وقفات مع الجزء الرابع عشر من القرآن الكريم
سورة الحجر
( ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ) الحجر : 3 ،
قال بعض أهل العلم : ( ذَرْهُمْ ) تهديد ،
وقوله : ( فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ) تهديد آخر ،
فمتى يهنأ العيش بين تهديدين ؟
تفسير البغوي 4/368 .
...................................................................................................................
تدبر قوله تعالى : ( وَإِن مّن شَيْءٍ إِلاّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ ) الحجر :21 ،
فهو متضمن لكنز من الكنوز ،
وهو أن كل شيء لا يطلب إلا ممن عنده خزائنه ،
ومفاتيح تلك الخزائن بيده ،
وإن طلب من غيره طلب ممن ليس عنده ، ولا يقدر عليه ! .
ابن القيم / الفوائد ص : (202 ) .
...................................................................................................................
تأمل قوله تعالى : ( يَإِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاّ تَكُونَ مَعَ السّاجِدِينَ ) الحجر : 32 ،
ففيه : أن تخلف الإنسان عن العمل الصالح وحده أكبر وأعظم .
محمد بن عبد الوهاب / تفسير الشيخ : (189 ) .
...................................................................................................................
قال تعالى عن قوم لوط : ( فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ ) الحجر : 74 ،
هذا من المناسبة بوضوح
، فإنهم لما انقلبوا عن الحقيقة ، والفطرة ،
ونزلوا إلى اسفل الأخلاق جعل الله أعالي قريتهم سافلها ! .
ابن عثيمين .
...................................................................................................................
عن سفيان بن عيينة قال :
من أعطي القرآن فمد عينيه إلى شيء من الدنيا ،
فقد صغر القرآن
ألم تسمع قوله تعالى :
( وَلَقَدْ ءاتَيْنَـاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْءَانَ الْعَظِيمَ * لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ بِهِ ) الحجر : 87-88 ،
وقوله : ( وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى ) طه :131
يعني : القرآن .
الدر المنثور 8/652 .
...................................................................................................................
( إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ ) الحجر : 95
بك وبما جئت به ،
وهذا وعد من الله لرسوله ، ألا يضره المستهزئون ،
وأن يكفيه الله إياهم بما شاء من أنواع العقوبة ،
وقد فعل تعالى ؛
فإنه ما تظاهر أحد بالاستهزاء برسول الله – صلى الله عليه وسلم – وبما جاء به إلا أهلكه الله وقتله شر قتلة .
ابن سعدي / تفسيره ص 435 .
...................................................................................................................
( وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ(97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ(98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ) الحجر :97-99
النبي – صلى الله عليه وسلم – يسوؤه تكذيب قومه مع علمهم بصدقه
ووضوح أدلته ،
فأرشده الله إلى ما يطرد الهم
، فأمره بخصوص ، ثم عموم ،
ثم أعم :إذ أرشده إلى تسبيح الله ،
ثم إلى أمر أعم من الذكر المجرد وهو الصلاة ،
ثم إلى الإقبال على العبادة بمفهومها الشامل ،
فيالها من هداية عظيمة لو تدبرناها ، وأخذنا بها .
د. محمد الحمد / خواطر : ( 225 ) .
وجب التنويه عن خطأ في آية {لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الحجر : 88]
في الرسالة السابقة
تابع وقفات مع الجزء الرابع عشر من القرآن الكريم
سورة النحل افتتحت بالنهي عن الاستعجال ،
واختتمت بالأمر بالصبر ،
وسورة الإسراء افتتحت بالتسبيح ، وختمت بالتحميد .
السيوطي / مراصد المطالع : ص53 .
...................................................................................................................
من تدبر القرآن تبين له أن أعظم نعم الرب على العبد تعليمه القرآن والتوحيد ،
تأمل : ( الرَّحْمَنُ . عَلَّمَ القُرْآنَ )
فبدأ بها قبل نعمه الخلق ،
وفي النحل – التي هي سورة النعم - :
( يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ ) النحل : 2 ،
فهذه الآية أول نعمة عددها الله على عبادة ؛
لذا قال ابن عيينة :ما أنعم الله على العباد نعمة أعظم من أن عرفهم لا إله إلا الله .
