مواجهة موسى عليه السلام لفرعون :
27- دخل موسى ومعه أخوه هارون على فرعون في قصره دَعَواه إلى عبادة الله وحده لا شريك له في الألوهية والدخول في دين الإسلام وبلّغاه ما أرسلا به ، وأن يُرسل معهما بني إسرائيل ويتركهم يعبدون الله تعالى وحده ، وتصاعد الحوار بين فرعون وموسى وهاج فرعون على موسى وثار، وأنهى الحوار معه بالتهديد الصريح قائلاً (لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِين) .
28- بدأ موسى الإقناع بأسلوب جديد ، وهو إظهار المعجزة (قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُّبِينٍ( فهو يتحدى فرعون ، ويحرجه أمام ملأه ، فلو رفض فرعون الإصغاء ، سيظهر واضحا أنه خائف من حجة موسى ، فقال له فرعون (فَأْتِ بِهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) ألقى موسى عصاه في ردهة القصر ، لم تكد العصا تلمس الأرض حتى تحولت إلى ثعبان مبين أي عظيم الشكل في الضخامة والهول ، ثم أدخل يده في جيبه وأخرجها فإذا هي تتلألأ نوراً يُبهر الأبصار.
29- أراد فرعون أن يثير مخاوف رجال دولته ويحرّضهم ضد موسى لهذا صرخ : أن موسى ساحر يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره ، فماذا ترون ؟ . فأشاروا أن يرد على سحرموسى بسحر مثله ، فيجمع السحرة لتحدي موسى وأخاه ، وليجعل بيننا وبينه موعداً ، فأجاب موسى ليكن موعدنا يوم العيد في الضحى من أجل أن يشهد شعب مصر ذلك
تحدي السحرة لموسى :
30- بدأت حركة إعداد الجماهير وتحميسهم ليراقبوا فوزالسحرة وغلبتهم على موسى ، أما السحرة فقد ذهبوا لفرعون ليطمئنون على الأجر والمكافأة إن غلبوا موسى ، فيعدهم فرعون بما هو أكثر من الأجر ، يعدهم بأنهم سيكونوا من المقربين إليه .
31- حضر موسى وأخاه هارون عليهما السلام ، وحضر السحرة وفي أيديهم كل ما أتقنوه من ألعاب وحيل ، وبدءوا بتخييرموسى : (إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى) وتتجلى ثقة موسى عليه السلام واستهانته بالتحدي فقال لهم : (بَلْ أَلْقُوا) فرمى السحرة عصيهم وحبالهم (وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ) وسحروا أعين الناس واسترهبوهم وإذا بهذه الحبال والعصي يخيل للناس الحاضرين أنها حيات وثعابين تتحرك وتسعى .
32- أوجس نبي الله موسى عليه السلام في داخل نفسه خيفة ، حيث خاف على الناس أن يُفتنوا بسحر السحرة قبل أن يلقي ما في يده ، ولكن الله سبحانه وتعالى ثبّته أمام هذا الجمع الزاخر من السحرة وأوحى إليه أن (لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَى) وأمره تعالى أن يلقي عصاه التي كانت في يده ، فلما ألقاها عليه السلام إذا هي تنقلب إلى حية حقيقية عظيمة ، وأقبلت هذه الحية على ما ألقاه السحرة من الحبال والعصي والتي خُيّل للناس الحاضرين أنها حيات تسعى فجعلت تلقفه وتبتلعه واحداً تلو الآخر والناس ينظرون إليها متعجبين لهول ما رأوا أمامهم .
سجود السحرة وإيمانهم برب العالمين :
33- عندما رأى السحرة ما فعله موسى وكيف تحولت العصا إلى ثعبان حقيقي يبتلع العصيّ والحبال خشعوا لله ، وأدركوا أن موسى ليس ساحراً ، إنه رسول من الله ربّ العالمين ، لهذا سجد السحرة جميعاً لله ، سجدوا وهتفوا من كلّ قلوبهم : (قَالُواْ آمَنَّا بِرِبِّ الْعَالَمِينَ*رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ ) .
