" لوط -عليه السلام - ( الجزء الثاني ) "

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

أما بعد:،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نستكمل ما بدأناه فى الجزء الأول من قصة نبي الله لوط - عليه السلام -

"لوط - عليه السلام - ( الجزء الأول ) "

بلغ لوط - عليه السلام - بيته هو وضيوفه ولم يكن يعلم احد

من القرية بقدوم هؤلاء الضيوف سوى امرأته وبناته ، وحمد الله لوط على ذلك .

حين رأت امرأة لوط - عليه السلام - هؤلاء الضيوف جن جنونها

ماذا تفعل لتخبر قومها ؟! أنه صيد ثمين ، وستكون منزلتها عندهم كبيرة ... !!

فأشعلت امرأة لوط - عليه السلام - ناراً ليعلم أهل القرية بالخبر ، ثم تسللت إلى قومها

في ناديهم لتخبر من لم يروا النار التى اشعلتها ، فقالت لفوج منهم : إنى رأيت رجالاً لم أرى

احسن منهم وجوهاً وهم عند لوط الأن وبناته يعدون الطعام لهم ؛ فهلموا قبل فوات الأوان !

ثم أنتقلت لآخرين وقالت لهم :إن لوطاً قد أضاف الليلة فتية ً ما رؤي مثلهم جمالاً ولا أطيب رائحة !

فجاء القوم على الفور مسرعين ( وجاءه قوُمه يهرعون إليه ) سورة هود الآية :78

فخرج سيدنا لوط - عليه السلام - إلى قومه فطالبوه بالرجال الثلاثة

فقال لهم : ( فاتقوا الله ولا تخزونِ في ضيفي اليس منكم رجل رشيد ) ؟!

( سورة هود : الآية 78 )

وحاول قدر طاقته أن يحمى ضيوفه ودخل لوط - عليه السلام - غاضباً واغلق باب بيته

ووضع المزلاج في الباب ووقف يستمع إلى الضحكات والضربات تنهال على الباب .

وقف لوط - عليه السلام - يرتعد وراء الباب حزناً وأسفا ، والضيوف الثلاثة يجلسون هادئين صامتين.

يحف بهم جو من الجلال ، ودهش لوط بينه وبين نفسه من هدوئهم ، وزاد احساسه

بالالم لأنهم وثقوا به واطمأنوا إليه ، لا يعرفون أنه غير قادر على حمايتهم

وازدادت ضربات القوم على الباب وصرخ لوط - عليه السلام - فى لحظة يأس خانق

(( قال لو أن لى بِكم قوة ً أو أوى إلى ركنٍ شديد ) ) سورة هود : الآية : 80

وغاب عن لوط - عليه السلام - فى كربته وشدته أنه يأوي إلى ركن شديد

هو ركن الله الذي لا يتخلى عن اوليائه كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

وهو يتلو هذه الآية : " رحمة الله على لوط لقد كان يأوى إلى ركن شديد ."!

( متفق عليه )

وعندما ضاقت وأستحكمت حلقاتها وبلغ الكرب أشده ..

كشف الرسل للوط - عليه السلام - عن الركن الشديد الذي ياوى إليه :

( قالوا يا لوط إنا رُسُل ربك لن يصلوا إليك ) هود : 81

لا تجزع يا لوط ولا تخف نحن من الملائكة ، واندفع الأعصار المحموم داخل بيت لوط - عليه السلام -

نهض جبريل - عليه السلام - واشار بيده اشارة سريعة ، ففقد القوم ابصارهم

وراحوا يتخبطون داخل الجدران فخرجوا من البيت وهم يظنون أنهم يدخلونه

قال سبحانه وتعالى :( ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابى ونذر *

ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر ) سورة القمر 37 : 38

والتفتت الملائكة إلى لوط - عليه السلام - وأوصوه ان يصحب أهله أثناء الليل

وسيسمعون اصواتاً مروعة تزلزل الجبال ، ولا يلتفت منهم أحد ، كي لا يصيبه

ما يصيب القوم .. سبحان الملك الجبار سبحانه

اى عذاب هذا ؟! يكفى لوقوعه بالمرء مجرد النظر اليه ؟!

وأفهموه أن امراته كانت من الغابرين أن امراته كافرة مثلهم ، وستلتفت خلفها

فيصيبها ما اصابهم وأخبروه ان موعدهم الصبح (أليس الصبح بقريب ) ؟! سورة هود :81

وهذا كله موجود بالقرآن الكريم ، والجديد الذى لم يذكر فى القرآن ان الذى نجا من اهله من عذاب الله

بناته الثلاث فسار بأهله إلى الشام فماتت ابنته الكبرى أثناء مسيره فى ارض الشام

فأخرج الله عين ماء يقال لها : الورية ، ثم انظلق مبتعدا عن ديار المعذبين فماتت الصغرى

وخرج فى المكان الذي توفيت فيه عين ماء تدُعى : الرعزية ، ولم يبقى من بناته

معه إلا ابنته الوسطى . ( صحيح القصص النبوي : ص 65 )

( فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود "

مسومة عند ربك وما هى من الظالمين ببعيد ) سورة هود : 82: 83

قال العلماء : أقتلع جبريل - عليه السلام - بطرف جناحه مُدنهم السبع من قرارها البعيد

رفعها جميعاً إلى عنان السماء حتى سمعت الملائكة فى السماء أصوات ديكتهم

ونباح كلابهم ، ثم قلب المدن السبع وهوى بها فى الأرض ، واثناء السقوط

كانت السماء تمطرهم بحجارة من الجحيم معلمة بأسمائهم كل واحد منهم يصيبه

حجره الخاص فيهلكه فوراً ونُكست المدن على رؤوسها ، وغارت فى الارض

حتى أنفجر الماء من الارض.

ويقال ان امرأة لوط مكثت مع قومها ، ويقال أنها خرجت مع زوجها وبناتها

ولكنها لما سمعت الصيحة التفتت إلى قومها وخالفت امر ربها قديما وحديثاً

وقالت : واقوماه ! فسقط عليها حجر فدمغها والحقها بقومها

يقول تعالى : ( فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين * فما وجدنا فيها غير بيت

من المسلمين * وتركنا فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم )

( سورة الذاريات : 35 : 37 )

إنها آية باقية لم تندثر يؤكد ذلك قول الله سبحانه وتعالى :

( وإنها لبسبيل ٍ مثقيم ) سورة الحجرالأية 76

أى بطريق مسلوك إلى الأن ، وقوله تعالى :( وإنكم لتمرون عليها مصبحين*

وبالليل أفلا تعقلون ) سورة الصافات ك 137 : 138

يعنى أنها ظاهرة ، قال العلماء مكان المدن السبع بحيرة غريبة ماؤها اجُاج مالح

وكثافة الماء أعظم من كثافة مياه البحر المالحة ، وفى هذه البحيرة صخور معدنية ذائبة

توحى بأنها الحجارة التى ضُرب بها قوم لوط كانت شهباً مشتعلة ، ويقال :

أن البحيرة الحالية التى نعرفها بإسم ( البحر الميت ) هى مدن قوم لوط السابقة .

نسأل الله العفو والعافية وبذلك حاولت الإختصار قدر المستطاع

نسأل الله ان يعلمنا ما جهلنا وينفعنا بما علمنا

فهوولى ذلك والقادر عليه

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

» سليمان -عليه السلام (الجزء الثاني)
» الجزء الثاني من قصة موسى عليه السلام
» "لوط - عليه السلام - ( الجزء الأول ) "
» سليمــــــــان -عليه السلام- (الجزء الأول )
» نبى الله موسى عليه السلام { الجزء اﻷول }