سورة البقرة
الايات من (٣٠-٣٣)
الفَوائِد التربويَّة:
1- في قوله تعالى: فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ، جوازُ امتحانِ الإنسان بما يدَّعي أنَّه مُجيدٌ فيه .
2- جواز التحدِّي بالعبارات التي يكون فيها شيءٌ من الشدَّة؛ لقوله تعالى: أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ .
3- في قوله تعالى: أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، إشارةٌ إلى تقرير المخاطَب بما لا يُمكنه دفعُه .
4- عمومُ عِلم الله عزَّ وجلَّ، وأنَّه يتعلق بالمُشاهَد، والغائِب، وأنَّ الله تعالى عالِم بما في القلوب، سواء أُبدِي أم أُخفي، وهذه المعرفة تَزرع في القلب خشيةَ الله تبارك وتعالى .
الفوائد العلميَّة واللَّطائف:
1- دلَّ قوله تعالى: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً على أنَّه يَعلم أنَّ آدَمَ يَخرُج من الجَنَّة؛ فإنَّه لولا خروجُه من الجنة لم يَصِرْ خليفةً في الأرض، فإنَّه أمَرَه أن يسكُن الجنة ولا يأكل من الشجرة، ونهاه عن طاعة إبليس، وقد علِم قبل ذلك أنه يخرج من الجنَّة، وأنَّه إنَّما يخرُج منها بسبب طاعته إبليسَ، وأكْله من الشَّجرة؛ ولهذا قال مَن قال من السَّلف: إنَّه قدَّر خروجه من الجنة قبل أن يأمُرَه بدخولها بقوله: إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً .
2- في قوله تعالى: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ إثباتُ القول لله عزَّ وجلَّ، وأنَّه بحَرْف، وصوت؛ وهذا مذهبُ السَّلَف الصَّالح .
3- في قوله تعالى: قَالَ يَاآدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ، جاء ابتِداء خِطاب آدَم بندائه مع أنَّه غيرُ بعيد عن سماع الأمْر الإلهيِّ؛ للتنويه بشأن آدَم، وإظهار اسمه في الملأ الأعلى؛ حتى ينالَ بذلك حُسنَ السُّمعة، مع ما فيه من التكريم عند الآمِر؛ لأنَّ شأن الآمِر والمُخاطِب إذا تَلطَّفَ مع المُخاطَب أن يَذكُرَ اسمَه ولا يَقتصرَ على ضمير الخطاب؛ حتى لا يساويَ بخِطابِه كلَّ خِطاب، ومنه ما جاء في حديث الشَّفاعة بعد ذِكر سجود النبيِّ وحمْدِه اللهَ بمحامدَ يُلهمه إيَّاها، فيقول: ((يَا مُحمَّدُ، ارفعْ رأسك، سَلْ تُعطَ، واشفعْ تُشفَّع)) .
بلاغة الآيات:
1- في قوله: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ
إسنادُ القول إلى الربِّ في هذا المقام في غايةٍ من المناسَبة والبيان .
وفيه التفاتٌ بتنويع الخِطاب، بخروجه من الخِطاب العام إلى الخِطاب الخاص .
2- في قوله: وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ
عبَّر بالجُملة الاسميَّة؛ لإفادة الدَّلالة على الدَّوام والثَّبات، أي: هو وصفُهم الملازم لجِبلَّتهم .
وتقديمُ المسنَد إليه نَحْنُ على الخبَر الفِعلي نُسَبِّحُ دون حرْف النَّفي، يحتمل أن يكون للتَّخصيص، بحاصل ما دلَّت عليه الجملةُ الاسميَّة من الدَّوام، أي: نحن الدَّائمون على التَّسبيح والتقديس دون هذا المخلوق .
قوله: لَا عِلْمَ لَنَا النَّكرة فيه مبنيَّة مع (لا)، والنكرة لا تُبنَى على الفتح مع (لا) إلَّا إذا كانت (لا) لنفي الجِنس، فهي نكرةٌ في سياق النفي فتعم، والمعنى: أنَّهم نفَوا جِنسَ العلم من أصله عن أنفسهم، إلَّا شيئًا علَّمهم الله سبحانه إيَّاه، وهؤلاء الرُّسل الكرام عليهم صلواتُ الله وسلامُه- مع ما أعطاهم الله من العِلم والمكانة - يقولون: إنَّهم لا يعلمون من الغيب إلَّا ما علَّمهم الله .
3- قوله: فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فيه وضع للمُظهَر بِأَسْمَائِهِمْ موضع الضمير (بها)؛ لبيان شأنه، والاهتمام به .