34- كاد فرعون ينفجر من الحقد والغيظ ، إن سجود السحرة لإلهٍ غيره يعني هزيمته أمام موسى ،
إن عرشه في خطر لهذا صرخ بصوت مخيف :أتؤمنون بموسى قبل ان اسمح لكم ، إنني أعرف خدعتكم أن موسى هو الساحر الأكبر الذي علمكم السحر ، سوف أنتقم منكم ، سوف أقتلكم وأصلبكم على جذوع النخيل ، وأجعل منكم عبرة لغيركم .
35- أصبح السحرة في لحظة واحدة مؤمنين بالله أعمق الإيمان فقالوا بصوت واحد :اننا لا نخاف وعيدك وتهديدك ، أنت الذي أجبرتنا على السحر والآن عندما رأينا بأعيننا معجزة موسى ، اكتشفنا أن الرب الحقيقي هو الله ، أما أنت فبشر مثلنا ولن نسجد لك بعد الآن ، فأمر فرعون حراسه أن ينقضوا عليهم ، ونفّذ فرعون الطاغية تهديده ووعيده فصلب هؤلاء السحرة الذين ءامنوا وتابوا وقطّع أيديهم وأرجلهم من خلاف وأعدمهم .
36- تمادى فرعون في تكذيب موسى وإيذاء بني إسرائيل ، فأرسل الله تبارك وتعالى عليهم صنوفاً من البلاء كانت بمثابة إنذار لهم من الله تعالى ليعودوا إلى رُشدهم ، وقد كانوا كلما وقع عليهم العذاب جاءوا إلى موسى يطلبون منه أن يسأل ربه أن يرفع عنهم هذا العذاب ، ويعِدونه بالإيمان وترك إيذاء المؤمنين من بني إسرائيل، فكان موسى عليه السلام يدعو ربه أن يكشف عنهم العذاب ، فإذا كشف الله تعالى عنهم ما نزل بهم من العذاب غدروا بعهدهم واستمروا وعادوا إلى طُغيانهم ، وكانت أظهر هذه الابتلاءات الآيات التسع التي أرسلها الله تعالى على قوم فرعون بسبب كفرهم وطغيانهم .
الآيات التسع التي أرسلها الله تعالى إلى قوم فرعون :
- القحطُ والجدب : وهو الذي عَبَّر عنه القرءان بالسنين ، وهي أعوام الجدب والقحط التي أصابتهم حيث كان لا يُستغل فيها زرع ولا يُنتفع بضرع .
- النقص من الثمرات : وهي قِلة الثمار من الأشجار بسبب الجوائح والعاهات التي كانت تصيبها .
- الطُّوفان : وهو كثرة الأمطار المتلفة للزروع والثمار، وقيل : المراد بالطوفان فيضان نهر النيل عليهم حيث فاض الماء على وجه الأرض ثم ركد فلا يقدرون أن يحرثوا أرضهم .
- الجراد : وقد أرسله الله تبارك وتعالى على قوم فرعون بشكل غير معهود ، فكان يُغطي الخضراء ويحجب ضوء الشمس لكثرته ، وكان لا يترك لهم زرعاً ولا ثماراً ولا شجراً.
- القمل : وهو السوسُ الذي يفسدُ الحبوب ، وقيل : هو القمل المعروف ، وقيل : هو البعوض الذي أقضّ مضاجعهم ولم يُمكنهم من النوم.
- الضفادع : وقد كثرت عندهم حتى نغَّصت عليهم عيشَهم ، حيث كانت تسقط في أطعمتهم وأوانيهم وتقفزُ على فراشهم وملابسهم وملأت بيوتهم .
- الدم : حيث صارت المياه دمًا ، فكانوا لا يستقون من إناء ولا من بئر ولا نهر إلا انقلب إلى دم في الحال بقدرة الله ، وكذلك كانوا لا يستقون من نهر النيل شيئاً إلا وجدوه دماً .
- العصا : وقد تقدم ذكرها أنها كانت من معجزات نبي الله موسى عليه السلام ، حيث انقلبت عندما ألقاها عليه السلام حية حقيقية تسعى بقدرة الله تعالى .
