سورة البقرة
الايات من (٢٦-٢٩)
الفَوائِد التَّربويَّة:
1- المؤمِن لا يمكن أن يُعارِض ما أنزل الله عزَّ وجلَّ بعقله؛ لقوله تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ .
2- أنَّ إضلال مَن ضَلَّ راجع إلى وجود العِلَّة التي كانت سببًا في إضلال الله العبد؛ لقوله تعالى: وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الفَاسِقِينَ .
3- في قوله تعالى: الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ [البقرة: 27]، التَّحذير من نقْض عهد الله من بعد ميثاقِه؛ لأنَّ ذلك يكون سببًا للفِسق .
الفوائد العلميَّة واللَّطائف:
1- في قوله تعالى إِنَّ اللهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا، دلالةٌ على رحمة الله تعالى بعبادِه حيث يُقرِّر لهم المعاني المعقولة بضَرْب الأمثال المحسوسة؛ لتتقرَّرَ تلك المعاني العظيمة في عقولِهم .
2- أنَّ القياس حُجَّة؛ لأنَّ كلَّ مَثَل ضربه الله في القرآن، فهو دليلٌ على ثبوت القياس .
3- إثبات الرُّبوبيَّة الخاصَّة؛ لقوله تعالى: مِنْ رَبِّهِمْ.
4- أنَّ دَيدنَ الكافرين الاعتراضُ على حُكم الله، وعلى حِكمة الله؛ لقوله تعالى: وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللهُ بِهَذَا مَثَلًا (23) .
5- كثرة الضُّلَّال وكثرة المهديِّين، بالنَّظر إلى كلِّ واحد من القبيلين على حدة، لا بالقياس إلى مُقابليهم؛ فإنَّ المهديِّين قليلون بالإضافةِ إلى أهل الضَّلال، كما قال تعالى: وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ
6- أنَّ الموت يُطلَق على ما لا رُوحَ فيه، وإن لم تسبقْه حياةٌ .
7- أنَّ الجنين لو خرَج قبل أن تُنفَخ فيه الرُّوح، فإنَّه لا يثبت له حُكم الحيِّ؛ ولهذا لا يُغَسَّل، ولا يُكفَّن، ولا يُصلَّى عليه، ولا يَرِث، ولا يُورث .
8- أنَّ الأصل الحِلُّ في كلِّ ما في الأرض من أشجار، ومياه، وثمار، وحيوان، وغير ذلك؛ وهذه قاعدة عظيمة، وتمَّ تأكيدُ هذا العموم بقوله تعالى: جَمِيعًا .
9- كمال خَلْق السَّموات؛ لقوله تعالى: فسوَّاهنَّ .
10- في قوله تعالى: ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ إثباتُ الأفعالِ لله تعالى، كالاستواءِ.
بلاغة الآيات:
1- قوله: يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا فيه لَفٌّ ونَشْر ؛ لأنَّه لَمَّا تقدَّم ذِكر المثل، وذكَر بعده الفريقين، عقَّبه ببيان أنَّه يُضلُّ به قومًا، ويَهدي به آخَرين .
2- قوله: فَأَمَّا الذين فأمَّا حرف فيه معنى الشَّرط، وفائدته في الكلام أن يُعطيَه فَضْلَ توكيد .
3- قوله: يُوصَل بناء يوصل لِمَا لم يُسمَّ فاعله أبلغُ من بِنائه لِمَا سُمِّي فاعله؛ لأنَّه يَشمل ما أمَر الله بأن يَصِلوه هم، أو يصِله غيرُهم .
4- قوله: بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا، وفَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا... وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا، ويُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً، ووَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ اللهُ بِهِ أَن يُوصَلَ فيها طِباق، ومُقابَلة- وهي تعدُّد الطِّباق في الكلام . وفائدته: إبراز المعنى وتوضيحه بذِكر الشَّيء وضِده، وهو من محاسِن البيان.
5- قوله: الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ جاء ترتيب هذه الصِّلات في غاية من الحسن؛ لأنَّه قد بدأ أولًا بنقض العهد، وهو أخصُّ هذه الثَّلاث، ثم ثنَّى بقَطْع ما أمر الله بوصْله، وهو أعمُّ من نقْض العهد وغيره، ثم أتى ثالثًا بالإفساد الذي هو أعمُّ من القَطع، وكلُّها ثمرات الفِسق .
6- في قوله: الفَاسِقُونَ أتى باسم الفاعل (فاسقون) صِلةً للألف واللام- والتقدير: الذين فسَقوا-؛ ليدلَّ على ثبوتهم في هذه الصِّفة، فيكون وصف الفِسق لهم ثابتًا، وتكون النتائج عنه متجددة متكرِّرة، فيكون الذمُّ لهم أبلغَ؛ لجمعهم بين ثبوت الأصل وتجدُّد فروعه ونتائجه .
7- قوله: كَيْفَ تَكْفُرُونَ
استفهام عن حال، وصَحِبه معنى التقرير والتوبيخ، أو صحِبه الإنكارُ والتعجُّب؛ فخرَج عن حقيقةِ الاستفهام، وإنكار الحال بـ(كيف) يستلزم إنكارَ الذَّات ضرورةً، وهو أبلغُ .
تَكْفُرُونَ: فيه التفات؛ لأنَّ الكلام قبلُ كان بصورة الغَيبة، وهنا بصيغة الخِطاب، ومن فوائده هنا: أنَّ الإنكار إذا توجَّه إلى المخاطَب كان أبلغَ من توجُّهه إلى الغائب؛ لجواز أنْ لا يصلَه الإنكار، كما أنَّ الإنكار على المخاطَب أردعُ له عن أن يقَعَ فيما أُنكر عليه .