د. محمد بن عبد الله القحطاني .
...................................................................................................................
( وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) النحل :16 ،
تأمل سر تعليق الاهتداء بالنجم ؛
لأن النجوم المرادة ثابتة لا تتغير ، ولا تنكسف ، وضوؤها مستقر لا يختلف لذاتها ،
وإنما لعوامل أخرى ، ومعرفتها أيسر من معرفة منازل القمر ،
وعلى قدر إتقانها تكون الدلالة على الطريق والوصول إلى الهدف ،
فكذلك أدلة المنهج فهي ثابتة مطردة بينة ميسرة ،
وعلى قدر معرفتها والالتزام بها تكون السلامة والوصول إلى الغاية ،
وإلا كان الاضطراب والضلال والهلاك .
أ.د. ناصر العمر .
...................................................................................................................
( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ) النحل : 90 ،
الإحسان فوق العدل ،
وذلك أن العدل هو أن يعطي ما عليه ويأخذ ما له ،
والإحسان أن يعطي أكثر مما عليه ويأخذ أقل مما له ،
فالإحسان زائد عليه ،
فتحري العدل واجب ،
وتحري الإحسان ندب وتطوع ،
ولذلك عظم الله ثواب أهل الإحسان .
الفيروزأبادي / بصائر ذوى التمييز 1/671 .
...................................................................................................................
عن الحسن أنه قرأ هذه الآية : ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ) النحل :90 ،
إلى آخرها ثم قال :
إن الله – عز وجل – جمع لكم الخير كله والشر كله في آية واحدة ،
فو الله ما ترك العدل والإحسان من طاعة الله إلا جمعه ،
ولا ترك الفحشاء والمنكر والبغي من معصية الله شيئاً إلا جمعه .
الدر المنثور 9/103 .
...................................................................................................................
كان لحفصة بنت سيرين ابنٌ عظيم البر بها ،
فمات ،
فقالت حفصة :لقد رزق الله عليه من الصبر ما شاء أن يرزق ،
غير أني كنت أجد غصة لا تذهب ،
قالت فبينا أنا ذات ليلة أقرأ سورة النحل ،
إذ أتيت على هذه الآية : (وَلا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (95) مَا عِنْدَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) النحل :95-96 ،
قالت :فأعدتها ، فأذهب الله ما كنت أجد .
صفة الصفوة 4/25 .
...................................................................................................................
تأمل حكمة الله تقديم الأمن على الطمأنينة في قوله تعالى :
( وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ ءامِنَةً مُّطْمَئِنَّةً ) النحل :112 ،
فالطمأنينة لا تحصل بدون الأمن ،
كما أن الخوف يسبب الانزعاج والقلق ،
وفي قوله : ( فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ )
سر لطيف ؛
لأن إضافة اللباس إلى الجوع والخوف تشعر وكأن ذلك ملازم للإنسان ملازمة اللباس للابسه .
ينظر التحرير والتنوير 13/247 .
...................................................................................................................
" الحنف " ميل عن الضلال إلى الاستقامة ،
كقوله تعالى عن الخليل عليه السلام : ( قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا ) النحل : 120 ،
أما " الجنف " فهو ميل عن الاستقامة إلى الضلال ،
كقوله تعالى في شأن الوصية : ( فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفًا ) البقرة : 182 .
الراغب الأصفهاني / مفردات ألفاظ القرآن 1/269 .
...................................................................................................................
قال تعالى عن إبراهيم : ( شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ ) النحل :121 ،
وقال : ( وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ) لقمان :20 ،
فجمع النعمة في آية النحل قلة ( أنعم ) ؛
لأن نعم الله لا تحصى ،
وإنما يستطيع الإنسان معرفة بعضها وشكرها وهو ما كان من إبراهيم عليه السلام ، فذكر جمع القلة في هذا المقام ،
أما آية لقمان فجمعها جمع كثرة ( نعمهِ )
؛ لأنها في مقام تعداد نعمه وفضله على الناس جميعاً .
د. فاضل السامرائي / التعبير القرآني 40-41 .
تجميع "محبة القرأن "