- اليد : وقد تقدم ذكرها أنها من معجزات موسى عليه السلام إذ كان عليه السلام يضع يده في جيبه ثم يخرجها بيضاء تتلألأ نوراً يُبهر الأبصار
قصة قارون مع نبي الله موسى:
37- كان قارون رجلاً من بني إسرائيل رزقه الله ثروة كبيرة ، فغرّته أمواله من الذهب والفضة وراح يتكبّر على غيره ، وكان الناس المؤمنون ينصحونه ألاّ يتكبر ويغترّ بكنوزه ، كانوا يقولون له اشكر الله على ما آتاك ، وأحسن إلى الناس كما احسن الله إليك ، غير أن قارون كان يجيب متكبّراً :
أنني جمعت ثروتي بيدي ، انني أعرف كيف أحصل على المال.
38- ذات يوم ارتدى قارون ثياباً مزركشة بالذهب ، وخرج يتبختر بها أمام الناس ، فقال بعض الفقراء : يا ليت لنا مثل ما اُوتي قارون انه لذو حظ عظيم ، وكان موسى ينصح قارون ويعظه ويقول له : لا تبغ الفساد في الأرض ، ولا تغترّ بأموالك وثروتك .
39- كان قارون يتآمر على نبي الله موسى ، وكان يشيع بين بني إسرائيل إتهامات وإفتراءات باطلة على موسى عليه الصلاة والسلام فدعا الله أن ينتقم من قارون ، فخسف الله به وبقصره الأرض وفي لحظات غاب قارون وقصره وكنوزه وأصبح عبرة لغيره.
خروج بني إسرائيل من مصر وهلاك فرعون :
40- بدا واضحاً أن فرعون لن يؤمن لموسى ، ولن يكف عن تعذيب بني إسرائيل ، فأوحى الله تبارك وتعالى لموسى أن يُخرج بني إسرائيل من أرض مصر ليلاً ويذهب بهم إلى أرض فلسطين ، ولما علم فرعون بخروج موسى عليه السلام ومن معه من بني إسرائيل من مصر، جهز جيشاً كبيراً وتوجّه خلفهم ، فأدركهم في اليوم التالي عند ساحل البحر الأحمر، وهنا شعر بنو إسرائيل بالخطر فالبحر أمامهم وفرعون وجنوده خلفهم يريدون الفتك بهم ، فقالوا لموسى عليه السلام وهم خائفون : إنا لمدركون ، فرد موسى قائلاً : (كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) .
41- في تلك اللحظات المصيرية هبط جبريل عليه السلام ليبلغه أمر السماء :اضرب بعصاك البحر، وتقدّم موسى إلى البحر ثم ضرب بعصاه البحر فتحول إلى نصفين كل نصف كالجبل الشاهق وبينهما واد طويل ، فبدأ بنو إسرائيل في عبور البحر ، وعند ذلك وصل فرعون إلى الشاطئ وشاهد هذه المعجزة ، فأمر جيشه بالتقدم ، وحين انتهى موسى من عبور البحر ، أراد أن يضرب البحر بعصاه ليرجع كما كان عليه حتى لا يسلكه فرعون ، فأوحى الله إليه أن يترك البحر على حاله .
42- بعد أن صار فرعون وجنوده في منتصف البحر، حتى أصدر الله أمره ، فانطبقت الأمواج على فرعون وجيشه ، ووجد فرعون نفسه وسط الأمواج الغاضبة وشعر بذلّه وضعفه فصاح (آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) فسمع فرعون صوتاً يجيبه (آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) وأدرك الفرعون أنه يعيش النهاية البائسة ، وسمع ذات الصوت يخاطبه (فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً) وابتلعت الأمواج فرعون وأخذت تقذف به إلى الساحل بعد أن سحقته.
طلب بعض جهلة بني إسرائيل من موسى عليه السلام أن يجعل لهم إلهاً :
43- بعد أن جاوز نبي الله موسى عليه السلام البحر بمن معه من بني إسرائيل ، أتوا على قوم كافرين يعكفون على أصنام لهم يعبدونها من دون الله عز وجل ، فقال بعض جهلة بني إسرائيل لنبيهم موسى عليه السلام : (اجْعَل لَّنَا إِلَـهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ) ، فغضب موسى عليه السلام غضباً شديداً من كلام هؤلاء وبيّن لهم أن هؤلاء المشركين الذين يعبدون هذه الأصنام التي لا تضر ولا تنفع في هلاك ودمار وعملهم هذا باطل لا يوافق العقل السليم .
