أدلة نجاسة الدم والإجماع عليه
يقول الشوكاني : النجاسات تحتوي على : 1. غائط وبول البشر ما عدا بول الصغير الذكر . 2. لعاب الكلب . 3. الروث والغائط . 4. دم الحيض . 5. لحم الخنزير . وغير هذه فهو غير نجس ، حتى وإن كان قذرا في نظر الإنسان ؛ لأنه لا دليل على تحريمها من القرآن والحديث ما عدا أكلها . وسؤالي هو : ما هي الأدلة على نجاسة دم الإنسان والحيوان وميتة الحيوان ؟ وما هو القول الصحيح في هذا الشأن ، بما أن كل الآراء يصرح أصحابها أنها مستنبطة من القرآن والحديث ؟ وأيها أتبع ؟
الحمد لله
الدم السائل نجس باتفاق العلماء ، دل على ذلك أدلة صريحة في الكتاب والسنة ، منها قوله سبحانه وتعالى : ( قُل لاَّ أَجِدُ فِيمَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) الأنعام/145 .
قال الإمام الطبري رحمه الله :
" الرجس : النجس والنتن " انتهى "جامع البيان" (8/53) .
وأما الدليل من السنة الصحيحة : فعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت : ( جَاءَت امرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَقَالَت : إِحدَانَا يُصِيبُ ثَوبَهَا مِن دَمِ الحَيضَةِ كَيفَ تَصنَعُ بِهِ ؟ قَالَ : تَحُتُّهُ ثُمَّ تَقرُصُهُ بِالمَاءِ ثُمَّ تَنضَحُهُ ثُمَّ تُصَلِّي فِيهِ ) رواه البخاري (227) ومسلم (291) .
وقد بوب عليه البخاري ( باب غسل الدم ) ، كما بوب عليه النووي ( باب نجاسة الدم وكيفية غسله ) ، والحديث وإن جاء في دم الحيض ، إلا أنه لا فرق بين دم وآخر ، فالدم كله جنس واحد ، من أي محل خرج .
وهذا الحكم لا اختلاف فيه بين العلماء من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة .
سئل الإمام أحمد عن الدم وقيل له : الدم والقيح عندك سواء ؟
فقال : الدم لم يختلف الناس فيه ، والقيح قد اختلف الناس فيه " انتهى "شرح عمدة الفقه" لابن تيمية (1/105) .
ويقول الإمام النووي رحمه الله :
" الدلائل على نجاسة الدم متظاهرة ، ولا أعلم فيه خلافا عن أحد من المسلمين ، إلا ما حكاه صاحب الحاوي عن بعض المتكلمين أنه قال : هو طاهر ، ولكن المتكلمين لا يعتد بهم في الإجماع والخلاف على المذهب الصحيح الذي عليه جمهور أهل الأصول من أصحابنا وغيرهم لا سيما في المسائل الفقهيات " انتهى "المجموع" (2/576) .
وقد نقل إجماع العلماء على نجاسة الدم كله جماعة كبيرة من أهل العلم ، سبق ذكر الإمام أحمد ، والنووي ، ومنهم ابن حزم في "مراتب الإجماع" (ص/19) ، وابن عبد البر في "التمهيد" (22/230) ، والقرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (2/210) ، وابن رشد في "بداية المجتهد" (1/79) ، وابن حجر في "فتح الباري" (1/352) وغيرهم .
فالأَوْلى - في مقتضى الشرع والعقل - اتباع هذا القول الذي تواتر العلماء على نقله وتقريره ، فهو قول مبني على النص الصريح للكتاب والسنة ، وتقرير الشوكاني ومن تبعه في طهارة الدم قول مرجوح مخالف للدليل والإجماع ، فلا ينبغي جعله مثارا للحيرة والاضطراب ، كما لا يجوز الظن بأن العلماء يجمعون في مسألة ولا يكون لهم فيه دليل صحيح صريح ، كما يظن بعض طلبة العلم في مسألة نجاسة الدم وغيرها من المسائل .
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب