في (صحيح الترغيب: [1574]).
ورواه أيضًا: (الكبرى: [9918]) ولفظه: «سُبْحَانَ اللهِ عَدَدَ خَلْقِهِ، أَعَادَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، سُبْحَانَ اللهِ رِضَى نَفْسِهِ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، سُبْحَانَ اللهِ زِنَةَ عَرْشِهِ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، سُبْحَانَ اللهِ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ».
وذكره المنذري في (الترغيب والترهيب: [2/285]) من رواية النسائي بلفظ: «سبحان الله وبحمده ولا إله إلا الله والله أكبر عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته» (وصحّحه الألباني في صحيح الترغيب: [1574]).
ثالثًا:
روى (ابن حبان: [830]) عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِهِ وَهُوَ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ، فَقَالَ: «مَاذَا تَقُولُ يَا أَبَا أُمَامَةَ؟»، قَالَ: أَذْكُرُ رَبِّي، قَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكَ بِأَكْثَرَ أَوْ أَفْضَلَ مِنْ ذِكْرِكَ اللَّيْلَ مَعَ النَّهَارِ وَالنَّهَارَ مَعَ اللَّيْلِ؟ أَنْ تَقُولَ: سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ مِلْءَ مَا خَلَقَ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا فِي الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ مِلْءَ مَا فِي الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا أَحْصَى كِتَابُهُ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ كُلِّ شَيْءٍ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ مِلْءَ كُلِّ شَيْءٍ، وَتَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ مِثْلَ ذَلِكَ» وحسّنه الألباني في (الصحيحة: [2578]).
ورواه (أحمد: [22144]) ولفظه: «مَنْ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِلْءَ مَا خَلَقَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَدَدَ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِلْءَ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَدَدَ مَا أَحْصَى كِتَابُهُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِلْءَ مَا أَحْصَى كِتَابُهُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَدَدَ كُلِّ شَيْءٍ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِلْءَ كُلِّ شَيْءٍ، وَسُبْحَانَ اللهِ مِثْلَهَا ؛ فَأَعْظِمْ ذَلِكَ» وصحّحه محققو المسند.
ورواه الطبراني في (الكبير: [8122]) ولفظه: «أَلَا أُخْبِرُكَ بِشَيْءٍ إِذَا قُلْتَهُ، ثُمَّ دَأَبْتَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَمْ تَبْلُغْهُ؟ تَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ عَدَدَ مَا أَحْصَى كِتَابُهُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَدَدَ مَا فِي كِتَابِهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَدَدَ مَا أَحْصَى خَلْقُهُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا فِي خَلْقِهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِلْءَ سَمَاوَاتِهِ وَأَرْضِهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَدَدَ كُلِّ شَيْءٍ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِلْءَ كُلِّ شَيْءٍ، وَتُسَبِّحُ مِثْلَ ذَلِكَ وَتُكَبِّرُ مِثْلَ ذَلِكَ» وحسَّنه المنذري، وصحّحه الألباني لغيره.
فهذه كلها سياقات واردة في هذا اللون من الذكر، ولكن بعضها أثبت من بعض، والأفضل في مثل ذلك: أن ينوع الذاكر، يذكر هذا تارةً، ويذكر هذا تارة.
______________
المصدر: موقع الاسلام سؤال وجواب