رحلة نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام إلى بيت المقدس :
44- أمر الله تعالى نبيه موسى عليه السلام أن يتوجه بالمؤمنين من بني إسرائيل إلى بيت المقدس في فلسطين ، فتوجه بهم موسى عليه السلام حتى إذا كانوا في الطريق عطشوا عطشاً شديداً، فشكوا ذلك إلى نبيهم موسى عليه السلام مُتذمرين وطلبوا منه الماء والسقيا، فأمره الله سبحانه وتعالى أن يضرب الحجر بعصاه ، فلما ضربه بعصاه تفجَّرت منه بقدرة الله تعالى اثنتا عشرة عيناً لكل سبط من أسباطهم عين تجري بالماء العذب الزُّلال يشربون منها.
45- أنزل الله على بني إسرائيل المنّ والسلوى (المن هو يشبه الثلج يهبط من السماء فوق الشجيرات أثناء الليل ، وفي الصباح كانوا يرونه ناصعاً متألقاً فوق الأشجار ، فيجمعونه ، ويتناولونه وله طعم الحلوى الشهية ، وامّا السلوى فهو نوع من الطيور التي تطير على ارتفاع شاهق ، ولكن الله أراد أن يكرم بني إسرائيل فكانت تطير على مقربة وكانت تتساقط أمامهم) وهكذا رزق الله بني إسرائيل الأمن والمياه والطعام ، ولكن كثيراً منهم ضجر وتبرم وقالوا يا موسى لن نصبر على طعام ثابت لا يتغير مع الأيام ، فادع لنا ربك يخرج لنا من نبات الأرض طعامًا من البقول والخُضَر، والقثاء والحبوب فوبخهم موسى وقال لهم اهبطوا من هذه البادية إلى أي مدينة ، تجدوا ما اشتهيتم في الحقول والأسواق.
مواعدة الله لعبده موسى عليه السلام :
46- كانت مواعدة الله لعبده موسى إعداد لنفس موسى ليتهيأ للموقف الهائل العظيم وهو لقاء الله عز وجل ، كانت فترة الإعداد ثلاثين ليلة ، أضيف إليها عشر، فبلغت عدتها أربعين ليلة ، يروض موسى فيها نفسه على اللقاء الموعود ، وينعزل فيها عن شواغل الأرض ، فتصفو روحه وتتقوى عزيمته ، واستخلف في قومه أخاه هارون عليه السلام .
47- كان موسى بصومه أربعين ليلة يقترب من ربه أكثر، فطلب موسى أن يرى الله ، وجاءه رد الحق عز وجل: (قَالَ لَن تَرَانِي وَلَـكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) .
48- ثم تلقى موسى عليه السلام من ربه بشرى الإصطفاء ، مع التوجيه له بالرسالة إلى قومه فقال تعالى : (يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ ) ، فأخذ موسى الألواح وفيها كل شيء يختص بموضوع الرسالة وغايتها من بيان الله وشريعته والتوجيهات المطلوبة لإصلاح حال هذه الأمة .
قصة عبادة بني إسرائيل العجل في غيبة موسى عليه الصلاة والسلام :
49- انتهى ميقات موسى مع الله سبحانه وتعالى ، وعاد غضبان أسفا إلى قومه وهو يحمل ألواح التوراة ، لأن الله أخبره أن السامري أضل قومه ، حيث كان هناك رجل من بني إسرائيل يُدعى السامري ، كان ذلك الرجل قد أخذ قبضة من تراب سار عليه جبريل عليه السلام حين نزل إلى الأرض في معجزة شق البحر وصرّها في منديل ، وعندما ذهب موسى للقاء الله استغل السامري تلك الفرصة ليصنع عجلاً ذهبياً ، فراح يطوف على بني إسرائيل ويجمع منهم الحلي الذهبية والفضية وبعض الجواهر والأحجار الثمينة ، قال لهم السامري انه سيصنع إلهاً يعبدونه كما تفعل سائر الأقوام .
50- صنع السامري عجلاً ذهبياً مجوفا من الداخل ، ووضع التراب الذي احتفظ به في المنديل مع الذهب وهو يصنع العجل ووضعه في اتجاه الريح ، بحيث يدخل الهواء من فتحته الخلفية ويخرج من أنفه فيحدث صوتا يشبه خوار العجول الحقيقية ، ثم وضع العجل فوق صخرة واجتمع بنو إسرائيل ينظرون إليه في خشوع ، وصاح السامري : هذا إلهكم وإله موسى.
51- عندما اكتشف هارون تلك المؤامرة جاء إليهم وحذّرهم وقال لهم : يا قوم انما فتنتم به وأن ربّكم الرحمن ، فاتبعوني وأطيعوا أمري ، يا قوم هذا العجل جماد لا يضر ولا ينفع ، فأصموا آذانهم ورفضوا كلماته ، واستضعفوه وكادوا يقتلونه ، وقالوا له : سوف نستمر في عبادته إلى أن يعود موسى.
عودة موسى عليه السلام بعد لقاء ربه :
52- عاد موسى ( عليه السلام ) يحمل الألواح المقدسة إلى قومه ، ورأى موسى من بعيد قومه يسجدون لعجل ذهبي ، ويتضرعون إليه ، فألقى الألواح بقوّة ، واتجه إلى أخيه هارون ، وأمسك برأسه وجرّه من لحيته وصاح به في غضب :ماذا فعلت يا هارون ؟! لماذا تركتهم يفعلون هذه الأباطيل ؟! هل عصيت أمري يا هارون ؟ قال هارون : لقد نصحتهم ، وقلت لهم انه فتنة لكم ، لقد كادوا يقتلونني ، حاولت أن أفعل شيئاً ولكني خفت أن تقول لي فرّقت بين بني إسرائيل ولم تنتظر رأيي وأمري.
53- التفت موسى إلى السامري : ما خطبك يا سامري ، ما هذا الذي صنعته لبني إسرائيل ، أتريد أن تعيدهم إلى عبادة الأصنام ؟ قال السامري :لقد رأيت أثر الملاك على التراب وأخذت حفنة منه ثم وسوست لي نفسي أن اُلقيه في جوف العجل الذهبي ، قال موسى بغضب :انظر إلى إلهك كيف سأحرقه أمامك ، والتهمت النارالعجل في لحظات.
54- ثم قال موسى للسامري :اذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس، وسوف تحيا بقية عمرك وحيداً ، وأعلن الذين سجدوا من بني إسرائيل للعجل ندمهم وأدركوا ان الله إذا لم يرحمهم ويغفر لهم فسيكونوا من الخاسرين ، وغفر الله لهم.
رفع الجبل فوق بني إسرائيل :
[size=44]55- عاد موسى إلى هدوئه ، واستأنف جهاده في الله ، وقرأ ألواح التوراة على قومه ، وأمرهم في البداية أن يأخذوا بأحكامها بقوة وعزم ، ومن المدهش أن قومه ساوموه على الحق ، قالوا : انشر علينا الألواح فان كانت أوامرها ونواهيها سهلة قبلناها ، فقال موسى : بل اقبلوها بما فيها ، فراجعوا مرارا ، فأمر الله تعالى ملائكته فرفعت الجبل على رءوسهم حتى صار كأنه غمامة فوقهم ، وقيل لهم: إن لم تقبلوها بما فيها سقط ذلك الجبل عليكم ، فقبلوا بذلك ، وأُمروا بالسجود فسجدوا على شقّ وجوههم وجعلوا يلاحظون الجبل وهم سجود فصارت عادة في اليهود أنهم يسجدون عل جانب وجوههم .
[/size]
57- قام موسى عليه السلام يدعو ربه ويسترضيه ويناشده أن يعفو عنهم ويرحمهم، وألا يؤاخذهم بما فعل السفهاء منهم ، فرضي الله عنه وغفر لقومه فأحياهم بعد موتهم .
الى اللقاء مع الجزء الثانى ان شاء الله